خاص: كتبت- نشوى الحفني:
ما إن فاز الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، باتت التساؤلات تُثار حول موقفه من الشرق الأوسط، خاصة “إيران”، فهل يعود لنفس سياسته السابقة أم يتبع سياسات أخرى جديدة ؟.
المراقبون يرون أن أحداث الشرق الأوسط، ستجعل ولاية “ترمب” الثانية مختلفة بلا شك عن ولايته الأولى.
وفي مقال للرأي بصحيفة (نيويورك تايمز)؛ رأت الكاتبة “أماندا تاوب”، أن منطقة الشرق الأوسط تغيرت بشكلٍ كبير عقب هجوم (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023 على مستوطنات الكيان الصهيوني، التي عطلت توازن القوى وأولويات اللاعبين الرئيسيين.
لحظة فارقة في التاريخ..
واعتبرت أن هجوم (حماس) كان لحظة فارقة في التاريخ؛ دفعت المؤرخين إلى تقسيمها لـ”ما قبل” و”ما بعد”، السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023؛ لأنه حطم الفرضيات القديمة المتعلقة بالصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”، مما أدى إلى فترة من الشكوك العنيفة.
خلال ولاية “ترمب” الأولى ومعظم ولاية الرئيس؛ “جو بايدن”، لم تحظ المطالب الفلسطينية بإقامة دولة باهتمام كبير، بل سيّطرت “إسرائيل” على “الضفة الغربية” واحتوت “قطاع غزة” بإحكام؛ لدرجة أنه كان يبدو أن الوضع القائم سيستمر إلى أجلٍ غير مسُّمى.
لكن هجوم (حماس) والحروب وإعادة الترتيبات التي أعقبت ذلك غيرت كل شيء، ومع ذلك ظلت “الولايات المتحدة” متورطة بعمُق في المنطقة، حيث قدمت الدعم العسكري لحرب “إسرائيل” في “غزة ولبنان”، إلا أن سلوك “إسرائيل” وقتلها عشرات الآلاف من الناس وتشريد أكثر من مليون شخص، أدى إلى غضب واسع النطاق، مما جدد الاهتمام بـ”قضية الدولة الفلسطينية”.
التوازن المضطرب بين “إسرائيل” و”إيران”..
وقبل هجمات (حماس)؛ كانت “إسرائيل” و”إيران” في حالة من التوازن العنيف أحيانًا، ولكن المسُّتقر إلى حدٍ كبير، وقد انخرطتا في حربٍ خفية، لكن أيًا منهما لم ترغب في صراع شامل، وحافظتا على توازن تقريبي.
لكن هذا التوازن أهتز عندما نفذت “إسرائيل” غارة جوية على منشأة دبلوماسية إيرانية في “سورية”، وقتلها رئيس المكتب السياسي لـ (حماس)؛ “إسماعيل هنية”، في “طهران”، واستشهاد قادة (حزب الله)، وشن “إيران” هجومين صاروخيين منفصلين واسعي النطاق على “إسرائيل”، الأول من نوعه على الإطلاق، والذي قابلته “إسرائيل” بضربات محسّوبة بعناية ضد الدفاعات الجوية الإيرانية ومرافق إنتاج الصواريخ.
وفي حال فشلت “إسرائيل” و”إيران” في التوصل إلى توازن جديد للردع ضد بعضهما البعض، فقد يشتّد الصراع بينهما، مما قد يجر بلدانًا أخرى للحرب.
عدم التنبؤ بتصرفات “ترمب” في الولاية الثانية..
وفي فترة ولاية “ترمب” الأولى؛ زعم كثيرون أنه كان يتبع: “استراتيجية الرجل المجنون” في الشؤون الخارجية، وهي الفكرة التي تقوم على أنه إذا اعتقد خصومك أنك غير مسُّتقر بما يكفي لمتابعة التهديد رُغم العواقب الكارثية المحتملة، فمن المُرجّح أن يتراجعوا، لكن التصرف بشكلٍ غير منتظم مع الدول الصديقة يمكن أن يدفعها إلى الانسحاب والسّعي إلى تحالفاتٍ أخرى.
