قمة بعد قمة ، واجتماع طاريء بعد اخر ، وجلسة تلو اخرى ، وبيان اثر اعلان ، والنتيجة : استمرار فيلم القتل والتدمير والتهجير والتجويع والإبادة الجماعية.. حتى لو بلغ عدد الضحايا حتى الان خمسون الفاً ، والجرحى مائة الف والمفقودون عشرون الفاً ، والمهجرون مليونان واكثر .. كل هذا والذين يدعون الانتماء للعروبة ، والذين يدينون بدين الاسلام لا يستهلكون الا الكلام والدعوات بالحرص على عدم تمدد الصراع الى كل المنطقة ، اما مايحدث في غزة ولبنان فانه بنظرهم مسموح ومباح ، والاخطر من هذا انهم يقولون ان على المقاومة ان تتحمل تبعات ومسؤولية ماحدث في السابع من تشرين الاول اكتوبر ٢٠٢٣ ..
ستنتهي قمة الرياض اليوم ويصدر بيان الرياض الذي سيدعو ويدعو ويدعو ، وبستنكر ويندد ويشجب ويطالب .. وستشكل لجنة لمتابعة القرارات وبعدها سيتم التقاط الصور التذكارية ، وبعد العشاء الملكي الفاخر سيمتطي كل طائرته الرئاسية قافلاً الى سابق صمته وسكونه ..
الشعوب خُدرت ، والبلدان كبلت بازمات لا مخرج منها .. وقيادات رهنت بقائها بالكرسي الى الابد بفرمان امريكي سري ما دامت عاقلة وتاكل وتوصوص ومالها شغل بفلسطين والتحرير والارض .. وبصراحة ان هذا شغل عقود من الزمن لتدجين العرب : انطمة وحكومات وهذه امثلة :
حيدوا مصر تماماً وجعلوا المواطن المصري أسيراً لتدبير لقمة عيشه اليومية وتحاصره الازمات من كل جانب ، قسموا السودان الى قسمين ثم اوقعوا اهله في اقتتال دامٍ منذ عامين ونصف لا احد يعرف اهدافه ومتى سينتهي ، اضعفوا سوريا ودمروها وقسموها ضياعاً بين تركيا وروسيا وامريكا والنصرة وداعش والاكراد فصارت مثل الأندلس في نهايات عصرها دول الطوائف .. اما لبنان فهو منذ الحرب الاهلية منتصف السبعينيات وحتى الآن فهو ريشة في مهب الرغبات الطائفية والعرقية والحزبية ، ، اما الحالة في مغرب العرب فحدث ولا حرج : المغرب طوال عمره لا ناقة له ولاجمل وكان اول المطبعين مع الكيان المحتل وليبيا ممزقة كسوريا بين المجلس الانتقالي وحكومتي الشرق والغرب ، وتونس مابعد زين العابدين بن علي تصارع الزمن لبناء اقتصاد او انشاء دولة تنهار من جميع الجهات.. اليمن فعلياً مقسم الى عدة دول كما خطط له تماماً وهو مشغول بصراع لن ينتهي الى يوم يبعثون ..وحدها دول الخليج العربي كانت واضحة كل الوضوح في موقفها : مالنا ومال هذا الصراع المستمر منذ ثلاثة ارباع القرن ؟؟ اذا كان الفلسطينيون انفسهم قد اعترفوا بالكيان وفاوضوه وقبلوا شروطه فهم يتحملون مسؤولية قرارهم ..فنحن لا ينبغي ان نكون احرص من الفلسطينيين على مواقفهم .. كل دول الخليج تشهد بفعل الثروة النفطية نهضة اقتصادية وعمرانية مشهودة وتعاف ورفاهية اجتماعية واضحة ، لذا فهم غير مستعدين بالتضحية بانجازاتهم هذه حتى لو على حساب القدس والجولان والخليل والمسجد الاقصى وقبة الصخرة .. وفي الجانب الاخر فان امريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغالبية الدول الاوروبية تفتح مصانعها ومعاملها وقواعدها لخدمة الة القتل الاسرائيلية حتى لو كان الثمن إبادة ١٠ ملايين فلسطيني.. ولم يقتصر الامر على ذلك بل ان الدلائل واضحة ودامغة في ان قوات امريكية وفرنسية تقاتل الى جانب الاسرائيلين في غزة اضافة الى تسخير كل الاساطيل الغربية في البحر الابيض المتوسط وجميع الاقمار الصناعية لخدمة الكيان وتتبع اثار المقاومين في فلسطين ولبنان .. كل هذا وبالطبع فان امريكا والغرب جاهزان على الدوام لحماية اسرائيل من المسؤولية الدولية ، فلا ادانة ولا اجبار ولا طلبات وليفعل الكيان ما يفعل ونحن في ظهره داعمون !
اما ابران فيبدو انها لا تتحرك الا بعد ان ديست اطرافها وهي الان تتعامل مع الموقف بدبلوماسية بما لها من ملفات شائكة لا حصر لها مع الغرب وهي تحرص على عدم قطع الحبال كلها في عالم توازن القوى الحالي .. الامم المتحدة العاجزة دائماً لا شغل لها الا اصدار القرارات التي لاتساوي الورق والاحبار التي تطبع عليها ، اما جامعة الثول العربية التي هي دائرة صغيرة تابعة لوزارة الخارجية السعودية وتاتمر بامرها فهي موجودة فقط للاعراب عن القلق ، والقلق فقط وغير مسموح لها ان تعبر عن غير القلق !!
حتى في العراق الذي نرى صوته يرتفع لدعم اهل غزة ولبنان فان اصوات الاكراد والعرب السنّة واضحة وضوح الشمس بالدعوات المتكررة بتجنيب العراق دخول هذا الصراع واغضاب الغول الامريكي الداعم للكيان .
الكل يدعو ويدعو فقط لعدم توسيع نطاق الصراع وهذا يعني تصريحاً وتلميحاً وضوءاً اخضر للاحتلال بالمضي في عملية الابادة ومحو الشعب الفلسطيني من الوجود وبعدها يتفرغون الى لبنان وهو سيلقى نفس المصير .. ان عاجلاً او أجلاً !