22 نوفمبر، 2024 11:10 م
Search
Close this search box.

الدواعش على أشكالها تقع

يبتعد البعض عن الحقيقة بشكل مقصود، غير مُكترث لردود الأفعال وخاصة عندما يلجأ هؤلاء الى التخفي خلف الأسماء المستعارة عند كتابة المقالات أو التعليق عليها. وعلى سبيل المثال السيّد المعلّق الذي أطلق على نفسه إسم (هه ڤال) في تعليق له على مقالي السابق ، (الولاية الثالثة بين ارادة الجماهير وأوهام الإقطاعي الأكبر).

وقد طرح العديد من النقاط التي عبّر من خلالها عن اعتراضه على ماجاء في المقال، متّبعا لإسلوب يدس فيه السُم بالعسل تعكس وخاصة في النقطة الأولى التي يعزو فيها نجاح السيد المالكي في الانتخابات الأخيرة الى “الشوفينية”،(وحسب تعبيره)، ” فالسبب الاول لنجاح المالكي هو إظهاره العداء للاكراد كقومية وليس للبارزاني”.. لاشك بأن مثل هذا التعبير هو تجني كبير على  الحقائق وتأويل خطير لما يبطنه من معنى يشير الى أن أصل الخصومة بين الشعوب وليس بين الساسة، أو هكذا أريد له فكان!.

بلا شك ولا أريد إلقاء التهُم على أحد جزافاً، ألاّ أن مثل هذا القول لا يقرّه أو يُروّج له إلاّ مرضى العقول أو العملاء المنخرطون في أجندة معادية للإنسانية وليس للعراق والعراقيين وحسب!. لأن واقع الحال يؤكد بأن مئات الآلاف من العراقيين من أصل كردي يعيشون في بغداد وبقية المدن العراقية، فضلاً عن أن من بين الجماهير التي منحت أصواتها للسيد المالكي هم من القومية الكردية، وخاصة (الكرد الفيلية).

كما يصف الشخص المذكور السيد المالكي، بالقول :”قائد شوفيني أقصى الكرد وإحتضن البعثيين”، .. طبعا لا يقول بذلك ألا الإنسان الجاهل جهلاً مركّباً، أو العامل ضمن أجندة داعشية تهدف الى تفكيك المجتمعات وتمزيق المنطقة. بالإضافة الى الأسباب التي تطرّقت لها سلفاً، فمنصب رئاسة الجمهورية، و أعداداً كبيرة من موظفي الدولة الكبار هُم من القومية الكردية (مدراء عامّون، سفراء، وزراء، ونائب رئيس وزراء) يعملون في معية السيد المالكي، الى جانب قادة أمنيين وعسكريين كرد يعملون بأمرة المالكي، بما فيهم رئيس أركان الجيش العراقي وقائد الفرقة الذهبية (اللواء فاضل برواري)، فكيف يتفق أن يجتمع ذلك مع وصف السيد المالكي بـ (الشوفينية والإقصاء) إن لم يكن جهلاً مركّباً، أو حملاً لأجندة خارجية؟ ..

أما مسألة إحتضان البعث، فيقتضي البحث عن أعداد المستشارين وشاغلي الوظائف الكبرى في الإقليم ممن كانوا في فصائل الجحوش وكتائب مستشاري الصنم المقبور، وكم من البعثيين الكبار الهاربين عن وجه العدالة يتمتعون الآن بالأمن والأمان في ضيافة رئاسة الاقليم؟، بل وحتى الشيخ الدليمي علي حاتم (الداعشي) والذي يقود حربا ضد الشعب والجيش العراقي يعقد اليوم المؤتمرات الصحفية التي يهدد بها الحكومة العراقية من مدينة أربيل؟، فأين قلمك يا سيد هه ڤال، وهل هو المالكي أم الإقطاعي الأكبر من يحتضن البعثيين؟

أما إذا كانت الذريعة هي الإجراء الحكومي الذي اتخذته الحكومة العراقية بحق سلطة الاقليم والذي تسبب في القطع المؤقت لرواتب الموظفين، فهو إجراء تسببت به سلطة الاقليم وسياستها الاستفزازية تجاه المركز وخاصة (تهريب النفط الى تركيا ، لتصديره الى طرف آخر أو تخزينه هناك)، وهي عملية غير دستورية تسببت في هدر ثروات الشعب العراقي، وخاصة النفط الذي تعود ملكيته للشعب عموماً مثلما هو نفط البصرة بالنسبة لبقية أنحاء العراق، لذلك جاءت خطوة حجب الرواتب كأحد الوسائل لإيقاف عملية السلب والنهب والتهريب التي يمارسها المتنفذون في الإقليم ومن ثم ضمان عودة الإيرادات الى خزينة الدولة بدلا من ذهابها الى جيوب المسؤولين وحساباتهم المصرفية. والمقال في الرابط التالي بعنوان صناعة الجوع الى أين؟

أي أنني كنت قد كتبت مقالا في حينها مؤشرا على الجانب الإنساني وداعيا لأن لا يكون موظفو الاقليم وقودا لمعركة تسببت بها سلطة الاقطاع السياسي تجاه حكومة المركز. ولكن لم نقرأ للسيد المعلّق (هه ڤال) في هذا الخصوص مشاركة تذكر،!.. فلا أدري لماذا المزايدة من قبل السيد المعلّق في هذه القضية؟.. ولمَ العجَب من إبداء رأي إيجابي يخصّني في رئيس الحكومة العراقية؟.. أليس الرأي هو وليد القناعة، أم أنه نتاج العصبية وحبيس الأنماط المتوارثة؟، وهل كل عراقي كردي ينطلق إنطلاقة وطنية وإنسانية أو يقول كلمة حق يُريح بها ضميره هو عميل للحكومة العراقية، وكما اتهمني أحد حملة الأسماء المستعارة من أمثالك؟.