وأشارت (نيويورك تايمز) إلى أن مرشحي إدارة “ترمب” للتعامل مع الشرق الأوسط؛ لديهم خلفية محدودة في السياسة الخارجية، وقد أشاروا إلى دعمٍ قوي لـ”إسرائيل”، كما أن “إيلون ماسك”؛ المستشار المقرب من الرئيس المنتخب، قد التقى؛ هذا الأسبوع، مع مسؤولين إيرانيين لمناقشة نزع فتيل التوترات بين “إيران” و”الولايات المتحدة”.
أخطاء “بايدن” السياسية..
من جهته؛ أكد “راي تقيه”، زميل أول في “مجلس العلاقات الخارجية” الأميركي، أن الشرق الأوسط أصبح متقلبًا بشكلٍ متزايد بسبب استراتيجيات الرئيس؛ “جو بايدن”، الفاشلة، مشيرًا إلى أن إحجام الرئيس الأميركي عن فرض عقوبات على “إيران”؛ سمح لـ”طهران” بمواصلة توسيع نفوذها الإقليمي، ودعم حلفائها ووكلائها الذين يزُعزعون استقرار المنطقة. بحسّب مزاعمه.
وأضاف “تقية”؛ في مقاله بموقع مجلة (ناشيونال إنترست) الأميركية، أن أخطاء “بايدن” السياسية جعلت المنطقة أكثر خطورة، ما يجعل إدارة “ترمب” القادمة تسّعى إلى تبّني استراتيجيات تقوم على تعزيز حلفاء “الولايات المتحدة” وإضعاف خصومها مثل “إيران”.
استخدام سياسة “الضغط الأقصى”..
وعدّ “تقيه”؛ “إيران”، التحدي الأساس لـ”أميركا” في الشرق الأوسط، زاعمًا أن النهج المتسُّاهل لإدارة “بايدن” مكّنها من الحفاظ على الشبكات الموالية لها وتسليح وكلائها مثل (حماس)، التي هاجمت “إسرائيل”؛ في تشرين أول/أكتوبر 2023.
ورجّح “تقيه” أن تسعى إدارة “ترمب” الثانية إلى استعادة سياسة: “الضغط الأقصى” ضد “إيران”، فمن خلال إعادة فرض العقوبات القاسية، يمكن لفريق “ترمب” حرمان “إيران” من الموارد لتمويل وكلائها في الشرق الأوسط وتطوير برامجها النووية في الداخل، مما قد يُقلل من نفوذ “إيران” في جميع أنحاء المنطقة.
تعزيز التحالفات..
وأوضح الكاتب؛ أن أحد المكونات الأساسية لاستراتيجية “ترمب” المحتملة هو تعزيز التحالفات دون الالتزام بقوات أميركية كبيرة في المنطقة.
وقال إن الرؤية الأميركية تتجه بأولوياتها إلى موضع آخر بعيد عن الشرق الأوسط. كدعم “المملكة العربية السعودية” سياسيًا وعسكريًا. ويزعم أن تعزيز هذه الشراكات سيكون أسهل إذا تم النظر إلى “إيران” على أنها ضعيفة أو في موقف دفاعي.
المسألة النووية وحسابات “إيران”..
يُلاحظ “تقيه” وجود تقدم في طموحات “إيران” نحو امتلاك سلاح نووي، حيث تقوم “طهران” بتجميع (اليورانيوم) المخُّصب وأجهزة الطرد المركزي المتطورة. ومع ذلك، قد يتردد المرشد الأعلى؛ “علي خامنئي”، في تطوير الأسلحة النووية بسبب مخاطر المعلومات الاستخباراتية المسُّربة والدفاعات الجوية المخترقة.
ويعتقد “تقيه” أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات “ترمب”، إلى جانب استعداده التاريخي لاستخدام القوة، كما حدث في اغتيال الجنرال الإيراني “قاسم سليماني”، قد يُردع “خامنئي” عن المُضي قدمًا في البرنامج النووي. إن السجل الراسخ لـ”ترمب” وتصميمه على فرض العقوبات قد يجعلان “طهران” حذرة، مع العلم أن الخطوط الحمراء سوف يتم فرضها. بحسب أماني الكاتب.
