خاص: كتبت- نشوى الحفني:
توعد المرشد الأعلى الإيراني؛ “علي خامنئي”، السبت، “أميركا وإسرائيل”: بـ”ردٍ ساحق”، بعد قصف إسرائيلي طال أهدافًا عسكرية في قلب “طهران”.
وقال “خامنئي”؛ في تغريدة باللغة العبرية، عبر حسابه على منصة (إكس)، إن: “أميركا وإسرائيل سيتلقيان ردًا ساحقًا على ما يفعلانه ضد إيران، وضد محور المقاومة”.
وأضاف: “الأمر لا يتعلق بالرد فقط، بل يتعلق بتحرك منطقي يتوافق مع ديننا وأخلاقنا وقوانيننا الإسلامية والقوانين الدولية، ولن يتردد المسؤولون في البلاد في هذا الصدد”.
“واشنطن” لن تستطيع كبح جماح “إسرائيل”..
وحذرت إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، “إيران”، من شن هجوم آخر على “إسرائيل”، وأكدت أنها لن تكون قادرة على كبح جماح الإسرائيليين، وفقًا لمسؤول أميركي ومسؤول إسرائيلي سابق مطلع على القضية.
وقال مسؤول أميركي؛ بحسّب موقع (أكسيوس): “أخبرنا الإيرانيين أننا لن نكون قادرين على صد إسرائيل، ولن نكون قادرين على التأكد من أن الهجوم المقبل سيكون محسوبًا، مثل الهجوم السابق”.
وأكد المسؤول الأميركي؛ أن الرسالة نُقلت مباشرة إلى الإيرانيين، وهو أمر لافت للنظر، لأن مثل هذه الاتصالات المباشرة نادرًا ما يتم الكشف عنها.
بدوره؛ قال المسؤول الإسرائيلي إن الرسالة نُقلت من “واشنطن” إلى “طهران”، عبر السويسريين.
ورفض “البيت الأبيض” التعليق، كما لم تُعلق البعثة الإيرانية لدى “الأمم المتحدة” على الأمر على الفور.
هجمات متبادلة..
لا يزال الشرق الأوسط في حالة من عدم اليقين المتقلب بعد تبادل الصواريخ الأخير بين “إيران” والاحتلال الإسرائيلي. ففي نهاية الأسبوع الماضي، دمر كيان الاحتلال جزءًا تصر الآلة الدعائية الصهيوأميركية على الترويج له بأنه جزءًا كبيرًا من نظام الدفاع الجوي الإيراني، فضلاً عن مصنع صواريخ إيراني كبير. وهذا الأسبوع، هدد اثنان من كبار المسؤولين الإيرانيين بمواصلة دورة الانتقام.
وفي 26 تشرين أول/أكتوبر 2024، أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه هاجم أهدافًا عسكرية في “إيران”، في عملية قدّمت على أنها رد على الهجمات الصاروخية الإيرانية ضد “إسرائيل”؛ في الأول من تشرين أول/أكتوبر.
وأعلن الاحتلال الإسرائيلي أن هجومه استهدف خصوصًا منشآت لتصنيع الصواريخ، في حين قلّلت “طهران” من أهميتها؛ لكنها أبلغت عن مقتل (05) أشخاص.
وحذّر كيان الاحتلال؛ “إيران”، من الرد، فيما توعّدت “طهران” التي تقول إنها لا تُريد حربًا، بالرد.
وزعمت تقارير “أميركية-إسرائيلية”؛ إن “إيران” ستُهاجم “إسرائيل” عبر فصائل المقاومة في “العراق”.
استعداد إيراني لشن هجوم..
تهديد “خامنئي”؛ يأتي في ضوء ما كشف عنه مصدر إسرائيلي لصحيفة (واشنطن بوست)، بأن المعلومات الاستخباراتية تُشير إلى أن “إيران” تستعد لشن هجوم على “إسرائيل”؛ خلال الأيام المقبلة.
صحيفة (وول ستريت جورنال) نقلت هي الأخرى؛ عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين؛ (عزفًا على لحن الترويجات الصهيوأميركية التي تكثفت الأيام الماضية)، أن الضربة الجوية الإسرائيلية ضد “إيران” الشهر الماضي، ألحقت أضرارًا بالغة بمنشآت إنتاج الصواريخ، فتضررت القدرة الإيرانية على إنتاج الصواريخ كما ودمرت الدفاعات الجوية الاستراتيجية لـ”طهران” الأمر الذي يجعلها أكثر عُرضة لهجمات مستقبلية. بحسب مزاعم الصخيفة الأميركية.
وادعت الصحيفة أن عملية استبدال أو إصلاح أنظمة الدفاع الجوي في “إيران” قد تستغرق أشهرًا في حال تلقت مساعدة روسية.
