بين الانسانية والخطط العسكرية….
القيارة بوابة النصر وذكرياتها مع الظلام …
بقلم إبراهيم المحجوب…
الجزء الثاني
لقد قاتل العدو في هذه المنطقة بكل قوته وحاول التمسك بالأرض لأنه يعرف جيدا ان هزيمته هنا يعني قرب نهاية سيطرته على تلك المناطق…
بدأت المعارك العسكرية البرية وبدأ القادة بوضع خططهم العسكرية تحسباً لأي طارئ يحدث هنا وهناك لان العدو اصبح يحاول عن طريق عدد من الانتحاريين ايجاد ثغرة له في صفوف القوات المسلحة..
اعلن السيد قائد جهاز مكافحة الارهاب ان تكون الساعة الصفر التي حددها حسب التوقيت العسكري والمتعارف اثناء المعارك هي بداية دخول شوارع القيارة…
كان هناك احد المتطوعين من اهالي هذه الناحية يشارك القادة بآرائهم وخططهم العسكرية كونه احد الجنرالات في الجيش العراقي ومتقاعد حاليا انه اللواء الركن الدكتور جاسم الگصمي ورغم خطورة المعارك على اعتبار انها حرب شوارع الا ان اصراره على المشاركة مع القوات العسكرية في تحرير مدينته وضع القادة الميدانيين امام أمر الواقع ولم يتوقف هذا الاصرار عند حدود مدينته بل كان قراره بالمشاركة في عمليات التحرير لكل المدن والنواحي التابعة الى محافظه نينوى..
كان يسير دوما مع الصفوف المتقدمة من القوات العسكرية وكان السيد قائد المعركة الفريق الركن قائد جهاز مكافحه الارهاب يكن له كل التقدير والاحترام وقد أمر بأن تكون خبرة هذا المقاتل المضحي والكفوء من الاوليات لدى القادة اثناء تقدم قطعاتهم العسكرية كونه ابن المنطقة ويعرف كل تفاصيلها الجغرافية..
في هذه اللحظات كانت ناحية القيارة يغطيها السحب السوداء المكثفه نتيجة اشتعال ابار النفط الموجودة هناك وكان القصف مستمر من جميع الجهات لمعالجة الاهداف الموجودة داخل الناحية والقطعات تتقدم على الارض واثناء احد الاجتماعات للقادة في غرفة الحركات العسكرية همس احد ضباط الاركان بإذن السيد القائد بان هناك احد القناصين الاجانب يتواجد فوق الاسطح لمنزل اللواء الركن جاسم الگصمي وان الامر يتطلب معالجة الهدف وهناك عائلة تسكن داخل المنزل.. وينتظرون الامر لقصف المنزل وقتل القناص. وهنا انتفض الفريق الركن عبدالغني الاسدي وكأن الخبر قد نزل عليه كوقع الصاعقة وخاصة بعد ان ابلغه ذلك الضابط بموافقة اللواء الركن جاسم على قصف منزله حتى لاتتاخر ساعات تحرير الناحية الا ان الفريق الركن الاسدي قال مقولته الشهيرة لا نريد ان تتحول فرحتنا بالنصر واخونا اللواء الركن جاسم الگصمي الذي ساندنا في كل المعارك ودون مقابل الى خسارة منزله وهو ينظر اليه كبقايا حطام…
وطلب من القادة العسكريين معالجة الهدف دون اي خسائر وفعلا قامت نخبة من المقاتلين بإنزال جوي وتم قتل القناص بدون اي خسائر مادية او معنوية…
استمرت المعارك لعدة ايام وتم رفع العلم العراقي وتطهير الناحية بأكملها وتأمينها بالكامل وفي هذه الاثناء وصل اللواء الركن جاسم الگصمي الى الشارع الذي يقع فيه منزله وما اصعب الخطوات وما اثقل الدقائق وعيونك تربو على المنازل تتفقد اوضاعها وانت ترى من بعيد منزلك فاتحٌّ ذراعيه يناديك لترتمي بأحضانه لتعيد معه الذكريات والليالي التي قضيتها مع عائلتك هنا..
في كل زاوية لديك ذكرى جميلة وشريط الذكريات مليء بالأحداث ورغم صوت الانفجارات والشوارع المهجورة والتي قام العدو بتكسيرها وشق حفر كبيرة فيها حتى يعيق حركة تقدم الارتال العسكرية الا ان الانسان يعيش مع ذاكرته كل اللحظات فيتذكر الجميل منها حتى في احلك الظروف الصعبة…
تحررت مدينة القيارة وقامت القوات المسلحة بتسليم الدوائر الحكومية الى الحكومة المحلية هناك وعودة الاهالي ودخول المساعدات لهم من كل محافظات العراق واعتبرت ناحية القيارة بوابة النصر الى محافظة نينوى بكل مدنها وقراها…
وتستمر الحكاية مع تحرير المدن الاخرى والمواقف الانسانية لقادة التحرير.. والى حكاية اخرى عاشها اهالي محافظة نينوى وهم ينتظرون المجهول….