الإنتخابات مرحلة مهمة من عمل ديموقراطي كبير، يعود بالنتيجة الى حكم الشعوب، لا يقتصر بالتصويت والإختيار وإسقاط الفرض على الناخب، ولا تنتهي للفائز بمجرد الفوز وتشكيل الحكومة والبرلمان؛ إنما عمل محكوم بثوابت وسلوكيات وتربية وثقافة وإيمان مطلق بالتجرد من الأنانية، والسعي لحب الخير وإحترام الأخر والتفاني للوطن وحرية الرأي والتعبير، وأفعال خلاصتها العمل لتحريك دفة الحكم لإستقرار البلد.
الفوز ليس إمتياز على المواطنة، ولا إحتكار للقرار بعيد عن المواطن، ولا تخلي عن مسؤولية وواجبات تعبر عن إرادة جماهير تشعر بالظلم والإحباط وفقدان الثقة بالطبقة السياسية.
ما قبل الإنتخابات لا ينفصل عن ما بعدها، والتزوير أخطر ما يهدد نزاهتها، وبالتالي يعطي الأمر لمجموعة ويسلب الحق من مجاميع. طرق متعددة تستخدم للتزوير؛ منها أستخدام الخطاب الحكومي الى حزبي، وإستغلال المال العام والإبتزاز، وأماكن الدعاية والضغط بالمؤسسات، وأخطرها شحن العواطف طائفياً، سعياً للحكم الفردي بمجموعة أحزاب تتصارع في الظاهر، وتشترك في تغيب إرادة الناخب، بالإلتفاف من خلال تقاسم السلطة.
تشكيل الحكومة لا يعني نهاية المطاف للناخب، ولا يسلب الناخب حقة في الإعتراض وإزاحة السلطة، وإسترداد مفاهيم الوطن والمواطنة التي سلبت تحت الضغوط السياسية، وإذا كان المواطنين أحرار في صندوق الاقتراع، لا يسلب هذا الحق تحت ترسانة الإمتيازات والفوارق الطبقية وغياب العدالة الإجتماعية، وتفكيك المجتمع، بمخاطبة العواطف وترك العقل.
رئيس الوزراء ومن يحيط به يصرون على( ما ينطيها)، وكإننا لا نزال نتوارث ثقافة القوة والغلبة، وإستغفال الناس بالترغيب والترهيب، ولا يهم ما هي التشكيلة والبرنامج وإستقرارالبلد، ومَنْ سينجح في قيادة الدولة، وإختزالها بأشخاص رغم الفشل الذريع لهذا الفريق في الولاية الثانية، واليوم يعمل لإغراء أضعف القوى، الشيعية والكردية والسنية، ويبدأ من تفكيك التحالف الوطني، سيما تجربتنا تؤشر وجود الإنتهازية السياسية، وإقتناص الفرص للكتل الصغيرة.
التوقعات تشير الى حصول دولة القانون من 70-80 مقعد، لا يستطيع من التحالف الوطني ولا من شراكة القوى الفاعلة، وللحصول على الولاية الثالثة يجب إعادة تجربة حكومة 42 وزير، وتذرع رئيس الوزراء بعدم القدرة على المحاسبة كون المحاصصة الحزبية هي الحاكمة.
المالكي صرح بعدم وجود خطوط حمراء للتحالف، حتى مع القوائم التي توصف بالميول للإرهاب، ورد النجيفي بالتحالف مع الجميع إلاّ المالكي، ما يعطي الأول فرصة لإجتذاب بعض أعضاء متحدون لدعم الولاية الثالثة، او البحث عن قوائم ذات مقاعد قليلة لمناصب كبيرة!
السنة يريدون نيابة مجلس الوزراء والدفاع، والمطلك يحلم بالصلاحيات السابقة، والإتحاد الكردستاني المتراجع بعد غياب الرئيس الطالباني، يطمح لرئاسة المجهورية والخارجية، والفضيلة العدل او التجارة، والإصلاح رئاسة التحالف ووزارة أخرى، وعبعوب أميناً لبغداد دون منازع، ومقاولي السياسية يريدون الحفاظ على المغانم والصلاحية مع عوائلهم وأصدقائهم ومقربيهم.
التصرف ضد إرادة الناخب، خيانة للإنسانية وأصطفاف ضد المواطن، وبيع للوطن في سوق النخاسة.
المناصب يسيل لها لعاب الحيتان الإنتهازية، وواقعة الطف لا تزال تختزن في العقل العراقي، يمثل فيها غدر أهل الكوفة بإماهم الحسين عليه السلام صفحة سوداء في التاريخ الإنساني، الذي أشعل فتيل الندم والغليان الى ثورة كبيرة للتوابين، وإقتصوا من الظالمين بنفس أفعالهم. القوى السياسية مأتمنة على الأصوات الداعية للتغيير، والمرجعية الدينية والعقلية والوطنية، تبحث عن الأكفأ النزيه والأختصاص، مَنْ يملك المشروع الوطني، الذي لا تستميله المناصب والإغراءات، ولا يجبن بالدفاع عن حقوق المواطن.