2 نوفمبر، 2024 6:23 م
Search
Close this search box.

سؤال كبير في التاريخ –ج1 –

لماذا لم تستمر مدنية كبيرة كالصين والحكم الإسلامي في قيادة المدنية؟
مدنيات وأفول: لماذا لم تستمر مدنية كبيرة كالصين والحكم الإسلامي في قيادة المدنية؟ سؤال يطرح وربما لا تجد جوابا واضحا له لان قراءة التاريخ ليست واضحة والمعلومة تقود الباحث وأول ما يأتي الباحث انطباعات ومسلمات وغموض ما وراء ذلك، نحاول هنا أن ننظر إلى كل مدنية تلمسا للجواب:
1-مدنية الصين:( المادة العلمية من مصادر متعددة أهمها ويكبيديا)
الصين فضاء واسع قبلي حكم بأشكال متعددة ما بين الفضاء الواحد إلى الفضاء الجغرافي ولم يك العالم بتقسيم دول وإنما تقسيم قبلي لكن سور الصين العظيم اقتضته الجغرافية للدفاع عن الفضاء الصيني من الهجمات المفاجئة من القبائل، ولم يشر تاريخ الصين القديم إلى حالة توسعية وإنما كان همه الاستقرار والتجارة والدفاع عن النفس عدا في زمن حكمت فيه عائلة هان206ق.م إلى 220 ب. م التي حكمت كإمبراطورية وأظهرت المواهب الصينية في التطور المدني وفي ذات الوقت وتمثل عصر النهضة الصينية في كل المجالات وفتح طريق الحرير وواجهت التحديات بتمكن ونشطت الفلسفة وعلوم الرياضيات وظهرت نظريات عديدة في الرياضيات والكتابة وهي مدنية شبيهة بنهضة المسلمين في عصر الحداثة الإسلامي، وفي هذا العهد خرجت جيوش الصين إلى ما يسمى الآن كوريا 109 ق.م وفيتنام 111ق.م واستمر نفوذ سلالة هان فيها إلى 938 ميلادي أي بعد تنحيها في الصين عام 220م مستمرة ما يزيد 1000 عام، وهذا ليس احتلالا بمفهوم عصرنا فليس من اتفاق Westphalia 1648 يعرف حدود الدول ونفوذها وإنما هو حراك قبلي (منيوي، نانيا، وديان) نقل إلى تلك المناطق وجنوب آسيا مدنية نشطة في السياسة وحركة التجارة مثلا؛ ثم تعرضت الصين بعد ذلك إلى انحدار بسبب نفوذ سيطرة القبائل على الأباطرة في الحكم وهم جهلة وتشابه سلطة البرابرة ومساهمتهم في إسقاط نظام روما القديمة ودخولها في عصر الظلمات حيث لم يك البرابرة يقرأون ويكتبون ووافق هذا الكنيسة التي تقاسمت السلطة ثيوقراطيا وملوك الحق الإلهي فدخلت الكتب إلى سراديب عميقة ليخرجها المسلمون بتبادلها والأسرى ثم ليقضى على جمارة نخلة الحكم عن طريق المغول وهي ذات قبائل الأطراف التي شكلت التحدي للصين، من يلاحظ سياسة الصين أنها تتبع نظاما يستقرئ واقعها وتطوره في الآليات غير متمسكة بأيديولوجيا ما وإنما آليات يعاد تقييمها، لا تميل لمواجهة حتى فيما تظن أنها حقوق لها مع الخارج، حاسمة قاهرة في الداخل، فهونك كونك لم يرفع شعارا ثوريا لاسترجاعها من الإنكليز ولا ماكاو من البرتغاليين، ويذكر أن جمهورية الصين أو فرموزا أو تايوان معترف بها من 14 دولة عضو في الأمم المتحدة ومن الفاتيكان وبها مصالح وصناعات نادرة وخاصة للغرب، لكن الصين تذكر العالم دوما بأضواء بلا نار أن هذه الجزيرة تتبع البر الصيني.
