خاص: كتبت- نشوى الحفني:
في الوقت الذي طالب فيه الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، من “ترمب”، في ولايته الجديدة، السيّر في الخطوط الدبلوماسية لإنهاء الحرب مع “روسيا”، شّكل قرار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته؛ “جو بايدن”، السماح لـ”أوكرانيا” باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لضرب أهداف روسية، صدمة محلية وعالمية، رافعًا التصعيد ومخاطر توسع الحرب إلى أعلى مستوياتها.
وجاء القرار بعد رفضٍ أميركي جازم لمد “أوكرانيا” بأسلحة متطورة، خوفًا من أن يكون ذلك تصعيدًا مباشرًا مع “روسيا”. وندّدت به “كييف” مرارًا، حتى نالت مطلبها في توقيتٍ حاسم من تاريخ الحرب، مع تعهد الرئيس القادم؛ “دونالد ترمب” بإنهائها.
وتقول شبكة (سي. إن. إن) في تحليلٍ لها؛ الأحد، إن طلبات “أوكرانيا” العسكرية كانت تتبع نمط الرفض والمراوغة، ثم الموافقة، بدءًا من إصرارها على صواريخ (هيمارس)، ودبابات (أبرامز) وطائرات (إف-16)، وصولاً إلى صواريخ (أتاكمز).
وحمل القرار المتأخر سؤالًا جوهريًا، عما إذا كان قد فات الأوان على أنظمة الصواريخ التكتيكية؛ (أتاكمز)، لإحداث فرق إذا ضربت أهدافًا في عمق “روسيا” ؟ وبرُغم أن الإجابة تبدو معقدة، إلا أنها تُفسر بعضًا من تردد إدارة “بايدن”، في منح “أوكرانيا” ما كانت ترنو إليه.
وبحسّب الشبكة الأميركية؛ فإن ما ستحصل عليه “أوكرانيا” من صواريخ (أتاكمز) التكتيكية محدود جدًا، ما يجعل قدرتها على ضرب عمق “روسيا” غير ممكن، بسبب مدى تلك الصواريخ الذي يصل في أقصاه إلى: (62) ميلًا.
يصب الزيت على النار..
وفي أول رد فعل من الرئاسة الروسية؛ قال (الكرملين) إن: “بايدن يصب الزيت على النار”.
ذكر (الكرملين)؛ أمس الإثنين، أن قرار “الولايات المتحدة” السماح لـ”أوكرانيا” باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب العُمق الروسي؛ سيؤدي إلى زيادة التوتر وتعميق انخراط “الولايات المتحدة” في الصراع.
وأعلن المتحدث باسم (الكرملين)؛ “دميتري بيسكوف”، أن سماح الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، لـ”كييف” باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لضرب الأراضي الروسية؛ من شأنه أن: “يصب الزيت على النار” في النزاع في “أوكرانيا”.
وحذر “بيسكوف” من أن هذا الإذن، في حال أكدته “واشنطن” رسميًا، سيؤدي إلى: “وضع جديد تمامًا في ما يتعلق بضلوع الولايات المتحدة في هذا النزاع”، وذلك بعدما أفادت وسائل إعلام أميركية عن هذا القرار وأكده مسؤول أميركي لوكالة (فرانس برس).
يستلزم الرد القاسي..
ويأتي رد فعل (الكرملين) هذا؛ بعد ساعات من تصريح لمجلس (الدوما) الروسي، مفاده أن سماح “بايدن” للنظام الأوكراني باستخدام صواريخ (أتاكمز) داخل الأراضي الروسية: “يستلزم ردًا قاسيًا”.
وكان رئيس لجنة (الدوما) الروسية للشؤون الدولية، وزعيم الحزب (الديمقراطي الليبرالي)؛ “ليونيد سلوتسكي”، أكد أمس الأول الأحد، إن الإذن الأميركي المحتمل بشن ضربات صاروخية من طراز (أتاكمز) على الأراضي الروسية سوف يستلزم حتمًا ردًا قاسيًا.
