يعتبر الملف العراقي بكل فصوله وتفصيلاتها الأقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية وكذلك الوجود الأمريكي غير المرحب به في العراق في ظل وجود فصائل المقاومة العراقية ، هو أحد الملفات المهمة والهامة الموضوعة على طاولة الرئيس ترامب الى جانب ملفات أخرى مهمة مثل (الحرب الدراماتيكية مع أيران منذ أكثر من 40 عاما وبرنامجها النووي المثير للجدل مع فصائلها المقاومة الموجودة في سوريا ولبنان واليمن والعراق ، ثم الحرب الروسية الأوكرانية ، والحرب التي تخوضها أسرائيل في غزة وفي جنوب لبنان ، ناهيك عن ملف الصين وتفوقها الأقتصادي والذي بات الشغل الشاغل والأكبر والصداع المزمن لكل رئيس أمريكي!). ولربما كان العراقيين من أكثر الشعوب في العالم والمنطقة تحديدا لهفة في متابعة أخبار الانتخابات الأمريكية وما ستسفر عنه من نتائج ، ودعواتهم وأمانيهم بفوز الرئيس الجمهوري ترامب!! ، فهم يعتبرون الرئيس الجمهوري وتحديدا ترامب أحسن بكثير من أي رئيس أمريكي ينتمي للحزب الديمقراطي! ، وقناعتهم هذه لم تأت من فراغ! ، بل جاءت بعد تجربتهم المريرة مع الرئيس (أوباما) الديمقراطي ( فاز بدورتين أنتخابيتين لرئاسة أمريكا) ، والذي يحمل رؤية سلبية تماما عن العرب وتاريخهم؟! ، حيث يرى العراقيين أن سياسته أتجاه العراق سلبت الطبقة السياسية الحاكمة في العراق من أرادتها الوطنية! وجعلت العراق رهين لقرارات خارجية دولية وأقليمية تحديدا!! . من جانب آخر، أن العراقيين يعتقدون بأن الرئيس الجمهوري ترامب هو الوحيد القادر على كبح جماح فصائل المقاومة العراقية! التي باتت تشكل قلقا لرئيس الحكومة وللشعب على السواء! بسبب من غلوائها الثوري والعدائي لأمريكا، والتي أضطرت المرجع الديني الكبير السيد السيستاني الى مطالبتها بالأنضباط والتخفيف من ذلك الأندفاع! ، لتجنب جر العراق الى الصراع الأقليمي المشتعل في المنطقة ، وطالبها وبشكل غير مباشر أن تكون فعليا تحت جناح الدولة وتحت أمرة القائد العام للقوات المسلحة بشكل عملي هي وسلاحها وليس أعلاميا فقط! . وبصورة عامة أعتقد ومن وجهة نظري البسيطة أن العراقيين واهمون !، وأن نظرتهم ضيقة تجاه مجمل الأحداث التي جرت وتجري في المنطقة وتحديدا في العراق الذي يتقاسم طرفاه كل من أمريكا وأيران! منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003 ولحد الآن!. فقد نسوا ولربما تناسوا ان عالم السياسة لا توجد فيه عداوات دائمة ولا صداقات دائمة ، بل مصالح دائمة! ، فالمصالح القومية العليا هي التي تتحكم بمسارات الأحداث والعلاقات بين الدول ، وهذه المصالح ممكن أن تجعل أعداء الأمس أن يكونوا أصدقاء اليوم والعكس صحيح!. وهذا ما لمسناه وبشكل واضح في سياسة القيادة الأيرانية والتي أرى وقد يتفق معي البعض أو الكثيرين بأنها قيادة حكيمة ورشيدة فالحكومة الأيرانية ، تتعامل مع كل الأحداث الجارية الدولية منها والأقليمية من منطلق (برغماتي)! واضح وعندهم مصلحة أيران القومية العليا بالأعتبار الأول وحتى قبل المباديء وقبل كل شيء! ، وقد أعلنت أيران ذلك بصريح العبارة منذ أستلام الرئيس الأيراني الجديد (بزشكيان) الحكم ، الذي صرح مرارا وتكرارا