ما أحدثت الصين:
الصين انفصلت عن تمجيد الرموز التاريخية والحديثة أيضا عندما بدأت تتقدم لتشكل باستقراء الواقع ووضع الحلول، وعلى ارض صلبة من إيجابيات التاريخ لتصنع تاريخا جديد وتكون قطبا يلعب دورا مهما في توازن القوى العالمي وبصمت وهي بيدها اقتصاديات العالم رغم أن اقتصادها يحتاج لاستمرار الاستقرار بعد أن كانت ضعيفة أمام كيانات أصغر منها مساحة وموارد مادية وبشرية، هذا الاستقرار الذي كسر بنيته سيكون وبالا على العالم عندما تغيب إدارة حياة هذا الكم من البشر. وهي في التطور شبيهة باليابان بعد الحرب الثانية وان حاولت اليابان الاحتفاظ بمنظومة القيم التي لديها لكن مع التقدم الحياتي هنالك إحلال وإبدال في المنظومة ككل.
لم تستمر كمدنية بدأت آلاف السنين قبل الميلاد لكن عادت إلى القيادة المدنية بعد تعديل المسارات حتى حين ويبقى نقص القيم والعدالة والكرامة الإنسانية وغيرها مما يتعلق بالفكر الحضاري موضوع سؤال وعامل انفصال شعوري استطاع النظام الصيني بته لحد الآن ولكن هذا يجعل النظام هش أمام الأزمات المستجدة وتجاوزها قدرة منظومة الحكم في القيادة والسيطرة.
معادلة الصدارة للصين:
الصين منطقة محاطة عبر التاريخ بقبائل وتقود الصين اسر، لكن كانت جيوشها ذات عقيدة دفاعية بسبب قبائل المغول التي تشكل جنوب غرب روسيا اليوم، وللوقاية من هذه القبائل كانت فكرة إنشاء سور الصين العظيم.
عدد سكانها وعملهم في أنواع متعددة من الزراعة والوفرة المائية خلقت نوعا من الاكتفاء والتوجه نحو التجارة فكان طريق الحرير، الذي فتحته أسرة هان سنة 130 ق.م واستمر فاعلا حتى سنة 1453م وكان بطريقين البري المشهور الذي يصل إلى أنطاكيا ثم بحرا إلى إيطاليا ومنها إلى دول أوربا ليصل إلى إسبانيا، والجزء البحري فينطبق من ميناء كانتون ويلتف في البحار نحو الخليج العربي والبحر الأحمر.
هذا الطريق كان ثقافة صينية عادت للعمل في الصين الحديثة لكن باستخدام تقنيات ووسائل غير طريق الحرير الذي هنالك أفكار لإعادته بشكل عصري، رغم أن السكك مستمرة نحو أوربا في خط يمر من روسيا فتركيا، الصين تسيطر على السوق دون حاجة إلى حروب وتسع فقد كانت تستورد الذهب والخيول في حين أنها تصدر كل شيء وحسنت من فقرات إنتاجها الزراعي بجلب أنواع من النباتات لم تك في الصين.
اليوم نراها تصدر كل شيء وتصنع ما يصنعه الغرب بأسعار أرخص، معظم الصناعات التكاملية عندها وعند تايوان، حتى للأجهزة التي تعد أمريكية أو غربية.
الصين ليس لديها أمور عقدية تبشيرية أو دعوية وإنما إدارة مواردها الطبيعية والبشرية هو كل ما تركز عليه لهذا تتجنب مشاكل العالم وتبقى فاعلة بالدرجة التي لا تؤثر على مسارها الاجتماعي أو خلق ثغرة نحو تحريك التنوع سلبيا لهذا فهي مستمرة في الشيوعية لكن باقتصاد مرن، هذا التكيف مع العصر ومع الواقع المدني وليس التمسك بأيدولوجيا معينة ساعد كثيرا في استعادة مكانتها خصوصا وأنها عضو دائم في مجلس الأمن.
روسيا القيصرية كانت دولة واسعة أكثر من وصفها دولة عظمى فهي أميل للثيوقراطية المستبدة ولم تك تحمل عوامل الاستدامة بل التمرد والتذمر، وربما ترك بطرس الكبير البصمة المؤثرة في وضعها التاريخي، لتصبح دولة وظيفية تحوي السلاح النووي بعد الاتحاد السوفيتي الذي عزلها عن الحالة التقليدية لتتقدم قبل ارتداد بوتن للتقليدية القيصرية، وهي اليوم في طور ترسيمها كدولة وظيفية رسميا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات