خاص: بقلم- سيد البدري:
في اعتقادي أن الداخل الصهيوني قد مر بتحولات هامة، سببها الأساس ليس سببًا جوانيًا ذاتيًا – فهو ليس مجتمع طبيعي – بقدر ما هو سببًا خارجيًا يخص طبيعة الإمبريالية وأزمتها الهيكلية في المراكز؛ والتي تسبب بها تقسيم العمل الدولي الجديد؛ والذي برزت ملامحه مع بداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، لأنه اختص الكيان بقطاع من الصناعات فائقة الدقة عالية التكنولوجيا، لمنحه تراتبية أعلى من بعض المراكز الرأسمالية المتنافسه مع المركز الأميركي، باستثناء هولندا وكوريا واليابان، فهو يلعب دورًا مكملاً للدور التايواني في قطاع التكنولوجيا الرقمية والحوسبة، مما أدخل له قيمًا مستقطعة من أطراف العالم أعلى كثيرًا مقارنة مما كان يحصل عليه في التقسيم الأقدم، الأمر الذي جعله يُحقق نسب نمو كبيرة؛ سمحت له بمشاركة المراكز في نسبة من مراكمة المنهوب عالميًا، لتحقيق شروط حياة أفضل للمغتصبين، وجلب مغتصبين جدُد يمنحهم بيتًا وأرضًا وقرضًا ميسُّرًا، ووضعًا معيشيًا أفضل من معيشتهم في المراكز ذاتها والتي يوجه فيها التراكم لصالح شرائح طبقية محدّدة، وتتخلى فيها المراكز عن كرم فترة الرفاه، فتحول الكيان تدريجيًا لقبلة فقراء يهود المراكز؛ ويهود شبه الأطراف – روسيا وأوكرانيا نموذجًا – الأمر الذي شجع الصهاينة المتطرفين إلى إحياء حُلم دولة إسرائيل الكبرى، بعد أن ارتضت سابقًا بوضعية الكمون عقب هزيمته عام 2006، ثم فشل الربيع العربي المتصالح مع الكيان، من هنا نجد هذا التمسك من المغتصبين بما استولوا عليه من السكان العرب، وأصبح قطاع منهم على استعداد للتضحية من أجل الحفاظ على المسلوب من حقوق، وأصبح هؤلاء أكثر قابلية للتحول إلى آلٱت قتل غير إنسانية، وهذا يُفسر صعود الصهيونية الدينية كونها تمنح هؤلاء الزاد والزواد النفسي والعقائدي كأدوات قتل في شكلٍ بشري، وليس باعتباره رد فعل لظاهرة التدين العربي؛ كما يدعي التنويريون العرب المتصهينون.
الأمر الآخر الخارجي كان دخول المراكز الإمبريالية في مرحلة مواجهة مع الصين وروسيا من أجل الحفاظ على الهيمنة على العالم، فكان لا بدّ من إعادة إنتاج الكيان ليتولى مسؤولية حكم المنطقة، لاحتجاز دخول الصين وروسيا لها واختطافها ونهبها واستعمارها من جديد.
ومن هنا تحملت المقاومة العربية الحالية تناقضات الصراع العالمي وتحملت معه خصوصية تناقضها المباشر مع الكيان بوصفه أبشع أشكال الاستعمار الإمبريالي.