تطرقنا في مقال سابق الى الفساد المتفشي في وزارة التربية في عهد وزيرها الحالي محمد تميم، بعد ان بلغت مستويات الفساد حالات مرعبة، وفي حلقة اليوم سنتطرق الى أحد الآفات الخطيرة التي تعشعش في كواليس هذه الوزارة ، في مجال التعيينات للمعلمين والمعلمين والمدرسين والمدرسات وموظفي دوائر وزارة التربية ومديرياتها ، اذ لاتستغرب عزيزي القاري ان تضع وزارة التربية ( تسعيرة ) لمن يرغب التعيين في مدارسها او على ملاكها الاداري، فلكل واحد ( تسعيرة ) خاصة بها ومن يدفع الأكثر سيكون حظه الأوفر في الحصول على مبتغاه، أما من لايدفع فليضرب رأسه بأي حائط أو جدار قريب من جدران وزارة التربية الضخمة ، وليذهب وهو بقية الاف الطلبة الخريجين الى الجحيم!!
وهناك مجموعة ( تسعيرات ) يضعها القائمون من بعض السماسرة في مركز الوزارة من مكتب السيد الوزير أو في ادارات مديريات التربية يعرفها الراسخون في دوائر الفساد الاداري وليس في العلم ، لان الاخيرين لايقبلون ان يضعوا أنفسهم في خانة سماسرة الفساد ، وهم ابعد مايكونوا من الاقتراب من هذه الآفة اللعينة.
عزيزي القاريء .. (تسعيرة التعيينات) في وزارة التربية موزعة بعدالة ، حسب نوع طلب التعيين ومنطقته ونوع الاختصاص، واذا أردت ان تجد التسعيرة البسيطة الاولية فيمكن ان تجدها لدى ( فراشات ) وزارة التربية في مديرياتها الموزعة في مناطق بغداد، وعندهن تجد الخبر اليقين، وهن من يحددن لك ( سعر التعيين ) وهن يسألنك ماذا تريد ان تتعين واين، وكم تدفع ، لكنهن يسارعن لك بالقول ان ان لديهن جدولا بتسعيرة التعيينات تتراوح ما بين 60 ورقة الى 120 ورقة خضراء ، ولايقبل الدفع بالعملة العراقية خشية التزوير ، ولكي لاتنكشف المبالغ الضخمة عند التسليم، فالورقة الخضراء هي المرغوبة وهي من توصلك الى بر الامان، شرط ان يكن لديك ما بين ( دفتر ) من الورق الاخضرأو يزيد ، ليمكن معه ( المساومة ) ، وهي ان ضمنت لها حصة معقولة فستجد لك الطريق السالك الى الموظف المختص، الذي لايريد ان يراك ، واذا ما تعاملت معه على المقسوم، فيقول لك لا اريد ان أراك الى ان يطلع تعيينك في الدائرة او المكان الذي رغبت في العيين به وكلما دفعت له أكثر تضمن الحصول عل تعيين ( نزيه ) وخارج الضوابط.
أما اذا أردت ان تبقى ( قشمرة ) للاسف الشديد فاعتمد على التقديمات العادية عبر وزارة التربية ومديرياتها، حيث ستبقى تقدم لسنوات او ربما لعقود وقد لاتجد مبتغاك اصلا، حتى لو كانت درجاتك عالية، فمعدلات ( الخمسينات ) هي المرغوبة لانها هي من تغري على الدفع وهن اكثر حظوظا في نيل التعيينات، أما الثمانينات والسبعينات فأغسل يداك ..كما يقول المثل العراقي .. سواء غسلته بالصابون او الزاهي، لايهم ، المهم ان تغسل يداك ولا تجرب حظك العاثر بين دهاليز وزارة التربية، الا بعد ان تبحث عن ( الدفاتر ) الخضراء وليس الدفاتر المدرسية ، ففي دهاليز وزارة التربية تجد الفراشات والسماسرة منتشرين ولديهم ( وكلاء ) ويعلمون بسرية عالية ولا يفضحونك الا عندما تقصر معهم في الدفع، وطالما ملأت جيوبهم وافواههم ، فان آمالك من الحصول على تعيين يكون ( مضمونا ) الى حد ما، واذا لم يحالفك الحظ فتذهب مادفعت هباء منثورا، وهو لايعطي لك ضمانات لكنه سيقول لك سأحاول كل جهدي مع اصحاب العلاقة، وكلما اقتربت من مكتب السيد الوزير يكون حظك مضمونا اكثر وآمال الحصول على وظيفة في التربية ممكنا، فلا تبتئس عزيزي القاريء عندما نضع بين يديك ( تسعيرة التعيين ) في وزارة التربية، والتي سنطلعك عليها من خلال ما تعلنه ( الفراشات) و ( السماسرة ) من اعلانات عن المبالغ وكالتالي : 60 – 70 ورقة للتعليم الابتدائي البعيد و70 – 80 للتعيين على التدريس الثانوي البعيد والقريب يتراوح بين ( 90 – 110 ) ورقة ، واذا تساهل معك يأخذ ( 95 ) ورقة مع غداء على حسابك في احد المطاعم الفاخرة لللجوقة الموسيقية التي أسهمت في وصولك الى مبتغاك.
وفي حلقة قادمة نستعرض بقية التسعيرات بعد ان نتأكد من مصادرنا عن مديات الدفع واساليبه فقد تتصاعد الوتيرة بين فترة واخرى، حسب الموازنة السنوية، التي يشكو الكثير من السماسرة والفراشات انها عطلت جهودهن في الحصول على الدفاتر الخضراء وهن يناشد مجلس النواب انقاذ حياتهن بالتصويت على الموازنة كون جيوبهن لم تعد مملوءة كما يجب وان العمارات التي بنينها من التعييات لم تكتمل بعد..وتعيش وتشوف..وتسمع بعد ذلك قصصا أغرب من الخيال.. هي قصص تشبه الف ليلة وليلة ولكن على طريقة الفساد الاداري والمالي، واذا ما ذهب الوزير الحالي وأخرجوه من تشكيلة الوزارة الحالية ، عندها يضع المختصون من السماسرة ( تسعيرة ) جديدة لكنها لن تختلف عن سابقاتها في كل الاحوال.. وتعيش الحكومة!!