24 نوفمبر، 2024 5:52 ص
Search
Close this search box.

يعرف الإله برغيف الخبز

يعرف الإله برغيف الخبز

جاءت الديانات السماوية، حاملةً رسائل من الخالق، لهداية الإنسانللجنة ونعيمها الذي لا ينضب، فصورت الجنة كموطن للسعادة المطلقةوالراحة الأبدية، كرحمة وهدية منه سبحانه لعباده المؤمنين..

من دلائل الرحمة الإلهية التي تجلت في التاريخ، قصة بني إسرائيلحين أنعم سبحانه عليهم بالمنِّ والسلوى، طعاماً يسد جوعهم ويشبعحاجتهم، ليكون ذلك دافعاً لهم للدخول في دين النبي موسى والتقربللخالق، وطاعته والإلتزام بأوامره ونواهيه.  

على نفس المنوال إستكمالا وتكاملا، جاء الإسلام برسائل تؤكد أهميةالجانب المادي في حياة الإنسان، ففي القرآن الكريم، جاءت آية تقولالمال والبنون زينة الحياة الدنيالتبرز دور المال في تلبية احتياجاتالإنسان، وتحقيق استقراره وسعادته، كما وردت العديد من الأحاديثعن أمام البلغاء علي ابن أبي طالب عليه وأله أفضل الصلوات، لتدلعلى أن السعادة لا تتحقق إلا بوجود المال، الذي يضمن الكفاف ويؤمنالحياة الكريمة، إضافة إلى المسكن الذي يعد ركيزة من ركائزالاستقرار.

هذه الرسالة الإلهية والأحاديث الشريفة، تحمل دلالة واضحة، على أنتوفير الاحتياجات المادية الأساسية للإنسان، مدخل أساسي لتقويةالإيمان بالافكار، وتوطيد العلاقة بين الإنسان وخالقه، والبناء العقائدييبدأ في جانب منه، بنهاية توفير الماديات الأساسية.

إذا ما نظرنا إلى الوضع في لبنان، نجد أن المقاومة الإسلامية، تمكنتمن بناء قاعدة شعبية قوية، ليس فقط من خلال الخطاب الدينيوالعقائدي، بل من خلال توفير الدعم المادي للأفراد، بدءاً منالمساعدات الغذائية، وصولاً إلى الخدمات الصحية والتعليمية لكافةتنظيماته، فلقد أدرك الحزب أن الإنسان، لكي يكون متمسكاً بدينهوعقيدته، يحتاج أولاً لتلبية احتياجاته الأساسية، وهذا النهج أدى إلىترسيخ العقيدة الجهادية، لدى جزء كبير من الشعب اللبناني، ماجعلهم أكثر مقاومةً والتزاماً.  

في العراق الصورة تبدو مختلفة تماماً، فالحركات والتيارات العقائديةمنها، تطالب الأفراد بالتمسك بالعقيدة ومواجهةالهجمات الفكريةدون أن تبذل جهداً كافياً، لتوفير مقومات الحياة الكريمة، فهناك ثلاثةملايين عائلة تفتقر للسكن، وهناك نقص في الخدمات الأساسيةكالدواء والتعليم، وارتفاع فاحش بأسعار العقارات والبضائع، جعلتمن الصعب على العراقي، أن يؤمن بأهمية الدفاع عن النظامالسياسي، لما يعانيه في حياته اليومية، وهنا يكمن التحدي الكبير: كيف يمكن أن يطلب من الإنسان، أن يدافع عن فكرة أو عقيدة، فيوقتٍ لا يجد فيه ما يسد رمقه أو يحفظ كرامته؟  

لا يمكن أن تكون العقيدة راسخة دوماً، دون أن يترافق ذلك مع تلبيةالاحتياجات المادية للأفراد، فالإيمان لا يُبنى في فراغ، ويصعب أنيزدهر في بيئة يسودها الفقر، فالخالق أوجد الإنسان بطبيعة تحتاجإلى الطعام والمسكن، والأمان قبل أن تدفعه إلى النضال.. نعم يحصلذلك، لكن لفئات قوية العقيدة وشديدتها، وهو ما يندر حالياً مع الأسفإلا لقلة.. وخاصة من قبل جيل زي، الذي ولد في ظل التطوراتالتكنلوجية، ورأى العالم عبارة عن قرية صغيرة، وهو لن يؤمن حتىيرى المساواة مع اقرانه خارج الحدود.

لذلك على التيارات والأحزاب السياسية، أن تدرك أن بناء الإنسان،يبدأ برغيف الخبز قبل بناء الأفكار.. فالخالق لا يُعرف من خلال الكلامفقط، بل بالفعل الذي يلبي حاجات الناس، ويؤمن لهم حياة كريمة،ليكون الإيمان نتيجة حتمية لهذا العطاء.

أحدث المقالات

أحدث المقالات