في لعبة السياسات الدولية لاتكون الارادة في ادارة الدولة بيد المسؤول المباشر,صاحب الكاريزمة المصطنعة والمضخمة كثيرا من قبل حزبه او طائفته او دائرته الخاصة المقربة منه,
بل هناك دائما وجوه مقنعة تعمل بالخفاء,تستثمر الفرص المتاحة لها بأي ثمن,هاجسها الرئيس مصالحها الشخصية وتأمين وسائل حمايتها الدائمة,وهذا ماتعمل به بالفعل الديمقراطيات المعولمة حديثا,اي تلك التي ارادت ان تسيطر على العالم من خلال احكام القبضة الداخلية(التشريعات المتعلقة بالامن القومي), وتوسيع الاخطبوط التجاري والمالي للشركات العملاقة حول العالم,فلكل حزب لوبي يمزج السلطة بالمال بالقوة الامنية او الحكومية, اضافة الى هيمنتها المطلقة على الصحافة والاعلام,
ففي بلداننا العربية البائسة هناك اكثر من وجه مقنع يعمل خلف المسؤول, وفي كل الاحزاب والتيارات والحركات الاسلامية او العلمانية(اليسارية او اليمينية وحتى الوسط)لديهم لوبيات طفيلية صعدت او صعدتها الظروف السياسية المتذبذبة,تبحث عن الجاه والسلطة والنفوذ الدائم في العملية السياسية,ليس لها اية اهتمامات او تطلعات فكرية او ثقافية حزبية, يمكن ان يبرر اندفاعها الشيطاني خلف هذا المسؤول او ذاك.
بعد انتهاء الانتخابات العامة 2014,وظهور النتائج الشبه متوقعة لبعض الكتل, والغير مرضية لاخرى,وتسجيل انتصار ساحق لكتلة دولة القانون(مع بقية الكتل المنضوية تحت قائمتهم),والتي حسمت التكهنات بالولاية الثالثة ,بضمان عدد المقاعد البرلمانية في الحصول مبدئيا على منصب رئاسة الوزراء , ولايملك احدا حاليا القدرة على ايجاد منافس مقبول لرئيس الوزراء المالكي ,مما يجعل امر بقائه في مكتبه لولاية ثالثة مفروغ منه ,ولكن في العرف السياسي تكون الولاية الثالثة ولاية التوديع,اي ان الكتلة او الحزب الذي يتبنى اي مرشح ناجح لاكثر من ولايتين, عليه ان يحضر للبديل القادم,كما في الدول المتحضرة,حيث تسلم الراية للمرشح القادم قبل انتهاء فترة الولاية بسنة او سنتين,هذا كله يعد من الاشياء المعتادة في عالم السياسة او لعبة الديمقراطية,لكن مايحاك من تحضير لبديل مستعجل كما يبدوا, يراد م
نه ان يكون جاهزا لهذه الولاية او بعدها بقليل,فهي تعد حاجة ورغبة خليجية بأمتياز ,فضلا عن انها رغبة اجنبية(امريكا واروبا),فالسيناريوهات المعدة على طاولات التأمر تعمل بشتى الطرق, وبمختلف البدائل المتاحة امامها,فبقاء المالكي لولاية ثالثة يعني ان العدو المطلوب ان يرجمه ويشتمه ويحشد له التكفيريون باق في منصبه,وهذا يعني ان اسباب ديمومة بقاء الارهاب واستمرار تدفق وانضمام الانتحارين للجماعات الاجرامية في بلاد العراق والشام لازالت موجودة بقوة
(المالكي في العراق,وبشار الاسد في الشام “الا اذا حملت الانتخابات الرئاسية هناك شيئا خارج التوقعات كمعجزة”),ومن هنا نجد ان الاعلام الخليجي المقروء بكثرة(كجريدة الحياة-السعودية, “الزهيري عراب ولاية المالكي الثانية بدأ التحرك لتأمين الولاية الثالثة”مشرق عباس,اضافة الى العديد من المقالات المشابهة)بدأ بالترويج عن بدائل المالكي المقبولة
