22 ديسمبر، 2024 3:33 م

ازدواجيات… بلا ديمقراطية!!

ازدواجيات… بلا ديمقراطية!!

تظهر الازمات ان توضيح الواضحات من أصعب الأمور.. في دراسته عن العراق في لعبة الأمم.. ما بعد الحرب الإيرانية.
اتذكر مقوله مهمة للدكتور حامد ربيع.. رحمه الله.. ان الأبعاد الاستراتيجية قادرة على تغيير الثوابت العقائدية..
مقارنة هذا المنظور مع متغيرات الشرق الأوسط.. تؤكد مضامين الازدواجيات.. تبدأ  بمشاركة إيران في الموافقة على الاحتلال الأمريكي للعراق.. ومشاركة الأحزاب من تحت معطف ولاية الفقيه في مؤتمر لندن ثم مجلس الحكم.. وصولا إلى ازدواجيات مواقف المقاومة مقابل الملف النووي الإيراني!!
فيما فشلت واشنطن في تكوين نموذج ديمقراطي عراقي في عقد اجتماعي يلغي نتاج دولة عراق ما بعد سايكس بيكو.. في عراق واحد جديد.. ليكون نتاج هذه الازدواجيات نظام مفاسد المحاصصة والمكونات وامراء عوائل الأحزاب!!
كذلك عملت الدبلوماسية الأمريكية على إعادة تكوين أنظمة عربية ما بعد الربيع العربي  بالقدر الذي حقق أهداف المخابرات المركزية الأمريكية في ان تحارب حركات الإسلام السياسي في دول الربيع العربي من خلال صناديق الاقتراع في المثال التونسي او ساحات التحرير في المثال المصري.. والسبب تصاعد نسبة الفساد ما بين نموذج الزهد في العقائدالإسلامية وحالات الترف التي سارعت قيادات هذه الأحزاب للحصول عليها فور استلامها للسلطة.!!
اما نموذج الازدواجيات الأخطر والابشع فيتجسد في مشاركة بعض الدول الخليجية او صمت الكثير من الحكومات العربية.. والعالم الثالث على همجية العدوان الصهيوني المتواصل منذ طوفان الأقصى حتى اليوم.
في مقابل متغيرات مظاهرات طلابية في بعض الجامعات الأوروبية ضد هذه الهمجية  التي لم يتظاهر طلاب اي جامعة عربية ضدها !!
السؤال… كيف يمكن إعادة قراءة  مضمون فكرة ان الأبعاد الاستراتيجية قادرة على تغيير الثوابت العقائدية؟؟؟
سبق وان كررت القول.. ان عصر الصهيونية العالمية الاول وما ظهر في نتائج مؤتمر بازل ثم اتفاق سايكس بيكو ثم وعد بلفور وصولا إلى اتفاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني.. انما كانت إنجازا مباشرا للفكرة ان الأبعاد الاستراتيجية للمشروع الصهيوني قادرة على تغيير الثوابت العقائدية.. لا سيما للاحزاب الشمولية.. هكذا سقطت الدولة الشيوعية ثم نماذج الدول العربية القومية واليوم تواجه فرضيات الحرب الشاملة الصهيونية على نموذج الإسلام السياسي بمفهومي البيعة والتقليد.. ولعل أغرب ازدواجيات ذلك في نموذج اسقاط نظام بشار الأسد ضمن هذا السياق باستخدام حركة لها طابع عقائدي إسلامي.. ضد نظام وظف موارده ضمن ما عرف  محور المقاومة الإسلامية!!!
واليوم ثمة مخاوف من تداعيات هذه المتغيرات السورية على محور المقاومة الإسلامية بشكل عام وفي العراق بشكل خاص!!
ما الذي يكشفه كل ذلك؟؟؟
اولا.. الصراع العربي الإسرائيلي. كان ويبقى صراعا مع الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية المستعدة للحرب العالميه الثالثه.. فيما الدول العربية والإسلامية.. اغلب انظمتها تستمد البقاء من ذات المصالح المتبادلة مع هذه الدول ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.. التي أعلنت بلا مواربة وفي اكثر من حرب. انها تقف كليا ضد الدول العربية والإسلامية ومع الكيان الصهيوني كليا… بكلمات المنظور الاستراتيجي اي دولة تخالف.. تواجه ما واجهه العراق!!