وقال “سلوتسكي”؛ في حديث لوكالة (سبوتنيك) الإخبارية الروسية: “يبدو أن بايدن قرر إنهاء فترة ولايته الرئاسية بأن يُسجل اسمه في التاريخ باسم: (جو الدموي)، فإذا إذا تم تأكيد البيانات من مصادر المنشور، فهذا يعني شيئًا واحدًا فقط: المشاركة المباشرة للولايات المتحدة في الصراع العسكري في أوكرانيا”.
وأكد أن هذا: “سيستلزم حتمًا الرد الأشد صرامة من روسيا، بناءً على التهديدات التي ستنشأ لبلدنا”.
إجراء استفزازي..
المحللون يؤكدون أن صواريخ (أتاكمز) قادرة على الوصول لمئات الأهداف الروسية المهمة، ومن بينها مطارات كبيرة، لكن مع ذلك أكدوا أن الهدية الأميركية الأخيرة تبقى دون مستوى تحويل مسّار الحرب.
قال مسؤولون أميركيون، الأحد، إن الرئيس “جو بايدن”؛ سمح لأول مرة لـ”أوكرانيا” باستخدام الصواريخ بعيدة المدى، التي قدمتها “الولايات المتحدة”، لشن ضربات داخل “روسيا”.
ويقول الخبراء؛ إن السماح لـ”أوكرانيا” باستخدام الصواريخ الدقيقة الأميركية لضرب عُمق “روسيا”، كما يبدو، استفزازي للغاية، لكنه يأتي في وقتٍ حساس، إذ أن الماكينة العسكرية الروسية ليست في أفضل مراحلها، ولا تسعى للدخول في صراع كامل مع “حلف شمال الأطلسي” أو “الولايات المتحدة”، لكن في مرحلةٍ ما، سيسّعى (الكرملين) إلى استعادة قوته الرادعة، عبر طرق مختلفة.
أهداف مدنية في أنحاء “أوروبا”..
ومن بين تلك الطرق؛ حسّب الخبراء، تخريب أهداف مدنية في جميع أنحاء “أوروبا”، ودليل ذلك التقارير الأخيرة التي تُفيد بزرع عبوات ناسفة على طائرات بريدية داخل “أوروبا”.
ويُضيف الخبراء؛ أن القرار لم يكن بسيطًا أو واضحًا كما ادعى بعض المؤيدين في “كييف”، ويبدو أن الهدف الأوسع منه هو إشراك إدارة “بايدن” بشكلٍ أكبر في لعبة حرب “أوكرانيا”.
نشر قوات “كوريا الشمالية”..
ومع ذلك؛ يحرص “البيت الأبيض” على التأكيد بأن نشر قوات كورية شمالية في “كورسك” الروسية؛ كان بمثابة الوقود لقراره الأخير، وأن هذا هو رد “الولايات المتحدة” على تصعيد “موسكو”.
وأشار المسؤولون الغربيون إلى أن نشر جنود كوريين شماليين في “كورسك” وسع الصراع الأوكراني، وجعل لخصوم “الولايات المتحدة” في منطقة المحيطين “الهندي والهاديء” الآن دورٍ فيه.
يُعقد خطط “ترمب” للسلام..
ويرى المحللون؛ أن القرار كذلك يُعقد خطط “ترمب” للسلام في “أوكرانيا”، ويورثه حربًا أصبحت المخاطر فيها أعلى بكثير من السابق، لكنه في نظر “بايدن”، مجرد تصعيد يأتي ردًا على التصعيد الروسي.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم: “لا يتوقعون أن يؤدي هذا التحول إلى تغييّر جذري في مسّار الحرب، إلا أن أحد أهداف تغيّير السياسة، إرسال رسالة إلى “كوريا الشمالية” مفادها أن قواتهم مُعرضّة للخطر وأنهم لا ينبغي أن يُرسلوا المزيد من الجنود”.
