18 ديسمبر، 2024 2:05 م

“سادية – مازوخية” (2).. تغير التصنيف الطبي واعتبرت ممارسات عادية

“سادية – مازوخية” (2).. تغير التصنيف الطبي واعتبرت ممارسات عادية

خاص: إعداد- سماح عادل

مع انتشار تلك الممارسات في المجتمعات الغربية، وتفشيها تعدلت النظرة إليها، مع إتاحة حرية كبيرة لممارسة الأفعال في العلاقات الحميمة خاصة.

قال الدكتور “جوزيف ميرلينو” مستشار الطب النفسي  خلال حوار صحفي أن العلاقة السادية-المازوخية لا تعتبر مشكلة نفسية إذا كانت العلاقة توافقية بين الطرفين، وتكون مشكلة فقط إذا كانت تجعل الفرد يلاقي صعوبات، أو أنه غير راض عنها، أو تسبب له مشاكل في حياته الشخصية أو المهنية. وبافتراضِ أنها مشكلة، أتساءل عن ما هي بيولوجيته التي من شأنها أن تسبب الميل نحو المشكلة، وما هي التجارب التي مر بها هذا الفرد ديناميكيا، والتي قادته نحو السادية- المازوخية”.

التطور الجنسي المبكر..

يتفق علماء النفس علي أن التطور الجنسي المبكر للإنسان له أثر عميق على الحياة الجنسية في حياته. ومع ذلك الرغبات السادية- المازوخية تتشكل في مجموعة متنوعة من الأعمار. بعض الأفراد يكشف وجود هذه الرغبات قبل بلوغهم، وآخرين اكتشفوها في سن البلوغ. ووفقاً لإحدى الدراسات، غالبية الرجال الممارسين للسادية والمازوخية نسبة 53% منهم طورت اهتماماتها ورغباتها هذه قبل أن يبلغو سن الخامسة عشر من العمر، بينما غالبية الإناث نسبة 78% منهن تطورت اهتمامهن بهذه الرغبات بعد ذلك السن (بحث بريسلو، وإيفان، ولانقلي عام 1985).

ووجِد أن انتشار السادية والمازوخية في عموم السكان غير معروف السبب. فقد كشفت بعض الدراسات الاستقصائية عن تماثل انتشار نسب الخيالات والنزوات السادية بين الإناث والذكور، رغم أن النساء من الساديات أقل بروزا من نظرائهم الذكور. النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات تدل إلى أن جنس الشخص ليس من بين العوامل التي تحدد الميل للسادية.

التصنيف الطبي..

تغير الرأي الطبي نحو السادية-المازوخية مع الوقت. دوما ما كانت السادية والمازوخية يتم تصنيفهما بصورة منفصلة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، أضيفت السادية إلى الدليل بطبعته الأولى عام 1952، أما المازوخية فقد أضيفت إلى الدليل في الطبعة الثانية عام 1968. وما زال علم النفس المعاصر يدرس السادية والمازوخية بصورة منفصلة ويصنفهما إما كنمط من أنماط الحياة أو كحالة طبية.

الطبعة الخامسة والحالية من الدليل التشخيصي والإحصائي تستبعد الممارسات السادية والمازوخية القائمة بالتراضي بين الأفراد (BDSM) من التشخيص على أنها اضطراب عندما لا تعود هذه الممارسات الجنسية بالأذى أو الضائقة على الفرد. يذكر القسم (F65) من المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض أنه «يشيع استخدام درجات خفيفة من التحفيز السادي-المازوخي من أجل تحسين نشاط جنسي طبيعي خلافا».

وتنص الإرشادات التشخيصية الخاصة بالمراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض أنه ينبغي إجراء مستوى التشخيص هذا فقط في حالة كان «النشاط السادي-المازوخي أهم مصدر من مصادر التحفيز الضرورية للوصول إلى الإشباع الجنسي».

كما أزالت منظمة تدعى «ريفايز F65» في أوروبا السادية – المازوخية من التصنيف الدولي للأمراض، حيث يعني اسم المنظمة «ألْغَ F65» في إشارة إلى القسم F65 من المراجعة الدولية للأمراض. أصبحت الدنمارك عام 1995 أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تقوم بإزالة السادية- المازوخية بالكامل من تصنيفها الوطني للأمراض. وتبعتها السويد عام 2009، فالنرويج عام 2010 ومن ثم فنلندا عام 2011. تكشف الاستطلاعات الحديثة حول مدى انتشار نزوات الـBDSM وممارساتها، وجود اختلافات كبيرة في نطاق النتائج التي تتوصل إليه هذه الاستطلاعات. رغم ذلك، يفترض الباحثون أن نسبة متراوحة ما بين 5% إلى 25% من الأفراد يمارسون سلوكيات جنسية مرتبطة بالألم أو الهيمنة والقمع. ويُعتقد أن نسبة الأفراد الذين تراودهم نزوات مرتبطة أكبر من ذلك.

