خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
احتلال كامل “حماة” يبعث على تهديد مدينتي “حمص” و”اللاذقية” بالسقوط، وتعبد “حمص” طريق المتمردين إلى “دمشق”، كما أن احتلال “اللاذقية”؛ باعتبارها مركز العلويين الذين يقبضون على السلطة في “سورية” منذ خمسين عامًا، يسَّاهم في تدهور الأوضاع، لا سيّما بعدما كشفت الجماعات الأصولية عن طبيعتها العنيفة خلال اليومين الماضيين، ونيتهم الانتقام من العلويين في “اللاذقية”.
ومن المستَّبعد أن تتمكن هذه العناصر المتمردة من ضبط نفسها؛ حتى مع توجيهات الدولة الداعمة مثل: “تركيا والولايات المتحدة الأميركية”. بحسب تحليل “عبدالرضا فرجي راد”، المنشور على موقع (جماران) الإيراني.
الفرق بين الجيش السوري وتنظيمات المتمردين..
ومن مشكلات الجيش السوري؛ الذي يبدو مشغولًا بالانسحاب والتراجع، انعدام التجهيزات المتطورة، وعدم وجود مصلحة من الحرب، كما يفتقرون إلى القوة على المواجهة مع المتمردين الذين يقاتلون بعقيدة إيديولوجية، ويتمتعون بجرأة مضاعفة مقارنة بأفراد يأسون من الجيش التقليدي.
كما يبدو أن (أحرار الشام) وغيرها من الفصائل الموالية؛ تمتلك تفوقًا استخباراتيًا ومعدات عسكرية متطورة، ويستطيعون وفق الأخبار المتداولة استهداف القيادات السورية عبر المُسيّرات الأوكرانية المتطورة، ومن ثم إرباك كتائب ووحدات الجيش السوري من حيث الإدارة والتنظيم، وتعبيّد مسّار تقدم هذه الفصائل.
الدور الخليجي والروسي..
والأسبوع المقبل؛ مهم بالنسبة للحكومة السورية، إما أن يوفر من المنظور العسكري قدرًا من القوات والمعدات للخط الأول؛ “حمص”، واحباط الحرب في هذه المنطقة لفترة، أو ربما انقاذ حكومة “دمشق” مؤقتًا عن طريق المفاوضات عبر دول كـ”الإمارات والسعودية” وقبول المعارضة امتيازات سياسية.
ورغم أن الدول العربية سابقة الذكر؛ كانت قد أكدت في البيان الأخير لاجتماع “مجلس التعاون الخليجي”، على تفعيل قرار “مجلس الأمن الدولي” رقم (2254)؛ فإن إجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف “الأمم المتحدة” لن يؤدي إلا إلى تبديل السلطة في “دمشق”.
وتقوية الخط الأول للجبهة يرتبط في الأغلب بـ”روسيا، وإيران، والعراق”. و”روسيا” اكتفت بممتلكاتها القليلة في “سورية”، ولم تقم بأي إجراء هام حتى الآن سوى تغيّير بعض القيادات الروسية، وتعدم حاليًا القدرة على إرسال قوات وطائرات ومُسيّرات وصورايخ إلى “سورية” بسبب الحرب الأوكرانية؛ لا سيّما مع حرص الجيش الروسي على احتلال شرق “أوكرانيا” قبل تنصيب؛ “دونالد ترمب”، رئيسًا لـ”الولايات المتحدة الأميركية”.
الدور “الإيراني-العراقي”..
بخلاف “روسيا”؛ تبذل “الجمهورية الإيرانية” كل جهودها لتدعيم الجبهة السورية في مواجهة (أحرار الشام)، لكن “إسرائيل” وضعت الحد الأقصى من العقبات سواءً عبر مسار “لبنان” أو “العراق”، وقصف المطارات، وكذلك تحذير الطائرات بعدم الهبوط.
أما قوات (الحشد) العراقية؛ والتي قيل إنها نحو: ثلاثين ألفًا على استعداد لعبور الحدود إلى “سورية”، لم يحصلوا حتى الآن على تصريح الحكومة العراقية.
وكانت الطائرات الأميركية قد قصفت منطقة (البوكمال) الحدودية؛ وكذلك (دير الزور)، ربما بهدف تعطيل وصول المساعدات؛ بل إن الأكراد استولوا بمساعدة الطائرات الأميركية على عدد من القرى؛ وبخاصة في “الحسكة”.
وعليه يبدو أن “الجمهورية الإيرانية” تسعى إلى اقناع حكومة؛ “محمد شيّاع السوداني”، في “العراق”، بالسماح لـ (الحشد الشعبي) بدخول “سورية”، وربما كان هذا محور مفاوضات وزير الخارجية في “بغداد”.
وتتخوف الحكومة العراقية من انتقال هذه الحرب للداخل العراقي، لكن من المستَّبعد حال سيطرة الجماعات الأصولية في “سورية”، أن تترك الحكومة الشيعية في “العراق”، وعدم تحفيز أهل السَّنة في هذا البلد للتحرك ضد الحكومة.
من ثم فإن الحكومة الشيعية العراقية لا يمكن أن تبقى بمأمن مع احتمال سيطرة المتطرفين في “سورية”، وعليها قتال هؤلاء المتطرفين قبل السيطرة على “سورية”.
بشكلٍ عام تصارع “سورية”؛ اليوم، فوضى جيوسياسية مشوشة؛ وللدول المحيطة مخاوف ومكاسب أيضًا من هذا الوضع؛ إذ من مصلحة هذه الدول؛ (بداية من إسرائيل وحتى أميركيا وروسيا، وتركيا، وبعض الدول العربية وربما العراق أحدها)، انقطاع خط المساعدات عن المقاومة، واستمرار هذا الانقطاع.
وتتركز مخاوفهم حول سريان الفوضى والاضطرابات إلى هذه البلدان حال انتصار المتمردين الأصوليين. وربما تتضح المسّارات العسكرية والسياسية في “سورية” خلال الأسبوع المقبل.