19 ديسمبر، 2024 12:04 م

طرطرا تطرطري..لا يقصد بها الحصري

طرطرا تطرطري..لا يقصد بها الحصري

تتأتا اللسان وتلجلج القلم بل لنقل الانامل على الكيبورد ، وانا اقرا تاريخ مليء بما يتلألأ كالنور او يتجبجب في الجحور، قصدت في كتابتي هذه شخصية لا اعرف انتمائها ، شخصية افتخرت بعثمانيتها ، وتارة بعروبتها ، وحتى بغربيتها، كل هذا لايعنيني بل الذي يعنيني ما يصدر عنه من مواقف ، فالانسان يبقى انسان مهما كان اصله ، وانا لا اؤمن بمن يفتخر بغيره عشيرته او ابيه .

للاستاذ ساطع الحصري ( مثقف جدا ) مواقف متضاربة في تركيا وسوريا والعراق وبقية البلدان الاوربية الذي مثل الدولة العثمانية فيها ، ولكن له موقف حاد جدا مع الشاعر محمد مهدي الجواهري ، وحقيقة الامر انها مسالة مهمة لتؤكد على الغرس الطائفي الذي زرعته الدولة العثمانية وسقاه الاحتلال الانكليزي .

تبدا القصة عندما تعين الجواهري مدرسا في الثانوية المركزية وفي وقتها كان مدير المعارف الحصري والوزير السيد عبد المهدي المنتفكي ، ورفض الحصري تعيين الجواهري متهما اياه بانه عجمي ، وفي وقتها لا يوجد شهادة جنسية ، وعلى ضوء ذلك طلب منه اصدار وثيقة عثمانية لتؤيد عروبته ، هزلت والله عندما يثبت نسب العربي بالوثيقة العثمانية.

بعد جر وعر انتهى الخلاف باستقالة الجواهري ونقل الحصري الى مكان اخر ، ولكن الجواهري صاحب اللسان السليط شعرا والمزاج المتقلب تاجيجا او خمولا حتى هو ينتقد نفسه بانه اوقع نفسه في مازق بسبب لسانه، سال نفسه هل ساطع الحصري عربي ؟

يقولون ولد في اليمن من ابوين سوريين ، ورحل مع ابيه في ترحاله لكن كل تعليمه وخدماته عثمانية قح ، هنالك من نصره وهنالك من نصر الجواهري ، ومن نصره الكاتب امين الريحاني سوري الاصل امريكي الجنسية يرى انه على حق ومثقف واكاديمي وعربي مع العلم ينطق العربية برطانة ، وكتب في كتابه قلب العراق ( ص152) حادثة الخصومة بين الحصري والجواهري ولم يذكر اسم الجواهري حيث قال ” وقد مُني ساطع بغير القبعة الإيرانية التي أوحت إليه بالمباراة. مُني بأستاذ إيراني ينظُم الشعر. كأن روح الأكاسرة جاءت تنتقم لإيران” وان الجواهري تجنس بالعربية يقصد العثمانية لانه احب الراتب ، وقد نظم قصيدة الجواهري يصف المناظر الخلابة في مصايف ايران فجعلت هذه القصيدة دليل ادانة انه عجمي وقال عنها الريحاني ”  فنظم قصيدة باللغة العربية تبدأ بمديح إيران “

والريحاني نفسه يقول في كتابه ملوك العرب في مدح الحصري والثناء على زوجته السافرة التي لا تتحدث العربي بانه عوتب أي الحصري بسبب تاخر التعليم وكان تبرير الحصري الشك في وطنيته لانه يعين معلمين اجانب بالتعليم وقال الريحاني دفاعا عنه في كتابه ملوك العرب (ص906) ” هب انها وطنية صحيحة ـ أي لا يستعين بالاجنبي ـ افيستغني العراق اليوم عن المساعدة الاجنبية ؟ اعتبر الجواهري العجمي من هذه المساعدة ؟ وبالمناسبة عند تواجد الريحاني في بغداد وفي نفس الفندق الموجود فيه الجواهري اتصل الجواهري به وبعد التوبيخ اتهمه بانه جاسوس امريكي يقول الجواهري مجرد رجما في الغيب لكي انتقصه ، فاذا الرجل يهرب من العراق بعد المكالمة

اما الاستاذ حسن العلوي يقول عن الحصري في كتابه الشيعة والدولة القومية في العراق ان الحصري عمل جاهدا على منع ملك فيصل من افتتاح دار معلمين في الحلة لان المستفيدين من الشيعة .، واضاف العلوي ان الحصري في مذكراته كتب “ان المذهب الشيعي اختلط بالقومية الفارسية ” ( الشيعة والدولة القومية في العراق ص288)

واصر الجواهري على معرفة اصول الحصري فاستغل وجوده في صنعاء وراجع المكتبات الوطنية والدور الوثائقية في صنعاء للتاكد مما ادعاه الحصري فلم يجد اسمه ولا اسم ابويه اطلاقا .

الباحث وليم كليفلاند فتش عن نسب الحصري في حلب فلم يجده، ويعود وليم ليستشهد بالمؤرخ التركي (حلمي ضيا) في كتابه (التاريخ الفكري المعاصر في تركيا) لينفي وجود عائلة لساطع وكان يعرف باسم مصطفى ساطع ، ويذكر الكاتب جمال الالوسي من اشياع الحصري انه أي الحصري التقى بامير لحج في مطار بغداد فقال له اهلا بابن بلدتي فقال له الالوسي انت تقول ان مسقط راسي صنعاء والان انت من لحج قال وما الضير في ذلك ان العاصمة صنعاء .

اعود لطرطرا هذه القصيدة وحسب ذكريات الجواهري قالها بحق صالح جبر الذي اراد ان يتزوج من بنت من عشيرة معروفة وهذه العشيرة لا تزوج بناتها الا لمن له عشيرة معروفة فذهب صالح جبر الى عشيرة (ك) وبمبلغ معين ومنصب في المجلس حصل على شهادة نسب لهذه العشيرة وتزوج البنت فكتب هذه الكلمات التي لم يكن في حسابه ان تكون قصيدة لولا الاستاذ عبد الكريم الدجيلى الذي اصر على اكمالها ونشرها وكان يستانس بها الوصي عبد الاله ويرددها في اجتماعاته عندما يرفض ما يدعونه

أحدث المقالات

أحدث المقالات