من موقع / المصحف الألكتروني لجامعة الملك سعود ، أنقل تفسير القرطبي للآية ” الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا / 46 – سورة الكهف “ / وبأختصار .. قوله : المال والبنون زينة الحياة الدنيا ويجوز” زينتا ” وهو خبر الابتداء في التثنية والإفراد . وإنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالا ونفعا ، وفي البنين قوة ودفعا ، فصارا زينة الحياة الدنيا ، لكن معه قرينة الصفة للمال والبنين ; لأن المعنى : المال والبنون زينة هذه الحياة المحتقرة فلا تتبعوها نفوسكم . وهو رد على “ عيينة بن حصن “وأمثاله لما افتخروا بالغنى والشرف ، فأخبر – تعالى – أن ما كان من زينة الحياة الدنيا فهو غرور يمر ولا يبقى ، كالهشيم حين ذرته الريح ; إنما يبقى ما كان من زاد القبر وعدد الآخرة . وكان يقال : لا تعقد قلبك مع المال لأنه فيء ذاهب ، ولا مع النساء لأنها اليوم معك وغدا مع غيرك ، ولا مع السلطان لأنه اليوم لك وغدا لغيرك . ويكفي في هذا قول الله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة . وقال الله تعالى : إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم . قوله تعالى : والباقيات الصالحات ، أي ما يأتي به سلمان وصهيب وفقراء المسلمين من الطاعات .. قال ابن عباس وابن جبير وأبو ميسرة وعمرو ابن شرحبيل : هي الصلوات الخمس . وعن ابن عباس أيضا : إنها كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة . وقاله ابن زيد ورجحه الطبري . وهو الصحيح إن شاء الله ; لأن كل ما بقي ثوابه جاز أن يقال له هذا . وقال علي : الحرث حرثان فحرث الدنيا المال والبنون ; وحرث الآخرة الباقيات الصالحات ، وقد يجمعهن الله تعالى لأقوام ..أسنده النسائي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ، قال : استكثروا من الباقيات الصالحات قيل : وما هي يا رسول الله ؟ قال : التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله . صححه أبو محمد عبد الحق ..
القراءة : * العجب العجاب .. أن الله يتابع الحكم والأقوال والأحاديث للبشر ، ويجيب بل يرد عليها ! ، فقول : “ عيينة بن حصن “ وأمثاله لما أفتخروا بالغنى والشرف ، فأجابهم الله بالآية أعلاه ” الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ .. ” . وأني أرى ، قول أبن حصن لا أعتراض عليه ، لأنه أفتخر بالغنى / المرادفة للمال في الآية أعلاه ، أما الشرف ، فلا أرى أي أعتراض او خلاف عليه ! .. التساؤل : هل من مهام الله تعالى ، الأطلاع على ما يتداوله الناس من أحاديث ، والرد عليها ! . * الآية أعلاه ، لها تقاطعات مع آيات أخرى ، تبين أن الله يؤكد ، أن الأموال والأولاد فتنة ، كقوله ” وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ / 28 سورة الأنفال ” . فكيف المال والأموال زينة في آية ، وفي آية أخرى فتنة ! . * والأولاد الذين هم في آية ” زينة الحياة الدنيا ” ، تتقاطع مع آية أخرى ، من أن الأولاد ” أعداء لكم ” ، كقوله ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ / 14 سورة التغابن ” . التساؤل : هل الأولاد زينة أم أعداء ! . * تفسير القرطبي ، يبين أشارة معيبة ، بل مخزية ، بحق المرأة ، حيث قال : ” ولا تعقد قلبك مع النساء لأنها اليوم معك وغدا مع غيرك ” ، وهذه الأشارة توضح بشكل جلي ، مكانة المرأة في الأسلام ! ، كسلعة رخيصة ، اليوم تبيت معك ، وغدا تنام مع غيرك ! . ولهذا وصفهم محمد ( أنَّ رسولَ اللَّهِ خطب النَّاسَ فوعظَهُم ثمَّ قالَ : يا مَعشرَ النِّساءِ تصدَّقنَ فإنَّكنَّ أَكْثرُ أَهْلِ النَّارِ فقالَت امرأةٌ منهنَّ : ولمَ ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ : لِكَثرةِ لعنِكُنَّ ، يعني وَكُفرِكُنَّ العَشيرَ . قالَ : وما رأيتُ مِن ناقصاتِ عَقلٍ ودينٍ أغلَبَ لِذَوي الألبابِ .. / نقل من موقع – الدرر السنية ) . * أما الباقيات الصالحات ، فلا اتفاق بين فقهاء المسلمين على تفسيرها ( منهم من قال : ما يأتي به فقراء المسلمين من الطاعات .. أما ابن عباس وابن جبير وأبو ميسرة وعمرو ابن شرحبيل ، فقاول : هي الصلوات الخمس .. وعن ابن عباس : إنها كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة .. وقاله ابن زيد ورجحه الطبري . وهو الصحيح إن شاء الله ; لأن كل ما بقي ثوابه جاز أن يقال له هذا ) أما رسول الأسلام فقال ” عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ، قال : استكثروا من الباقيات الصالحات قيل : وما هي يا رسول الله ؟ قال : التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ” .
خاتمة : بعيدا عن تفاسير الآية أعلاه . ما يزال النص القرآني ، يتقاطع بعضه ، مع البعض الأخر .. لأجله قال أمير المؤمنين علي أبن طالب : ” القُرْآن حمَّالُ أوجُه ” ، وأسرد في التاليمكان وزمن هذه المقولة ( فهذه المقولةُ وردتْ عن عليٍّ ، قالها لعبد الله بن عبَّاس ، لمَّا بعثه للاحتِجاج على الخوارج ، قال له : “ لا تُخاصِمْهم بالقُرآن ؛ فإنَّ القُرْآن حمَّالُ أوجُه ، ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكنْ حاجِجْهم بالسنَّة ؛ فإنَّهم لن يَجدوا عنْها مَحيصًا ” / نقل من موقع – قصة الأسلام ) . هذا هو النص القرآني ، يقبل الخلاف والأختلاف ، والتقاطع والتضادد ، لأن كل مفسر ، يفسر وفق فكره وفقهه ، بل أنه يفسر النص ، وفق ما تقتضيه الظروف الزمكانية . وتبعا لأهواء الحاكم ، وسيفه المسلط على رقبته ! .