خاص: إعداد- سماح عادل
قد يحدث أن يتصف صاحب اضطراب الشخصية النرجسية باضطراب السادية أيضا، وقد يكون إلي جانب تلذذه بمدح الآخرين أن يتلذذ بإلحاق الأذي بهم.
العلاقة بين النرجسية والسادية..
يصعب على الأشخاص العاديين فهم الشخصية النرجسية، لأن أفعال النرجسي الظاهرة معاكسة بشكل كامل لما يجري في داخله، وأيضاً تحليل هذه الشخصية يبدو أكثر تعقيد نتيجة الاختلافات الكثيرة بين الأفراد النرجسيين.
الشخص السادي يتمتع بإلحاق الأذى وتعذيب الآخرين، والكثير من الساديين قد تنطبق عليهم مقاييس النرجسية، ورغم وجود كثير من التأثيرات بين النرجسي والسادي، لا يمكن اعتبار أن كل النرجسيين يشعرون باللذة بتعذيب الآخرين.
اللذة، وهي شيء مختلف عن المتعة أو الوصول إلى السعادة، اللذة التي يسعى إليها النرجسي تسمى الإشباع النرجسي، وهو السعي لكسب الاهتمام والإعجاب من الآخرين، وما يجعل النرجسي يشعر بأنه شخص مهم ومميز، في بعض النواحي.
والنرجسي مثل الطفل الصغير الذي لم يتم تنفيذ رغباته الوجدانية والذي يسعى بكل طاقته لكسب التقدير من الآخرين، من يجد نفسه في علاقات قوية مع النرجسي يلاحظ التناقض الموجود في شخصيته، والأسلوب الذي يظهر به النرجسي بشكل يومي في الظاهر عكس الكيفية التي يشعر بها فعلياً في الداخل.
النرجسي لديه شخصيتين، أحدهما واقعية، والثانية يتمنى أن يصل إليها، الواقعية كالطفل الذي تعطل نموه العاطفي نتيجة المعاملة العاطفية السيئة أو الإهمال من مقدمي الرعاية في عمر مبكر.
لماذا بعض النرجسيين ساديين؟..
عدم الاهتمام والإهمال الوجداني الذي واجهه الشخص النرجسي السادي في مرحلة الطفولة كانت صعبة بشكل أكبر عليهم أكثر من غيرهم من النرجسيين، الكثير من النرجسيين ليس من السهل التعامل معهم، ولا يحملون عواقب تصرفاتهم، ولكن لا يحتاجون لإلحاق الأذى بالآخرين.
والنرجسي السادي لديه احترام منخفض للذات عند مقارنته مع النرجسي غير السادي، والنوعين لديهم احترام منخفض للنفس، والمهم في هذا النقطة هي أن الحاجة في إزعاج أو مضايقة الآخرين تصدر من أن الفرد السادي يكون هو نفسه مواجه سلوك مشوش من أحد الآباء في سن مبكر من حياته.
يتميز السادي بلذة التسبب بالألم للآخرين بشتى الأنواع والطرق، مهووس بالعنف والأدوات الحادة والأسلحة، متسلط متعصب لرأيه لا يثق بأحد، يُرغم الناس كي يقوموا بما يريد عن طريق تخويفهم، عديم الرحمة والمسامحة، يهوى تحقير وإذلال وجرح كرامة الآخرين، ولا يشعر بعقدة الذنب تجاه الآخرين مهما ارتكب من أخطاء وتسبب بالمآسي..
في حين يتميز النرجسي بحب النفس والغرور والأنانية والشعور بالعظمة، يحاول دائماً الكسب والربح ولو على حساب ومصلحة الآخرين، فهو أفضل من الجميع ويجد صعوبة في التعامل مع الناس الآخرين باعتبارهم أقلَّ منه شأناً، يمدح ويفخم بشكل زائد الشخصيات التي تميل إليه، ذو طبيعة استغلالية وانتهازية. ولكن وراء هذا القناع من الثقة المبالَغ فيها، يوجد ثقة معدومة بالنفس تجعله ينتفض عند أصغر انتقاد.
اضطراب الشخصية السادية..
اضطراب الشخصية التي تنطوي على السادية وقد ظهرت في ملحق الطبعة الثالثة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية
تعريف السادية..
اكتساب المتعة من رؤية الآخرين يقاسون الألم أو عدم الراحة. وتتميز شخصيات الساديين بالقسوة والعدوان المتكرر. تشمل السادية استخدم القسوة العاطفية، والتلاعب بالآخرين وذلك من خلال استخدام التخويف والعنف. في حين يستمتع بعض أفراد السادية في تعريض الآخرين للألم والمعاناة، والسادية لا تعني دائما الاعتداء الجسدي أو العنف. ففي كثير من الأحيان، يعبر أفراد السادية عن السلوكيات الاجتماعية العدوانية والتمتع بإهانة الآخرين من أجل الشعور بالقوة أو السيطرة أو حماية النظام.
الاشتراك مع اضطرابات الشخصية الأخرى..