وقال المسؤولون؛ إنه في حين من المُرجّح أن يستخدم الأوكرانيون الصواريخ أولًا ضد القوات الروسية والكورية الشمالية التي تُهدد القوات الأوكرانية في “كورسك”، فإن “بايدن” قد يسمح لهم باستخدام الأسلحة في أماكن أخرى.
وقال بعض المسؤولين الأميركيين إنهم يخشون أن يؤدي استخدام “أوكرانيا” للصواريخ عبر الحدود إلى دفع الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، إلى الرد باستخدام القوة ضد “الولايات المتحدة” وشركائها، إلا أن مسؤولين رأوا في ذلك تقديرات: “مبالغًا فيها”.
تحتاج دعم من الـ”ناتو”..
أمس؛ أطلقت “أوكرانيا” بالفعل صواريخ بعيدة المدى مثل (أتاكمز) الأميركية؛ التي يبلغ مداها: (300) كيلومتر، وصواريخ (هيمارس) التي يصل مداها إلى: (150) كيلومترًا، مستهدفة بذلك عددًا من المنشآت العسكرية الروسية في مناطق مختلفة.
هذا التصعيد يأتي في وقتٍ حساس، حيث تسعى “أوكرانيا” لاستخدام هذه الأسلحة الدقيقة لتوجيه ضربات مباشرة على المنشآت الحيوية داخل “روسيا”، بما في ذلك القواعد الجوية والطاقة النووية، مثل “محطة كورسك للطاقة النووية”.
في إطار التحليل السياسي؛ أكدت حلقة (على الخريطة)؛ على (سكاي نيوز عربية)، أن استخدام “أوكرانيا” لهذه الأسلحة الحديثة لم يكن ليحدث دون دعم مباشر من الدول الغربية، خصوصًا “الولايات المتحدة” وحلف الـ (ناتو).
وقالت إن الأسلحة التي تمتلكها “أوكرانيا” حاليًا، مثل صواريخ (أتاكمز) و(هيمارس)، تتطلب دعمًا استخباراتيًا من الأقمار الصناعية والمعلومات الحربية التي توفرها دول الـ (ناتو).
وأضافت أن هذا الدعم يُزيد من تعقيد الصراع؛ حيث أن تورط الحلفاء الغربيين في النزاع قد يجعل من الصعب الوصول إلى حل سلمي في المستقبل القريب.
محطة “كورسك” النووية في مرمى الضربات..
في سيّاق الحديث عن الأهداف الاستراتيجية في “روسيا”؛ تم تسّليط الضوء على محطة (كورسك) للطاقة النووية، التي تقع على بُعد: (600) كيلومتر من الحدود الأوكرانية.
وأشارت الحلقة إلى أن هذه المحطة تُعدّ واحدة من أكبر ثلاث محطات للطاقة النووية في “روسيا”، ويُمثل تهديدها ضربة اقتصادية وعسكرية لـ”روسيا” في حال تعرضت للهجوم. و”إذا أصابت أوكرانيا هذه المنشأة، فإنها ستؤثر على استقرار الإمدادات الكهربائية في العديد من المدن الروسية الكبرى، ما يُشكل تهديدًا كبيرًا للداخل الروسي”.
هل تتحول هذه الضغوط إلى حل دبلوماسي ؟
وعن إمكانية أن يسَّهم التصعيد العسكري الحالي في فتح الباب أمام الحلول الدبلوماسية؛ فإن التصعيد الذي تشهده “أوكرانيا” قد يكون ورقة ضغط على “روسيا” في محادثات المستقبل، لكن من غير المُرجّح أن يقود إلى حلٍ سريع، خصوصًا في ظل مواقف “موسكو” التي تؤكد أنها لن تتراجع عن أهدافها الاستراتيجية.
