14 ديسمبر، 2024 7:40 م

زهير الجزائري.. سيرة عائد

زهير الجزائري.. سيرة عائد

زهير الجزائري، كاتب وصحفي وروائي عراقي، من النجف، من مواليد أربعينيات القرن الماضي، عمل في الصحافة الميدانية لأكثر من خمسين سنة، خرج من العراق سنة 1979 بجواز مزور عن طريق الأردن، بسبب مضايقات النظام السابق للمثقفين والكتاب، ليعود من خلالها بعد 24 سنة، بعد سقوط النظام، وفي كتابه الممتع (حرب العاجز، سيرة عائد، سيرة بلد) ، يسرد ما دونه أثناء دخوله إلى العراق، ليتناول الأماكن والمدن والأحداث بلغة الروائي الحاذق، والصحفي المخضرم.

دخل العراق من المنفذ الحدودي مع الأردن، ذهب بعدها إلى بغداد، حيث بيت العائلة، وذكرى الصداقات، وطيش الشباب، ثم إلى البصرة، والنجف، وصلاح الدين، وكردستان، وغيرها من الأماكن.

ركز زهير على ذكرياته مع الأماكن والأصدقاء والعائلة في وقت كان فيه هنا في العراق، والتغيرات التي طرأت على الأشياء كلها عقب عودته، ويركز جدا على دور النظام البعثي في التأثير على الأماكن والأصدقاء والعائلة، فيذكر جرائم حزب البعث بحق الشعب العراقي والعوائل العراقية والمدن العراقية، من حروب عبثية ذهب وقودا لها مئات الالاف من العراقيين تاركين خلفهم ملايين الثكالى من الامهات والارامل واليتامى، أغرق فيها النظام البلاد في حمامات من الدم ، ويذكر انتهاكات النظام بحق الناس والمواطنين، القتل والإعدام والتصفية الجسدية على الشبهة، التغييب المقابر الجماعية، جرائم الإبادة الجماعية بحق بعض الفئات الوطنية، ملاحقة المعارضين من أدباء ومفكرين وساسة.

وأخيرا يتكلم زهير عن فترة ما بعد سقوط النظام، ومجيء الاحتلال الأمريكي، ومعه المعارضة العراقية بأحزابها وشخوصها، مشخصا ومعايشا للمشاكل التي رافقت هذه الفترة الحرجة، كاختلال الأمن في البلاد، وانتشار السلب والنهب والفرهود لدوائر الدولة ومؤسساتها، وغيرها الكثير، وعرج على مساوئ وجناية السياسيين الجدد، الذين لعقوا أحذية المحتل الأمريكي لغرض الحصول على المناصب والرياسة والحكم والامتيازات، حيث أنهم يرون في المنصب فرصةً لجمع الثروة والتمتع بالامتيازات، ليعوضوا ما عاشوه سابقا من فقرد وتشرد وضيق حال، فبسبب هؤلاء الحمقى، الذين أتوا وهم حاملون لفكر الخراب في أنفسهم وفي أفعالهم، وبسبب تهافتهم على المناصب والأموال والامتيازات، منيَّ البلد بحرب طائفية، وجرائم قتل على الهوية، وصار الناس ضحايا للسيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي تحول أجسادهم إلى أشلاء متناثرة…

زهير الجزائري كتب كثيرا عن البعث ونظامه البائد، له في هذا الموضوع كتاب “المستبد” ورواية ” الخائف والمخيف” و كتاب “أنا وهم” ، اهتم كثيرا بموضوع المستبد الاستبداد، الدكتاتور والدكتاتورية، والعوامل التي تقف خلف ظهور هذه المفاهيم وسبب شيوعها، لتكون وبالاً على الأمم والأوطان، هذه دعوة إلى قراءة منجز هذا الأديب العراقي القدير..

“إن التجربة العراقية تقول لنا إنّ الديموقراطية لا يمكن أن تنمو في ظروف أمنية سيئة . فما فائدة حرية الكلام والتعبير والانتخاب إن لم يمتلك الناس حرية التنقل وإرسال أولادهم إلى المدرسة بسبب الخوف من الاختطاف والقتل على الهوية والديموقراطية هي ثقافة بمقدار ما هي عملية مؤسساتية، وتحتاج إلى زمن كي تترسخ كقيمة اجتماعية .”

“بسقوط حكم الحزب الواحد حصل في العراق ما حصل في أوروبا الشرقية. فالمجتمعات التي وحدت قسرياً تحت الحزب الواحد تفككت بعد سقوطه وعادت إلى مرجعياتها الأولى القبلية والإثنية والدينية والطائفية)، وتوزّع سلاح السلطة على كل هذه الطوائف والأحزاب إضافة إلى عصابات المجرمين الذين أطلق سراحهم قبل الحرب.. “

” وطن نتذكره دائماً مع الخوف الذي زرعه فينا رعب السلطة، وطن للمخبرين والقتلة، حصتنا منه هي الخوف..”