كشفت الدراسات أن اضطراب الشخصية السادية هو اضطراب في الشخصية وفقا لأعلى مستوى من الاعتلال المشترك لأنواع أخرى من الاضطرابات النفسية. كما تم العثور على السادية في المرضى الذين لم يتعرضوا لأشكال أخرى من الاضطرابات السيكوباتية. اضطراب الشخصية الواحدة هو اضطراب في السلوك وكثيرا ما وجد أنه يحدث جنبا إلى جنب مع اضطراب الشخصية السادية، وهو لا يحدث للكبار فحسب بل وأيضاً قد يحدث في إحدى مراحل الطفولة والمراهقة. كما وجدت في بعض الأحيان اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع والشخصية النرجسية في الأفراد الذين شخصوا باضطراب الشخصية السادية. وكثيراً ما تم تشخيص اضطرابات أخرى مع اضطراب الشخصية السادية مثل الاضطراب الوجداني الثنائي القطب واضطرابات الهلع والاكتئاب واضطراب الشخصية الحدّية واضطراب الشخصية الهستيرية واضطراب الوسواس القهري واضطراب الشخصية الانهزامية والسلوك السلبي العدواني. كما وجدت الدراسات أنواع أخرى من الأمراض، مثل المدمنين على الكحول، يكون لديهم نسبة عالية من الاعتلال المشترك مع اضطراب الشخصية السادية.
وبسبب مستوى عال من الاعتلال المشترك مع اضطرابات أخرى، وجد الباحثون صعوبة في التمييز بين اضطراب الشخصية السادية والأشكال الأخرى من اضطراب الشخصية. كما أن اضطراب الشخصية السادية نفسها لم تعد مدرجة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM)، وجزئيا لهذا السبب هناك أنواع أخرى من الاضطرابات التي تنطوي على السادية، مثل السادية الجنسية، لا تزال موجودة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM) كالشذوذ الجنسي.
خبرات الطفولة..
تكشف النظريات أن السادية تعتمد أساسا على تنشئة الفرد. رغم أن الجوانب البيولوجية والبيئية المعروفة في مساهمتها في تطوير هذا الاضطراب السلوكي، كانت أقل الأدلة المتوفرة حول البيئة أو الأسباب الوراثية. وكما وجد اضطراب الشخصية السادية غالبا في الذكور أكثر من الإناث. اقترحت الدراسات أن البيئة الأسرية لها دور في تطور الشخصية السادية. فالأشخاص المصابين باضطراب الشخصية السادية يكون لديهم أقارب مصابون بأحد أنواع الاضطراب النفسي أيضا.
التجارب السلبية خلال الطفولة أو النمو الجنسي في المراحل المبكرة قد تكون أحد العوامل الرئيسية في تنمية شخصية السادية لدى الفرد. شخصية السادية يمكن أن تتطور أيضا في الفرد من خلال الاشراط. مثلا، التواصل المستمر مع مثير محدد كالمتعة الجنسية أو الاستمتاع بعذاب الآخرين يسبب بما يدعى بالسادية أو السادوماشوسية.
معايير DSM لاضطراب الشخصية السادية..
هناك نمط من السلوك العدواني يبدأ قبل مرحلة البلوغ في وقت مبكر، ويدل على ذلك تكرار حدوث أربعة على الأقل مما يلي:
قد يستخدم القوة والقسوة الجسدية والعنف لغرض الهيمنة في العلاقة ليس لتحقيق أهداف غير شخصية مثل ضرب شخص ما من أجل سرقته أو سرقتها.
يهين أو يحط من قدر الناس في وجود الآخرين.
قد يجعل شخص ما يتصرف تحت سيطرته بقسوة غير اعتيادية.
يشعر بالتسلية والمتعة عندما يرى المعاناة النفسية والجسدية للغير. بما في ذلك الحيوانات.
قد يكذب لغرض إلحاق الأذى والألم للآخرين ليس لتحقيق هدف محدد.
يجعل الناس يفعلون ما يريد عن طريق التخويف أو الترهيب.
تقييد استقلالية الناس التي تربطهم به علاقة وثيقة مثل عدم السماح للزوجة بمغادرة المنزل بدون صحبة أو الابنة في سن المراهقة حضور المناسبات الاجتماعية.
الهوس بالعنف والأسلحة وفنون الدفاع عن النفس والجروح، أو التعذيب.
– لا يوجه هذا السلوك نحو شخص واحد فقط مثل الزوج أو الطفل وأيضا لا يكون فقط لغرض الإثارة الجنسية كما في السادية الجنسية.
إزالة اضطراب السادية من دليل التشخيص والإحصاء للاضطرابات العقلية DSM..
قدم العديد من الأطباء اضطراب الشخصية السادية إلى DSM في عام 1954 كوسيلة لتسهيل المزيد من الدراسة السريرية المنظمة والبحوث. وقد اقترح إدراجها في DSM فقط لأن الأشخاص البالغين الذين لديهم سمات الشخصية السادية ولكن لم يوصفوا بالسادية على الرغم من تشخيص ضحاياهم باضطراب الشخصية الانهزامية. وكان هناك العديد من المخاوف بشأن التباس التشّخيصات التي تمت الموافقة على ممارستها سريرياُ والتي لم يوافق عليها. لذلك تمت إزالة اضطراب الشخصية السادية DSM من دليل التشخيص والإحصاء للاضطرابات العقلية DSM وذلك بسبب قلة الدراسات حول هذا الموضوع ولإن كثيراً من الناس لم يحصلوا على العلاج.
أوجدت DSM مجموعات محددة وكان الجزء الأكبر منها يضم مرتكبي الجرائم الجنسية والسفاحين لذلك لايعتبر هذا التشخيص مفيداً. ولهذا السبب أراد الباحثون مثل “تيودور ميون” إجراء مزيدا من الدراسات حول اضطراب المعالجة الحسية SPD، وكذلك اقترحه لـ DSM في مجموعة عمل اضطراب الشخصية الذين رفضوا ذلك. ولأنها لم تكن مدرجة في DSM-IV أو DSM-5، قد قيل أن نماذج السادية ثلاثية الأبعاد ملائمة أكثر من SPD.