ثانيا.. حالة الوهن الاستراتيجي بسبب عدم تأسيس وظهور اي عقد اجتماعي للعدالة والانصاف لاي من الدول العربية والإسلامية.. سببت ثغرات اقتصادية واجتماعية.. تلغي ترسيخ نموذج ديمقراطي عربي إسلامي.. ومراجعة التقارير السنوية لمنطمة الشفافية الدولية او برنامج التنمية المستدامة للامم المتحدة.. يؤكد ان حقوق الانسان الإجتماعية والاقتصادية في أغلبية هذه الدول بأنظمة ذات أحزاب قومية او إسلامية او حتى مختلطة برلمانية.. انما تعتمد نظام شخصاني يكون الولاء فيه لقيادات الأحزاب او شخص الرئيس او الملك وليس الدولة.. وهذا الفارق الأساس بين نماذج الحكم في الدول العربية والإسلامية ودول النفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.. حيث يكون الولاء للوطن والدولة بمفهومها الدستوري والقانوني.
ثالثا.. اي صراع مستقبلي او مرتقب.. لابد أن يخضع من العقلاء في اي عملية سياسية لإدارة دولة من قراءة المنظور الاستراتيجي الدولي.. والتخطيط الاستراتيجي الصهيوني المعبر عنه بمصالح الشركات متعددة الجنسيات.. والقوة الأمريكية الحامية لهذه المصالح.. ومن خلال هذه القراءة الموضوعية.. يمكن تكوين وبلورة نماذج من المصالح لدولهم.. هكذا فعلت إيران في نموذج ملفها النووي.. وهكذا فعلت السعودية في نموذج رؤية المملكة ٢٠٣٠.. ومن قبلهما فعله محمد مهاتير في ماليزيا.. وكي يوان في سنغافورة.. وفعلته رواندا.. وكل منهم تعامل مع ثوابته العقائدية بمرونة..
 الدولة الإيرانية تختلف عن قضية الثورة الإيرانية وما يحصل هذه الأيام في المتغيرات المستجدة في الشرق الأوسط واضح وصريح.. مصالح الدولة الإيرانية تتقدم  كليا على عقائدية الثورة حتى في التعامل مع السلطة الجديدة في سوريا…!!
كذلك  ما حصل في السعودية من متغيرات فقط لإلغاء نموذج التشدد الديني وان حمل الملك لقب خادم الحرمين!!
وهذا ما يحصل من قبل قيادات كردية عراقية.. لتطبيق مقولة لا عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بل مصالح دائمة نحو هدف استراتيجي يتمثل في حق الانفصال واعلان دولة كردستان.
السؤال الأهم… كيف يقرا عقلاء قادة الأحزاب السياسية في الإطار التنسيقي.. ومنهم قادة الفصائل المسلحة. كل هذه المتغيرات..؟؟
تساؤلات تبحث عن إجابات.. تقع في تبويب توضيح الواضحات.. لانه من الصعب على العقل العقائدي ان يتعامل مع حسابات استراتيجية خارج منظور الثبات على الولاية العقائدية.. بعدها سيجدون ان هذا العناد في مسك جمرة العقيدة قد استخدم لإنجاز أهداف ما كانت لتتحقق ان لم يكونوا قد تمسكوا بهذه الطريقة.. كما يقول أحدهم في فيديو منشور.. من يريد أن يكون خروفا او ان يكون مقاوما… فيما ما بعد المعركة غير متكافئة.. كيف سيكون الطرح..؟؟
اتمنى الاستفادة كليا من خبرات تاجر السجاد الإيراني.. في دروس  الحسابات الاستراتيجية الوطنية العراقية والعراقية فقط.. فعالم الأمس واليوم والغد. مجرد ازدواجيات بلا ديمقراطية!!!!