الفصل بين علوم الدين وعلوم الدنيا أمر مستحدث ، لم تكن معروفة إلا بعد الاستعمار ، إلا فالمسلم لا يعرف هذه القسمة في أثناء التطبيق ، لأن كل نافع يدخل عنده في طلب الأجر وقصد الآخرة وابتغاء وجه الله سبحانه فهو وسيلة للفهم والانتفاع .
ولكن المدارس العصرية فصلت بينهما حتى تحول الفصل من فني إلى الفصل بين عالمين مستقلين وربما متصادمين ، مما يجعل الطالب مجبراً على الإختيار إما هذا أو هذا ، وهذا التقسيم هو السائد الآن .
فنجد مثلاً التقسيم في المدرسة بين ” العلمي ، والأدبي ” ويدخل في العلمي مواد العلوم المختلفة من رياضية وطبيعية ، بينما الأدبي يدخل فيها الدين واللغة ، وهناك كليات العلوم والكليات العلمية ، وهناك الكليات الأدبية ، حتى ترسخ في وعي الأفراد والمجتمع ما هو أوسع من التقسيم الفني .
وفي مستوى الانتفاع يعدّ الدارس في الكليات العلمية من المحظوظين ويتميز بقبول اجتماعي وتجده مفتخراً بهذا المكان ، والمستقبل الوظيفي واعد ، بخلاف الدارس لعلوم الأمة ، مع أنه العلم في المجال الإسلامي لا يعرف هذه القسمة .
القصد من هذا التقسيم إبعاد العلوم الإسلامية ، والقصد الأهم هو تغريب أهم المؤسسات الإجتماعية وهي المدرسة !
حتى صارت المدرسة منفصلة عن الأمة الإسلامية عن همومها وآمالها عن ثقافتها وموروثها فلم تكن مشروع أمة بل كانت مشروع سلطة عند البعض ، ومشروعات علمنة الثقافة عند الآخرين المهم تولى إدارتها من لا تهمه هموم الأمة الإسلامية .