مراجعة التصنيف الدولي للأمراض والمسودات الحديثة سكشف تغييرات في المعايير الاجتماعية. فقد قامت النسخة الحادية عشر التجريبية من التصنيف الدولي للأمراض اعتبارا من أغسطس 2016، بتفكيك معظم الأشياء المدرجة في القسم العاشر من التصنيف الدولي للأمراض (قسم F65)، حيث حصرت الأنشطة المرضية بتلك التي تكون إما قسرية أو مؤلمة للفرد الذي يرتكبها، وتستبعد تحديداً الأنشطة التوافقية القائمة بالتراضي بين الأفراد، أي السادية والمازوخية الجنسية من اعتبارها حالة مرضية.

التصنيف الجنائي..

في سياق علم الأدلة الجنائية قام “أنيل آغوال” بتقسيم السادية والمازوخية إلى عدة مستويات:

مازوخيون جنسيون..

المستوى الأول: تراوده نزوات ولكنه لا يسعى لتحقيقها. قد ترجح عليه الصفات السادية مع وجود نزعات مازوخية صغيرة أو قد لا يكون مزدوجا في ساديته ومازوخيته وفيه نزعات مازوخية صغيرة.

المستوى الثاني: مزيج متساوي من النزعات المازوخية والسادية. يرغب بتلقي الألم ولكن يحب أن يبقى الشريك المهيمن في العلاقة في هذه الحالة صفات سادية. يستطيع الوصول للنشوة الجنسية دون التعرض للإذلال أو الشعور بالألم.

المستوى الثالث: مازوخي وله نزعات سادية ضئيلة أو ليس لديه أي نزعات سادية. يفضل الشعور بالألم والإذلال وهو ما يسهل وصوله للنشوة الجنسية. قادر على تحقيق ارتباط رومانسي.

المستوى الرابع: مازوخي بصورة حصرية فلا يستطيع إقامة علاقات رومانسية نمطية وليس قادرا على الوصول للنشوة الجنسية إلا من خلال الشعور بالألم والإذلال.

ساديون جنسيون..

المستوى الأول: تراوده نزوات جنسية ولكنه لا ينفذها.

المستوى الثاني: يقوم بتنفيذ ما يتراوده من دوافع سادية مع شريك مازوخي أو غير ذلك بالتراضي.

المستوى الثالث: يقوم بتنفيذ ما تراوده من دوافع سادية مع ضحايا دون وجود تراضي مع الطرف الآخر ولكنه لا يؤذي أحد بإصابة بالغة ولا يقتل أحد. قد يعتبر من المغتصبين الساديين.

المستوى الرابع: لا يقوم بتنفيذ دوافعه إلا مع ضحايا دون وجود تراضي معهم وسيلحق بهم أذى بالغ أو يؤدي إلى مقتلهم.

يكمن الاختلاف ما بين المستويين الأول والثاني وبين المستويين الثالث والرابع في وجود التراضي من عدمه.

BDSM..

يستخدم مصطلح BDSM للدلالة عن الممارسات السادية الجنسية القائمة بين شخصين بالتراضي. العديد من السلوكيات مثل الردف، والدغدغة تحتوي على عناصر السادية والمازوخية. حتى إذا كان الطرفان يوافقان قانونا على مثل هذه الأفعال، فقد لا يتم قبول ذلك كدفاع ضد التهم الجنائية.

وقد قيل إن القانون في العديد من البلدان يتجاهل الطبيعة الجنسية للسادية -المازوخية  أو حقيقة أن المشاركين يدخلون هذه العلاقات طواعيةً لأنهم يستمتعون بالتجربة. ونظام العدالة الجنائية يركز على ما يعتبره سلوكا خطيرا أو عنيفا. ينظر القانون عادة إلى هذه الحالات كحالات اعتداء. مثل الحالة المعروفة في بريطانيا، حيث تمت محاكمة 15 رجلا بسبب مجموعة من الجرائم المتعلقة بالسادية المازوخية.

تأسست سامويس، أقدم منظمة معروفة للمراهقين في الولايات المتحدة، في سان فرانسيسكو عام 1978.

قد تتضمن الأعمال القاسية للسادية والمازوخية تعذيبا بالتراضي للأجزاء الحساسة من الجسم، مثل تعذيب القضيب والخصيتان عند الذكور، وتعذيب الثدي والتعذيب الجنسي بشكل عام للإناث. وقد تشمل الأفعال الشائعة لكلا الجنسين تعذيب المؤخرة (مثلا باستخدام المنظار)، وتعذيب الأنف. في الحالات القصوى، يمكن أن تشمل السادية والمازوخية الأوهام أو الحوافز أو السلوك الجنسي الذي يسبب اضطرابا أو ضعفا ملحوظًا في الوظائف الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من المجالات المهمة من العمل، لدرجة أنها يمكن اعتبارها جزءا من الاضطراب العقلي.

“خمسون ظلا” هي سلسلة روائية رومانسية أيروتيكية تأليف الكاتبة البريطانية إي. إل. جيمس وتتناول موضوع السادية والمازوخية. ومع ذلك فقد تعرضت الروايات للانتقاد بسبب تصويرها غير الدقيق والضار للسادية المازوخية. وقد صدرت سلسلة أفلام تستند عليها والتي تم انتقادها بالمثل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة