19 ديسمبر، 2024 1:49 ص

الانجازات العظمى لمجالس المحافظات : تسعيرة الامپير واعلان العطل الرسمية !!!

الانجازات العظمى لمجالس المحافظات : تسعيرة الامپير واعلان العطل الرسمية !!!

اجزم ، لو ان الدولة اجرت استفتاءً او استبياناً شعبياً عن قناعة المواطن العراقي المغلوب على امره بحدوى واهمية وضرورة مجالس المحافظات ، لكانت النتيجة حتماً على مقاس الانتخابات العربية ٩٩.٩٩ من المائة ممن يرفضون ويمقتون هذه الحلقة الزائدة والمفصلة على مقاسات معينة للبيروقراطية والوجاهة الاجتماعية وحلب الموازنة العامة بالرواتب والمباني الفخمة والاثاث الفاخر وسيارات الدفع الرباعي ومن المنشأ الياباني حصراً وشرط ان تكون اخر موديل .. ورغم كل هذا فالساسة الذين يقودون البلد جميعهم دون استثناء مصرون على ضرورة وجود هذه المجالس لانها مصدر رزق للاتباع والاقارب والمتنفذين ، كما انها ( برايهم طبعاً ) كيانات دستورية ، وكما تعرفون فان دستور ٢٠٠٥ مقدس ولا يمكن المساس به او تعديله او حتى التفكير بذلك ، فهو كما قال بريمر بمذكراته سيئة الصيت : وضعنا لهم دستوراً لا يمكن لاحد ان يفكر في اختراقه او يجروء على تغييره ، والدليل على ذلك ان هناك لجنة ولدت ميتة للتعديلات الدستورية منذ ذلك العام ولكنها عجزت طيلة تسعة عشر عاماً ان تغير حرفاً واحداً لهذا الدستور المنزل من السماء .. وبالتاكيد فانها لن تستطيع التعديل حتى لو بعد مئة عام .

لقد كان من نتيجة الحراك الشعبي العام عام ٢٠١٩ ان عطلت او الغيت مجالس المحافظات لان الناس تعتبرها حلقة زائدة لا اهمية ولا ضرورة لها وهي باب للفساد الاداري ، بدليل انها غابت عن المشهد السياسي اربعة اعوام ولم يمت الناس لغيابها ولم يشعر اخد بغيتبها والعكس صحيح ، وكانت كل الامور تجري على مايرام وكان المحافظ والحكومة المركزية تقوم بالواجب وتسعّر امپير المولدات وتعلن تعطيل الدوام ، وتعطيل مصالح العباد لادنى زخة مطر ، او اذا تجاوزت درجة الحرارة نصف درجة الغليان او اذا مات احد السياسيين او فاز المنتخب الوطني ..

اما وقد بلغ عدد سكان العراق الان ستة واربعين مليوناً ( صلوا على النبي ) فان مقاعد مجالس المحافظات ستزداد طبقاً لذلك وهذا يعني مزيد من السيارات ومزيد من الحرس ومزيد من الكرفانات التي تحرس  عضو مجلس المحافظة وتقطع شوارع الناس ، ومزيد من الامتيازات والحشم والخدم والحاشية ..

اليس من الاجدر ان يقوم اعضاء مجلس النواب في المحافظة ( وما اكثرهم ) بمراقبة عمل المحافظ ودوائره التنفيذية ، وفك الاشتباك الازلي الذي نسمعه يومياً عن عائدية  وتداخل الصلاحيات بين وزارات الحكومة المركزية ومجالس المحافظات ؟ ثم ان السادة اعضاء مجالس النواب ورغم تعبهم وسهرهم على احوال ناخبيهم ( الله يعينهم ) لديهم نفس الافكار والرؤى التي لدى اعضاء مجالس المحافظات ولديهم مكاتب في محافظاتهم ( وهم من سكنة  المحافظة كما يفترض ) .. فلماذا هذا التقاطع في الصلاحيات ، اليس هذا هدراً في المال العام والامكانيات التي يمكن توجيهها الى الفئات المسحوقة التي تتغدى ولا تجد ما تتعشى به .. ثم الا ترون الفوضى التي تحملها الاخبار الينا يومياً عن محافظات بعينها وقد مر عام على انتخابها وهي مازالت تتنازع وتتصارع على رئاسة المجلس او حقوق المكونات ( نينوى وديالى وكركوك مثلاً ) ، او الصراع على المغانم واللجان الدسمة والاستجوابات وحصص الاحزاب والتيارات الممثلة في المجلس في مجالس محافظات اخرى ؟؟ حتى بلغ الامر الى تسريب التسجيلات الصوتية المخلة او الاستهدافات التسقيطية .. التي هدفها شخصي لا يمت للمصلحة العامة بصلة .

وكما هو حال اعضاء مجلس النواب ، فان راتب عضو مجلس المحافظة يفوق باضعاف راتب اي موظف يداوم خمسة ايام في الاسبوع وثماني ساعات في ظل الزحام الشديد والظروف الجوية ، وبعد انتهاء الدورة الانتخابية ، اي بعد اربع سنوات فقط وجلسات متباعدة وسفرات وايفادات يتهنى عضو مجلس المحافظة براتب تقاعدي خيالي ، لا ياخذ الموظف العادي الذي أمضى اربعين عاماً في الوظيفة نصفه او حتى ثلثه ، وهذه مخالفة دستورية باعتبار المواطنين  سواسية في الحقوق والواجبات، وشرعية باعتبارها تمييزاً دون وجه حق ، ما انزل الله بها من سلطان ، ولكننا نمارسها ونستمر بها ارضاءً لهذا الحزب او ذاك التيار فقط ! .. وأجزم ثانية لو ان عضو مجلس المحافظة ( وعضو مجلس النواب أيضاً ) منصب شرفي يخدم الناس من غير راتب او امتيازات لما وجدت أحداً يتقدم للترشيح لهذه المؤسسات التي يفترض انها تخدم المواطن وتسهر على حقوقه .

السياسيون ، والحكومة ( اي حكومة ) لا تجروء ولن تجروء على تنظيم استفتاء حول جدوى مجالس المحافظات او اهميتها وضرورتها ، واتمنى على وسيلة اعلام عراقية جريئة ان تنظم هذا الاستفتاء وتسال المواطن سؤالاً واحداً محدداً : هل تعتقد ان لمجالس المحافظات ضرورة واهمية في خدمة المواطن العراقي ؟ 

عندها فقط ستعرفون ان الدستور المقدس والخطوط الحمراء والاصنام التي حكمتنا ، كل هؤلاء في وادٍ ، والمواطن العراقي في واد آخر ….. بعيد ، وبعيد جداً .

أحدث المقالات

أحدث المقالات