كما زعم مسؤولون أميركيون أن إنتاج “إيران” للصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب قد يتأخر لمدة عامٍ أو أكثر.
هذا الواقع؛ كما تدعي الرواية الصهيوأميركية، دفع المتحدث باسم (الحرس الثوري) الإيراني، العميد “علي محمد نائيني”، للتهديد هو الآخر بأن رد “إيران” على “إسرائيل”: “حتمي وسيكون حاسمًا وقويًا ومدروسًا وسيفوق تصور العدو”.
تغييّر العقيدة النووية..
هذه التهديدات تتزامن مع عودة “إيران” للحديث عن عقيدتها النووية، حيث قال رئيس “المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية” في إيران؛ “كمال خرازي”، إن تغييّر “إيران” لعقيدتها النووية لا يزال مطروحًا على الطاولة إذا تعرضت لتهديد وجودي.
وذكر المسؤول الإيراني أن “طهران” تمتلك القدرات التقنية اللازمة لإنتاج الأسلحة النووية، وفتوى المرشد الإيراني؛ “علي خامنئي”، هي التي تحظرها حاليًا.
استخدام السلاح النووي..
في هذا الصدد؛ قال الأكاديمي والباحث السياسي الإيراني؛ الدكتور “محمد صالح صدقيان”، في حديثه لقناة (سكاي نيوز عربية): أن ما ستفعله “إيران” وتوقيت الرد، هما أمران مهمان بالنسبة لـ”إيران” وللمنطقة أيضًا، موضحًا أن “نتانياهو” يُريد توسيع نطاق الحرب ويُريد استدراج “إيران” لتنفيذ الهجوم المضاد.
ولفت إلى أننا نسمع حاليًا صوتًا مرتفعًا من “إيران”، التي قررت الرد على الهجوم الإسرائيلي، وأن “إيران” كانت تتوقع رد فعل من “مجلس الأمن الدولي” بشأن الهجوم الإسرائيلي، إلا أن “إسرائيل” كانت دائمًا تلعب دور الضحية.
وأوضح أن “بنيامين نتانياهو”؛ مجُبر على التعامل مع “كامالا هاريس”، في حال فوزها في الانتخابات الأميركية، بالرُغم من علاقته مع الجمهوريين، وأن “إسرائيل” لا يمكن أن تشن أي هجوم أو حرب بدون ضوء أخضر أميركي.
وأكد أنه يجب على “هاريس” تصحيح الموقف، خاصة وأن “جو بايدن” لم يستطع إقناع “نتانياهو” بإيقاف الحرب.
العودة للحديث عن العقيدة النووية؛ يأتي لأن “نتانياهو” قد يقوم بعمل يُحرج “واشنطن”، حيث أوصى “بايدن”، “نتانياهو”، بعدم الاقتراب من النووي الإيراني.
كما أن “إيران” لا تُريد اللعب في المربع الذي رسمه “نتانياهو”.
صعوبة إعادة التوازن..
وبحسّب تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز)؛ فقد أدت هجمات (حماس) والغزو الإسرائيلي لـ”غزة”؛ والحرب الآخذة في الاتساع بين الاحتلال الإسرائيلي و”إيران” وفصائل المقاومة المدعومة منها، إلى زعزعة توازن القوى في الشرق الأوسط، وحالة من عدم اليقين الذي يُهدد بالتحول إلى حربٍ شاملة.
وحتى مع محادثات السلام ذات المسار المزدوج؛ الجارية الآن لحل النزاعات بين الاحتلال الإسرائيلي و(حماس) في “غزة”، وبين الكيان و(حزب الله) في “لبنان”، فإن المنطقة بعيدة عن الاستقرار. أضف إلى ذلك حالة عدم اليقين بشأن نتيجة الانتخابات الأميركية؛ الأسبوع المقبل، ويبدو أن احتمال إعادة التوازن بعيد المنال.
الصحيفة تحدثت إلى خبراء في العلاقات الدولية حول كيفية رؤيتهم للوضع، وماذا يتوقعون في الأسابيع والأشهر المقبلة.
حرب الظل..
وبحسّب مزاعم المحللين؛ كانت “إيران” والاحتلال الإسرائيلي في حالة توازن مستقر، ولكن عنيف في بعض الأحيان، إذ كان البلدان منخرطين في ما يرقى إلى “حرب الظل”، لكن أيًا منهما لم يرغب في صراع شامل. وكان لكل جانب القدرة على إيذاء الآخر، والاهتمام الكافي بتجنب هذا الضرر، للحفاظ على توازن تقريبي للردع المتبادل.
بدأ هذا التوازن في الانهيار بعد عمليات (طوفان الأقصى) في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.