التأثير الفريد لـ”ترمب”..
ويختتم “تقيه”؛ بتسليط الضوء على ما وصفه بإنجازات “ترمب” السابقة ونهجه في اتخاذ خطوات غير متوقعة لمنافسيه كأصول للسياسة الإقليمية. لقد أثبت فرض “ترمب” للعقوبات الشديدة وتفويضه بقتل “سليماني” استعداده لمواجهة “إيران”؛ على الرُغم من المعارضة الأوروبية. ويزعم “تقيه” أن الموقف الأميركي القوي، إلى جانب الخطوط الحمراء الواضحة، قد يكون ضروريًا لمنع التصعيد النووي في الشرق الأوسط، الذي أصبح بالفعل أكثر اضطرابًا بسبب الصراعات الأخيرة والتحالفات المتغيرة. وتمسك إدارة “ترمب” بحلفائها وتاريخها من العمل الحاسم قد يقدمان المسّار الوحيد القابل للتطبيق لردع المزيد من زعزعة الاستقرار الإقليمي، وخاصة فيما يتصل بالتطلعات النووية الإيرانية.
ضغط لإجبار “إيران” على المحادثات..
كما كشفت صحيفة (فايننشال تايمز)؛ نقلًا عن مصادر، أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب؛ “دونالد ترمب”، ستُعيد العمل بسياسة “الضغط الأقصى” الرامية إلى القضاء على قدرة “إيران” على تمويل وكلائها الإقليميين وتطوير الأسلحة النووية.
وقال أشخاص مطلعون على عملية الانتقال؛ إن فريق السياسة الخارجية لـ”ترمب” سيسّعى إلى تشديد العقوبات على “طهران”، بما في ذلك صادرات النفط الحيوية، بمجرد عودة الرئيس المنتخب إلى “البيت الأبيض”؛ في كانون ثان/يناير المقبل.
وذكر خبير في الأمن القومي مطلع على عملية انتقال “ترمب”؛ أنه: “عازم على إعادة فرض استراتيجية الضغط الأقصى لإفلاس إيران في أقرب وقتٍ ممكن”.
وأبرزت (فايننشال تايمز): “ستمُثل الخطة تحولًا في السياسة الخارجية الأميركية؛ في وقتٍ تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط اضطرابات عديدة بعد أن تسبب هجوم (حماس)؛ في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، في موجة من الأعمال العدائية الإقليمية”. بحسب ادعاءات الصحيفة المضللة.
وكان “ترمب” أشار، خلال حملته الانتخابية، إلى أنه يُريد صفقة مع “إيران”. وقال: “يتعين علينا التوصل إلى اتفاق، لأن العواقب مستحيلة. يتعين علينا التوصل إلى اتفاق”.
وأوضح أشخاص مطلعون على “تفكير ترمب”؛ أن تكتيك الضغط الأقصى سيُستخدم لمحاولة إجبار “إيران” على إجراء محادثات مع “الولايات المتحدة”، على الرُغم من اعتقاد الخبراء أن هذا أمر: “بعيد المنال”.
وشن “ترمب”؛ في ولايته الأولى، سياسة: “الضغط الأقصى”، بعد التخلي عن “الاتفاق النووي” لعام 2015 الذي وقّعته “إيران” مع القوى العالمية، وفرض مئات العقوبات على “طهران”.
وردًا على ذلك، كثفت “إيران” نشاطها النووي وخصّبت (اليورانيوم) بمُّعدل مرتفع.
وظلت العقوبات سارية خلال إدارة “بايدن”، لكن مراقبين قالوا إنه لم يتم تنفيذها بصرامة، كما سّعت الإدارة الأميركية لإحياء “الاتفاق النووي” مع “إيران” وتخفيف الأزمة.
ووفقًا لأشخاص مطلعين على الخطط؛ تُضيف الصحيفة، أن: “فريق انتقال ترمب يقوم حاليًا بصياغة أوامر تنفيذية يمكن أن يُصّدرها في يومه الأول في المكتب البيضاوي لاستهداف طهران، بما في ذلك تشّديد وإضافة عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيرانية”.