يسعى سعد العبودي من أهالي مدينة الصدر أن يكون يوم جمعة مميزاًعن غيره من أيام الأسبوع من خلال التأكيد بضرورة تناول (السياحالحار مع البيض بالدهن) في ساعات الصباح الأولى . ربما يحاولالعبودي بعمله هذا إعادة الصلة بين أكلات الأجداد العريقة وأذواقأولاده التي اختلقت عن ذي قبل كما يقول ” لكل جيل أسلوبه ونمطحياته، وهذا الموضوع انجرَ إلى الأكل، فالكثير من الأجيال المعاصرةتحاول الابتعاد عن الاكلات التي نتناولها في السابق“. ويضيف ” جيلاليوم يحتاج إلى شرح مفصل عن الاكلات الشعبية المألوفة من أجلالتعريف بالاكل العراقي وطعمه المميز” ويذكر أنه عندما يذهب إلىمسقط رأسه في ميسان يطلب من زوجات أعمامه اعداد ( الطابگ) الذي تفوح منه رائحة العنبر و(الشلكين) بالدهن الحر لدرجة ان بعضأولاده سألونه عن هذه الأسماء الغربية من وجهة نظرهم.
وتحتاج العودة إلى مجد الاكلات العراقية أهل الخبرة بعدما صرفتالوسائل الاتصال الحديثة النظر عن بعض النساء الالمام ببعضالأكلات العريقة كما تقول المعلمة المتقاعدة الحاجة حوري شكر منأهالي باب الشيخ سابقاً ” الباجة تحتاج ساعات طويلة لأعدادها،واعتقد ان بعض بنات اليوم يبحثن عن السرعة والسهولة واعتقد الدلفريقد اختصر المسافة وقرب البعيد وجعل بعض النساء بعيدات عن المطبخ“.وتعود شكر بذاكرتها إلى فترة الخمسينيات حيث تتشارك نساء المحلةفي اعداد بعض الاكلات كالدولمة والكبة وتضيف” هناك نفس وروحيشعر بها الجميع لاسيما أن اغلب الاكلات السابقة طازجة وغير مجمدة“.
مطاعم الاكلات السريعة الوافدة على المجتمع العراقي في زيادة يومية،فلا تكاد تخلو منطقة منها كما يقول رحيم الدراجي من أهالي المشتل ” فتحت اغلب مطاعم البيتزا وكنتاكي والقص صفحات لها على مواقعالتواصل الاجتماعي وما عليك سوى الاتصال لتحصل على ما تريد ” ويضيف الدراجي ” قد يكون هذا حل ناجعاً في ظل ظروف عدم التفرغ، وعدم المام بعض النساء بأصول الطبخ ولكن يجب ان لا تتحول الىقضية ادمان لاسيما أن الجيل الحالي يفضل هذا النوع من الاكل علىغيره” .
صراع الأجيال الفكري امتد أيضا إلى الاكلات فهناك ميل كبير منقبل الكثير الشباب إلى الاكلات المستوردة، وتفضلها على أختهاالمحلية كما يقول الطالب الجامعي حسن محمود ” الانتشار الفكري لميعد مقتصرا على الأساليب القديمة وأصبحت الاكلات المستوردة جزءمن العولمة الحديثة ” ويضيف محمود ” تعمل الكثير من الدولة علىحماية مورثها الشعبي والعمل على إدخاله على قائمة اليونسكو منهاالاكلات السوشي اليابانية والكسكسي المغربية وبيتزا الايطاليةوغيرها، ونأمل أن تعمل المؤسسات ذات الاختصاص بهذا الاتجاهوالسير منحى هذه الدول “. أما الحاجة أم صادق من أهالي السيديةتستغرب عن عزوف بعض الأحفاد عن اكل أنواع المرق والتمن والاتجاهنحو الاندومي بيتزا ولازانيا وتضيف ” هذه الاكلات لم نكن نألفها ونحنصغار واعتقد جسم الطفل يحتاج الى اكلات فيها مواد طازجة ” وتسأل” أين أكلاتنا العراقية الباجة والسمك مسكوف،مرحروك اصبعهوالمقلوبة ؟ أعتقد جيل يوم لا يعرف عنها سوى القليل” . وفيما تنتقد أمعلي من أهالي شارع فسطين حالة الاتكالية التي صيبت بها بعضربات البيوت ، واصبح أبو الدلفري هو المسيطر ” الزوجة اليوم لا تكلفنفسها وتتعب مادام أبو الدلفري موجود ، والنتيجة أكلات ليس لهارائحة اكلاتنا العراقية “.
مع وجود موجة نحو بعض الاكلات المستوردة ،فان هناك عودة الى تقديمالاكل العراقي من خلال انتشار بعض مطاعم الباجة والسمك المسكوفوالدليمية والفوزي كما يقول محمد علي صاحب معطم للباجة في مدينةالصدر ” اعتقد هناك طلب كثير على أنواع من الاكلات العراقيةالاصيلة بعدما كانت مختصرة على مطاعم الفلافل والهمبرغر والكصوالكباب حيث ظهرت مطاعم للباجة والقيمة حتى الدولمة في مناطق كثيرمن بغداد “