وأن أي مفاوضات قد تتطلب أن تكون الضغوط العسكرية جزءًا من استراتيجية التفاوض، وهو ما قد يُزيد من تعقيد أي اتفاق.
بداية لتغييّر جوهري في النظام الأمني العالمي..
وحول احتمالات التصعيد إلى حربٍ شاملة بين “روسيا” والـ (ناتو)؛ في حال استمرت “أوكرانيا” في استخدام الأسلحة الغربية الدقيقة في الهجمات.
وكذلك: “إذا استمر هذا النوع من التصعيد العسكري، فقد نكون أمام تطورات أكثر خطورة تتجاوز حدود أوكرانيا، خاصة إذا تدخلت قوات الـ (ناتو) بشكلٍ مباشر”. وأضافت أن المواجهة المباشرة بين الـ (ناتو) و”روسيا” قد تكون بداية لتغيّرات جوهرية في النظام الأمني العالمي.
إن الوضع العسكري في “أوكرانيا” يستمر في التصعيد، مع استمرار الضغوط الغربية على “روسيا”. وبينما يظل الأمل في الحلول السياسية قائمًا، يبقى الوضع مفتوحًا على كافة الاحتمالات، مما يُزيد من تعقيد الحرب وتأثيراتها على الأمن الإقليمي والدولي.
انتهاء الحرب بالدبلوماسية..
ومنذ يومين؛ قال الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، إن “كييف” يجب أن تفعل كل ما في وسعها لضمان انتهاء الحرب مع “روسيا”، العام المقبل 2025، من خلال الدبلوماسية، في تعليق يأتي في توقيتٍ حاسم بعد فوز؛ “دونالد ترمب”، في انتخابات الرئاسة الأميركية، ومكاسب “روسيا” في ساحة المعركة.
غير أنه أضاف أن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”: “غير مهتم بإبرام اتفاق سلام”، على حد وصفه، مشيرًا إلى أنه: “من المناسب لموسكو الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الاستمرار في القتال”.
وتابع في مقابلة مع إذاعة (سوسبيلني) الأوكرانية؛ جرى بثها السبت: “من جانبنا، يتعين أن نفعل كل شيء حتى تنتهي هذه الحرب العام المقبل، وذلك عبر السُبل الدبلوماسية”.
“الحقائق على الأرض”..
وقال سفير “موسكو” لدى “الأمم المتحدة” في جنيف، الخميس، إن “روسيا” ستكون منفتحة على المفاوضات بشأن إنهاء الحرب إذا بدأها “ترمب”، لكنه أضاف أن هذه المفاوضات يجب أن تعترف: بـ”الحقائق على الأرض”.
وتستخدم “موسكو” هذه العبارة لتعني أن “أوكرانيا” يجب أن تتنازل عن أربع مناطق سيّطرت عليها القوات الروسية جزئيًا، وأعلنت “موسكو” ضمها إليها كاملة.
وكان المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية؛ “دونالد ترمب”، قد قال إنه سيعمل مع “أوكرانيا” و”روسيا” لإنهاء حربهما، حال فوزه في انتخابات الخامس من تشرين ثان/نوفمبر المقبل.
ورجّح “زيلينسكي”؛ أن: “تنتهي الحرب بشكلٍ أسرع في عهد ترمب”، الذي قال كثيرًا خلال حملته الانتخابية إنه سيُنهي الصراع بسرعة، دون تقديم تفاصيل.
وذكر “زيلينسكي”، أن القانون الأميركي يمنعه من مقابلة “ترمب” قبل تنصيبه في 20 كانون ثان/يناير المقبل.
وقال: “سنفعل كل ما يعتمد علينا (لضمان عقد اجتماع). عقدنا اجتماعًا جيدًا للغاية في أيلول/سبتمبر”، مضيفًا أنه سيتحدث فقط مع “ترمب” نفسه وليس أي مبعوث أو مستشار.