لا أخفيك سراًّ بأني أيضا “أتعجّب” من شخص يّدعي الماركسية واليسار وفي نفس الوقت يقف مناصرا للإقطاع السياسي ومدافعاً عنه، فرغم أن ما ذكرته في مقالتي عن الإقطاعي الأكبر هو محض بديهيات تثبت نفسها بنفسها، ألا أن السيد المعلّق هه ڤال يتهمني بأني وصفت (مسعود البارزاني) بـ “أبشع الصفات”.. متناسيا بأن البشاعة تكمن في أصل الفعل وتنحصر بفاعله، أما ناقل الكفر ليس بكافر. وما قلته ليس إلا غيض من فيض.

بصراحة لم يثبت لدي ما يدعي السيد (هه ڤال) من إنتماء لليسار المحلّق في الآفاق الإنسانية، بل بات واضحاً بأنه أحد النشطاء الإستثنائيين في مجال (الكوردايه تي)، وذلك يقود الى تساؤلات عدة، منها أين وقف ويقف السيد المعلّق من الجرائم التي أقترفت بحق الأكراد على يد أعوان الإقطاعي الأكبر وخاصة (فاضل مطني ميراني) الذي إغتال عام 1992 العشرات من الأكراد عدا التفجيرات، وعلى سبيل المثال الأديب عبد الرؤوف عقراوي (أبو كاوه) والدكتور نافع عقراوي وغيرهم ، وسيادة المعلّق ، مع أن المدفعية التركية كانت تدك بالقذائف القرى الكردية الآمنة بين اليوم والآخر يقابلها صمت مطبق وإرتماء في أحضان أردوغان؟.. وهل المالكي عدو الكرد وكردستان أم أردوغان ومن لفّ لفّه من الأكراد؟ .. ومن أكثرهما نفوذاً في الإقليم، إذا عرفنا بأن حكومة المالكي لاتمتلك مركز شرطة في الإقليم، في الوقت الذي يمتلك أردوغان قواعد عسكرية، ومراكز استخباراتية متعددة في مناطق الإقليم؟.. وأما الإقتصاد فحدّث ولا حرج فالحكومة العراقية قد أسندت لها مهمة الإنفاق ( 17%)، والمستفيد الأكبر هو الشركات والمصانع الأردوغانية التركية!.

وختاماً، أنني ذكرت مرارا في مقالاتي حجم الظلم الذي تعرّضت له على يد هؤلاء، فضلا عن جرائمهم التي لاتعد ولاتحصى، ولم يتحرك السيد (هه ڤال) يوماً، أو يكتب حرفاً لمواساتي أو مواساتهم، فهكذا ينبغي لمن تربطنا بهم وشائج (الكوردايه تي)،أليس كذلك؟ .. ألا أن واقع الأمر هو عكس ذلك تماماً، فمعظم ما يقال هو للمنافع الشخصية والحزبية والإستهلاك المحلي وخداع البسطاء!.

وأن المقالات التي تتحدث عن الحقائق بجرأة وتتطرق الى جرائم المسؤولين، تبعث بالسيد هه ڤال، وحاشية الإقطاعي الأكبر الرغبة للرد بردود أقل مايمكن أن يقال عنها (كلام حق يراد به باطل) وهو جزء من سياسة التبرير. وليس مستغربا منهم الإستعانة بالفصائل الارهابية لضرب أعدائهم، فالجدير بالذكر هنا التطرق الى بيان أصدره إحد الفصائل الإرهابية (الداعشية) مؤخراً (الرابط أدنى المقال)، يعلن فيه إهدار دم قائد الفرقة الذهبية في الجيش العراقي اللواء الكردي فاضل برواري يحذرونه فيه من ضرب الإرهابيين في الفلوجة.

 بلا أدنى شك أن لاقيمة تُذكر لمثل هذا التهديد لرجُل يمتلك قناعة كاملة وإيمان راسخ بالواجب الوطني المسند له أو الرؤية الانسانية التي يتبناها، لكن المفارقة في هذا البيان أن هذا الفصيل يصف مسعود البارزاني بـ (ألطف الأوصاف) ومنها ” ولي أمر المسلمين في الأقليم” و “الحارس للدين” و “الساجد مع الساجدين”. وربما أحبّ السيد (هه ڤال) أن يسمع منّا هذا النوع من الوصف والمديح لرئيس الاقليم، ولكنه تناسى وللأسف بأن، الدواعش على أشكالها تقع!.

أحدث المقالات