خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
في أحدث أعماله يُناقش “كريستوفر ديفيدسون”؛ الخبير العالمي البارز في سياسات الشرق الأوسط، ظاهرة جديدة في “المملكة العربية السعودية”، و”الإمارات العربية المتحدة”، وهي ظهور حاكمين جديدين قويين؛ هما: “محمد بن سلمان آل سعود” و”محمد بن زايد آل نهيان”، وقد استفاد كلاهما من قوته الشخصية، والخروج عن الأطر القواعدية، والإجراءات العرفية والمؤسسية لبلديهما، والسيطرة على مختلف أركان بلديهما، وتأسيس أنظمة سياسية جديدة، استثنائية في دول منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي. بحسّب “محمد محبوبي”؛ عضو وحدة دراسات الأب السياسي بالشرق الأوسط، باستعراضه لكتاب “كريستوفر ديفيدسون”.
وقد أطلق على هذا النظام اسم: “السلطانية المتطورة”؛ وسعى إلى توضيح نقاط الشبّه والاختلاف بين هذا النظام، وجميع الأنظمة السلطانية والاستبداد.
القضية الرئيسة..
جرى إنتاج العديد من الكتب والمقالات حول الهيكل التكويني للحكم، وكيفية توزيع السلطة في دول منطقة “شبه الجزيرة العربية والخليج”، لكن مسار تطور وتحول هذه الدول؛ لا سيما في العقدين الأخيرين، هو ظاهرة شديدة التأثير والخصوصية طغت على علاقات هذه الدول الداخلية والخارجية.
وابتدأ “ديفيدسون” كتابه؛ بأن تسلط “ابن سلمان” في “السعودية”، و”ابن زايد” في “الإمارات”، كان سببًا في اختبار البلدان تغييّرات أساسية وجذرية، وأدى إلى تغييّرات مهيبة على السياسات الداخلية والخارجية، والاقتصادية، والثقافية، والعسكرية، وحتى أسلوب حياة المواطن في البلدان.
وهذا التحول لم يكن نتاج مسّار طبيعي، وإنما تسلط “ابن سلمان” و”ابن زايد”.
ورُغم التسلط الشديد والريعية التي لا يمكن وقفها؛ فقد تميزت “السعودية والإمارات” عن دول العالم العربي الأخرى؛ لكن السؤال الرئيس والقضية الأساسية، ما هو اختلافهم مقارنة بنظرائهم في المنطقة وكيف تم ذلك ؟ هما لا يشبهان نماذج الاستبداد القديمة مثل “لويس الرابع عشر” في “فرنسا”، و”نيقولا الثاني” في “روسيا”، ولم يعتصما القوة الإلهية على غرار “آل بوربون” وعائلة “ورومانوف”، وإنما ارتبط عملهما بحكم القانون؛ بغض النظر عن العناوين الرسمية.
“السلطانية” فوق الاستبدادية..
والفرضية التي يطرح الكاتب ويسعى لاثباتها، ظهور نوع خاص من “السلطانية” فوق الاستبدادية في “السعودية والإمارات”.
ويعرفها بقدر يتجاوز المفاهيم الكلاسيكية، ويوضح أن مفهوم العلم السياسي المعاصر لنظام السلطنة، يصفها بشكلٍ متطرف من التسلط والقوة، يختلف عن أنظمة الباتريمونيالية النيوباتريمونيالية.
وحكام الدول ذات الحكم السلطاني هم في الواقع “رؤساء شخصيون” يحفظ لهم عمالهم مكانتهم، ويستخدمون الأذرع الأساسية للدولة “كأدوت شخصية”، وقادرون على تحطيم القيود التقليدية، والتصرف دون مشورة.
ويُصنف “ديفيدسون”؛ عصر “ابن سلمان” في “السعودية”، و”ابن زايد” في “الإمارات” تحت مسَّمى العصر الجديد؛ حيث غيّر كلاهما نماذج السابقين مثل النيوباتريمونيالية الاستشارية أو الريعية، وعلقا أو قضيا مؤسسات الاجماع والشورى وأي شكل آخر من النظم الاجتماعية، واستحدثا طبقة (من أصحاب الامتيازات الجدد) ما أدى إلى إجراء إصلاحات اقتصادية في بلدانهم، وبشكلٍ عام أنشأ كلاهما نظام سلطة استبدادي؛ حيث تجاوزا “ابن سلمان” و”ابن زايد” نظام حكم الشياخة؛ والذي يُقدم في إطار النيوباتريمونيالية، وأسس كلاهما نوع حديث من السلطة في “السعودية والإمارات”.
وهو ما صنفه “كريستوفر ديفيدسون” تحت مسمى: “السلطنة المتطورة”.