بأنه لا يريد الحرب مع أمريكا وأن القنوات الدبلوماسية كفيلة بان تحل أعقد المشاكل ، وتناغم مع هذا التصريح وزير الخارجية الأيراني (عراقجي) وكذلك رئيس البر لمان ( قليباف) . بالمقابل أن لغة الحوار ومد يد السلام والتفاهم لا ترفضها أمريكا برئيسها الجديد ترامب! ، الذي يحمل في طيات سياسته وجوهرها تهدأة الأمور ومحاولة أطفاء الحروب في المنطقة ، والألتفات نحو اللأقتصاد الأمريكي المتعب والذي أنهكه الرئيس السابق ( بايدن) بسياسته الفاشلة ! ، فتحسين الوضع الأقتصادي وأنعاشه ونموه هو ما سيسعى له ترامب ، للوقوف بوجه الصين وأقتصادها الرهيب الذي حقق قفزات نوعية وكبيرة ، والذي دق ناقوس الخطر لدى أمريكا . كما ويأخذني العجب ولا أدري لماذا وضع غالبية العراقيين أمالهم الجسام بالرئيس الأمريكي الجمهوري ترامب! ، متناسين بأن أمريكا هي دولة مؤوسسات وأن مصلحة أمريكا العليا هي بالأعتبار الأول والأخير أن كان الرئيس جمهوري أم ديمقراطي! ، نعم قد يختلفون بالأسلوب والرؤى تجاه الأحداث ولكنهم لا يختلفون على المصالح الستراتيجية العليا ومنفعة ومصلحة أمريكا! . ونعيد هنا ونّذكر بأن العراق عندما تم أتخاذ القرار بغزوه وأحتلاله، أبان حكم الرئيس الأمريكي السيء الذكر ( بوش الأبن) الجمهوري لم يعترض الديمقراطيين في الكونغرس على قرار الحرب ، فهذه مصالح قومية عليا وخطط ستراتيجية لا أختلاف عليها!!. وهنا أؤكد ما ذكرته في أكثر من مقال بأن على العراقيين أن يتيقنوا تماما بأن أمريكا لاتريد الخير للعراق وهي جاءت لنهب ثرواته وتدميره!! ، وعجيب أمر العراقيين ، كيف تناسوا خطاب الرئيس ترامب عن العراق /// وبالأمكان مشاهدة ذلك عبر اليوتيوب/// حيث قال ( أن العراق هو ثاني دولة نفطية بالعالم بعد السعودية وتقدر قيمة ثروته النفطية ب 15 ترليون دولار!، وأن المجتمع العراقي هو مجتمع فاسد ولا سيادة عندهم ، وعليهم أن يدفعوا لنا على الأقل مبلغ (ترليون ونصف ترليون دولار)!! مقابل تحريرهم من (صدام) ونظير مقتل جنودنا هناك)!! . وبعيدا عما يقوله ترامب ورأيه وخطابه هذا الذي قوبل بتصفيق حاد من قبل الحاظرين!! ، فهذا هو في الحقيقة والواقع رأي كل الرؤوساء الأمريكان بالعراق (جمهوريين أم ديمقراطيين)!! ولكن الرئيس ترامب يختلف عن بقية الرؤوساء الأمريكان بصراحته الواضحة التي تصل الى حد الوقاحة وأستفزاز حتى أصدقاء أمريكا بالمنطقة وتحديدا الدول الخليجية / حيث قال لهم أن بقائهم وحمايتهم هو مقابل أن يأخذ منهم النفط !!. وأعتقد أن السنوات العشرين التي مرت على العراق بكل ما جرى فيها من ويلات ومصائب والتي أدت الى ينتهي العراق بوصفه أحدى الدول الفاشلة! ، هو خير دليل على ذلك ، وأن من الوهم أن نبني أية أمال على أمريكا!!، لا سيما وأن وجهة نظرها ورأيها في العراق يتطابق مع رؤية الكثير من دول العالم القريبة والبعيدة ، في تقاسم ونهب ثروات العراق بالتراضي!!. وأخيرا أرى ومن وجهة نظري أن الأربع سنوات القادمة التي سيقضيها الرئيس ( ترامب) لم ولن تحدث أي تغيير بالعراق!! ويبقى حالنا كما هو عليه ولربما نحو الأسوء!، فما يهم أمريكا هو نفط العراق الذي تسيطر عليه تماما منذ 2003! وليذهب الشعب الى الجحيم!.