بعد ذلك؛ أطلق (حزب الله) صواريخه على الاحتلال الإسرائيلي دعمًا لـ (حماس)؛ والشعب الفلسطيني الذي تعرض لـ”حرب إبادة جماعية” منذ اللحظات الأولى لهجمات قوات الاحتلال، لكن كلاً من “إيران” و(حزب الله) أشارا إلى أنهما لا يُريدان التصعيد. أما الاحتلال الإسرائيلي، من جانبه، انخرطت في حرب عنيفة ضد (حماس) في “غزة”، لكنه تجنب في البداية التصعيد مع “إيران” أو (حزب الله)؛ كما كان يزعم قادته.
وفي الأشهر الأخيرة، بدأ التوازن في التفكك.
ضربات مباشرة بين الطرفين..
في نيسان/إبريل، تبادلت “إسرائيل” و”إيران” الضربات المباشرة على أراضي بعضهما البعض في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في “سورية”.
وفي منتصف أيلول/سبتمبر، صعدت “إسرائيل” بشدة من أعمالها ضد (حزب الله) بحملة قصف عنيفة في “لبنان” إلى جانب هجمات مستهدفة قتلت الكثير من القيادة العليا لـ (حزب الله)، قبل شن توغل بري في الأول من تشرين أول/أكتوبر 2024.
وفي ذلك الوقت؛ أطلقت “إيران” أكثر من: (180) صاروخًا باليستيًا على الأراضي الإسرائيلية، وهو تصعيد كبير في الأعمال العدائية المباشرة.
ويوم السبت؛ قدمت “إسرائيل” ردها الذي طال انتظاره على الهجوم الإيراني، وكان سلسلة من الغارات الجوية التي دمرت الكثير من نظام الدفاع الجوي الإيراني؛ بحسب الروايات الأميركية والإسرائيلية.
طريقتين لتحقيق الاستقرار الاستراتيجي..
وتُشير الصحيفة الأميركية؛ إلى أن هناك طريقتان أساسيتان لتحقيق: “الاستقرار الاستراتيجي”، وفقًا لـ”دانيال سوبلمان”، الأستاذ في الجامعة (العبرية) في “القدس” ومؤلف كتاب بعنوان (محور المقاومة: الردع غير المتماثل وقواعد اللعبة في صراعات الشرق الأوسط المعاصرة).
ويوضح الخبير أن الطريقة الأولى هي الهيمنة، حيث يهزم أحد الطرفين الآخر بشكلٍ حاسم بحيث يمكنه فرض إرادته. هكذا انتهت الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، بهزيمة الحلفاء لقوى المحور. والأمر الآخر هو التوازن، حيث يوجد توازن متماثل نسبيًا للقوى، بحيث يتم ردع جميع الأطراف عن التصعيد. وهذا يصف تقريبًا الشرق الأوسط قبل هجمات 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.
أما الميزة الجديدة لـ”إسرائيل”، وهي أنها دمرت الكثير من دفاعات “إيران”، رغم أهميتها، لا ترقى إلى مستوى النصر المطلوب لهيمنة مستقرة، بحسّب ادعاءات “سوبلمان”.
خطوط حمراء جديدة..
وقال “سوبلمان” إن توازنًا جديدًا: “سيتحقق من خلال الإرهاق المتبادل ومن خلال الجمود… يجب أن يكون الطرفان قادرين على موازنة بعضهما البعض، حتى ينظر إليهما كقوة لا يستهان بها”.
في الأسابيع التي سبقت الضربة المضادة لـ”إسرائيل”، ضغط دبلوماسيون أميركيون على “إسرائيل” لعدم ضرب المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية. وأجرى دبلوماسيون إيرانيون محادثات رفيعة المستوى مع دول من المنطقة.
وقال “سوبلمان”: “ما رأيناه خلال الأسابيع القليلة الماضية هو أن “إسرائيل” و”إيران” و”الولايات المتحدة” كانت تتفاوض نوعًا ما حول ما يمكن اعتباره مقبولاً، وما يمكن اعتباره انتهاكًا فاضحًا للخط الأحمر الإيراني”.
نتائج الانتخابات الأميركية..
وأضافت “إيما أشفورد”؛ الزميلة الأولى في مركز (ستيمسون)، وهو معهد أبحاث غير حزبي يدرس السلام والأمن: “لقد انتقلنا إلى مستوى أعلى من التصعيد بين الإسرائيليين والإيرانيين”.
وثمة عامل رئيس آخر في عدم اليقين؛ وهو علاقة “إسرائيل” بـ”الولايات المتحدة”، وكيف يمكن أن تؤثر نتائج انتخابات الأسبوع المقبل؛ على الديناميات المعقدة للشرق الأوسط.
تقول “أشفورد”: “في هذه المرحلة، أظن أن التوازن في الشرق الأوسط هو في الواقع في مكان ما في ولاية بنسلفانيا، أو على الأقل في ولاية متأرجحة أخرى..”.