خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، مساء 06 تشرين ثان/نوفمبر 2024م، قرارًا مفاجئًا بإقالة وزير الدفاع؛ “يو آف غالانت”، من منصبه للمرة الثانية. وكان قد قرر في نيسان/إبريل 2023م؛ إقالة “غالانت” على خلفية رفض الأخير إصلاحات “نتانياهو” القضائية. بحسّب ما استهل “منصور براتي”؛ الخبير الإيراني في الشأن الإسرائيلي، في تحليله المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.
لكن الاحتجاجات الشديدة التي تحولت إلى إضرابٍ عام؛ أجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي على التراجع آنذاك عن قرار إقالة وزير الدفاع.
جبهات القتال تظهر الخلافات..
ومع اندلاع الحرب بتاريخ 07 تشرين أول/أكتوبر 2023م، في “قطاع غزة”، ازدادت الهوة بين “غالانت” و”نتانياهو”، ووصلت الملفات محل الخلاف إلى حوالي سبعة.
وفي آب/أغسطس 2024م؛ ازداد زخم المباحثات مع “جدعون ساعر”؛ زعيم حزب (الأمل الجديد) المعارض، بشأن الانضمام إلى تحالف الحزب الحاكم.
مع هذا ونتيجة لاحتدام التوترات بين “إسرائيل” و(حزب الله) اللبناني، لم يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي من إقالة وزير الدفاع. كذلك ساهم التحرك باتجاه الحرب على الجبهة الشمالية في إبقاء الوضع على ما هو عليه.
اختيار التوقيت..
وبعد أسبوعين من عمليات الاغتيال والقصف الجوي الإسرائيلي الشديد على جنوب “لبنان”، بدأت عمليات الجيش الصهيوني البرية. وبعد مرور حوالى شهر على ذلك، واحتلال بعض القرى الحدودية وتدميرها، قرر “نتانياهو”؛ تحديدًا ليلة 05 تشرين ثان/نوفمبر 2024م، إقالة “غالانت” من منصبه، في نفس توقيت إجراء انتخابات الرئاسة الأميركية.
وبخلاف المرة الأولى، فقد حالت أوضاع الحرب الراهنة دون اتساع دائرة الاحتجاجات على هذا القرار؛ حيث لم تخرج سوى مسّيرات حاشدة في مختلف المدن الإسرائيلية ليلة صدور القرار.
وعقب هذه التغيرات حل وزير الخارجية؛ “يسرائيل كاتس”، بديلًا عن “غالانت” في “وزارة الدفاع”، وعُهد إلى “جدعون ساعر”؛ بمنصب وزير الخارجية.
أهداف “نتانياهو”..
وقد أثبت “نتانياهو”؛ بهذه التعديلات، رغبته من جهة في توحيد “وزارة الدفاع”، ومن جهة أخرى تقوية قاعدة الحكومة الشعبية وزيادة أعداد أنصار الحكومة الائتلافية داخل (الكنيست) الإسرائيلية.
والمعروف أن “كاتس”؛ وزير الدفاع الجديد، من حلقة المريدين والمقربين من “نتانياهو”، وهو أكثر خضوعًا وانقيادًا من “غالانت”، الذي كان جنديًا محنكًا ومحترفًا.
أضف إلى ذلك أن خبرته العسكرية ترتبط فقط بفترة جنديته عام 1976م. وقد تلقى “كاتس” تعليمه في مجالات الزراعة والعلاقات الدولية.
كما أن إسناد “وزارة الخارجية” إلى “ساعر” سوف يُفضي من جهة إلى تعديل هجمات المعارضة على حكومة “نتانياهو”؛ التي لن تستطيع تصّنيف كل أعضاء الحكومة ضمن اليمين المتطرف. كذلك ومع زيادة أعداد مقاعد الائتلاف الحكام بانضمام حزب (الأمل الجديد)، تزداد أعداد مقاعد أنصار التحالف الحاكم إلى: (68) بدلًا من: (64) مقعدًا.
وفي ضوء ما تقدم؛ فقد خسر تيار اليمين المتطرف مكانته السابقة نسبيًا؛ حيث كانت أحزاب (القوة اليهودية)؛ بزعامة “ايتمار بن غفير”، وزير الأمن العام، و(الصهيونية الدينية)؛ بزعامة “بتسلئيل سموتريش”، وزير المالية الحالي، يمتلك نفوذًا أكبر في قرارات الحكومة.
وحين كان عدد أعضاء نواب الحكومة: (64) فقط، كان بمقدور أيًا من الحزبين الحصول على الامتيازات التي يُريد عبر التهديد بالانسحاب من الحكومة، لكن وبعد ضم حزب (الأمل الجديد) يجب تشريك مساعي الحزبين بحيث تكتسب تهديداتهما أهمية.
لكن هذا المستوى من التعاون سيكون بالتأكيد أكثر صعوبة من قبل. كذلك من جملة رسائل ضم (الأمل الجديد) إلى الحكومة الائتلافية، أن بمقدور “نتانياهو” الآن التفكير في إمكانية وقف إطلاق النار بـ”غزة”.
ففي السابق قوض الحزبان المتطرفان إمكانية وقف إطلاق النار أكثر من مرة بالتهديد بالانسحاب الفوري من الحكومة، لكن مع زيادة أعداد أنصار الحكومة يبدو أن مجال وقف إطلاق النار أكثر سهولة بعد فصل معادلة الجبهة الشمالية عن “قطاع غزة”.