(كما طرحت جريدة الحياة اسم طارق نجم مدير مكتبه السابق,الذي اكتشف في مكتبه العديد من قطع الاثار العراقية المسترجعة من امريكا,والمتهم بأنه استغل منصبه في توزيع الوظائف الحكومية على اقربائه,مما تسببت له تلك الاحراجات بعض الاشكالات الحزبية والوظيفية), وتركيز الحديث عند بعض الدوائر المخابراتية بأن بديل المالكي ايا كان سيهدأ الوضع الامني في الداخل,
,والترويج ايضا بان هناك مرشدا روحيا للمالكي
(الشيخ عبد الحليم الزهيري
,مع ان الشيخ لايمتلك تلك المؤهلات),
يتحرك للعمل على تجديد ولاية الامر الواقع,
ولايمكن فهم طبيعة هذه التحليلات, الا على انها طعما للمؤامرات القادمة من الخارج العربي والاقليمي, فكيف يمكن القبول بتلك الادعاءات,بحيث يكون المالكي امينا عاما للحزب ,ويحتاج الى كل تلك الاعمدة والادمغة والقيود(مع ان دولة القانون,وحزب الدعوة تحديدا فيه لوبيات مصالح متنفذة,لكن السياسي الذي يحترمه الشعب
ويتمنى بقاءه لايتأثر بمثل تلك الدوائر النفعية المكروهة),
بينما تصدح الحقائق التاريخية لمثل تلك التدخلات والاشارات السياسية,من انها لعبة من لعبات الامبريالية المتمددة في بلدان التأثير
( اي دول التنافس الامبريالي),فما يدبر له ويراد من الاخرين الاقتناع به,هو ازاحة السيد المالكي ولو بعد حين, لقيادته الناجحة في تجاوز الازمات الداخلية والخارجية(وقد تكون دعوة سعود الفيصل وزير خارجية السعودية للتقارب مع ايران,ايضا يراد منها ازاحة المالكي وبشار الاسد عن الحكم, مع تقديم بعض التنازلات والامتيازات وتمرير الاتفاقات الدولية والاقليمية),
وحمايته للعراق من الانهيار,والتبجح بضرورة التغيير واحتمالية مقبولية البديل عربيا, الذي سيواجه حتما بنفس الاسلوب,
الذي واجهه بشجاعة المالكي والكتل والشخصيات الوطنية المتحالفة معه,
تذكرني تلك الاساليب بتقارير اذاعة البي. بي. سي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي مع الفارق بين الحالتين,
فقد قدمت تقريرا مطولا عن بديل المقبور صدام (عدنان خير الله)فمات بعاصفة صدامية,
والتقرير الاخر عن البديل حسين كامل فصار احد شهداء جنود الشيطان ,فمن ياترى يريد ان يجرب التحدي في الانصياع او التصديق بما تقوله تلك الدوائر المشبوهة
,(فيقع في مصيدة التصفيات والاغتيالات والارهاب),التي تدعي انها تعرف الشخصيات العراقية المقبولة خليجيا,وهي كلها احاديث ملفقة مليئة بالنفاق والكذب والخبث,
فهذه المحاولات البدائية الرخيصة لايمكنها ان تمر بسهولة,سواء كان المالكي هو رئيس الوزراء القادم ام لا,
فنحن ادرى بشعاب المؤامرات والفتن النائمة الراغبة بتقسيم العراق وتدمير وحدته الوطنية,
ولهذا قلنا بصراحة ولجميع الكتل المتنافسة في الانتخابات الاخيرة, نريد برلمانا ق
ويا بشخصياته, فاعلا بأدائه وتشريعاته,وحكومة متمكنة مقتدرة بالكفاءات والطاقات والخبرات الوطنية
,اما البديل السياسي الوطني الذي يجب ان يأتي وفقا للسياقات الطبيعية,لابد ان يكون بعيدا عن التهديدات والاملات الداخلية والخارجية,خيارا وطنيا خالصا,
لايتأثر بمثل تلك المحاولات المدمرة بنتائجها,وله معرفة ورؤى سياسية واقعية,تجعله قادرا علىتحليل ودراسة المستقبل السياسي الاقليمي والدولي بشكل متأني,
فمن تورط عمدا وساهم بمشروع الخراب العربي القومي,مشروع المليون يتيم وارملة ومعاق وشهيد في العراق والشام,لايمكن ان يكون شريفا في يوم من الايام,او يمكن ان تخدعنا توبته …………