يبدو انّ هناك تطبيعاً لا ارادياً، او ربما جهلاً تاريخياً، ومن يجهل لا يحق له الدخول في مسارات الرأي أو ان يستغرب لرفض فكرة ما، هو لا يعرفها اساسا، فالسياسة لا يتعامل معها الجهلة، وعندما يطرح سياسي او مسؤول رأياً معينا، فهو غير معني بشرح مرتكزات ذلك الرأي وأدبياته.
من ادبيات الصراع (العربي – الإسرائيلي) هو رفض حلّ الدولتين لأنّه يتضمّن الاعتراف بالكيان الاسرائيلي كدولة قائمة بذاتها، وهذا المنهج يعد حجر الزاوية في سياسة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي. فالحل الوحيد الذي يقبل به محور مقاومة الوجود الإسرائيلي كدولة دينية مغلقة على ديانة واحدة، هو حلّ الدولة الواحدة.
هذا المنهج، يشكّل الاساس النظري والفكري لسياسة المقاومة ضد الدولة العبرية، وبالتالي هو من البديهيات والأدبيات التي يجب إدراكها من قبل المشتغلين في حقل الإعلام السياسي، ولا مجال للجهل في هذه الفكرة فهو، اي الجهل، يعني سطو ذلك المشتغل على المهنة وإسهامه بتشويه الرأي العام وثقافة الاجيال.
والأجيال المرافقة لتلك القضية افهم من غيرها بهذه الحقائق، فكيف يستغرب رجل بلغ عقده السادس من رفض وزير الخارجية الإيراني لحلِّ الدولتين الذي يمثل اساساً فكريا لحركة إيران كدولة وثورة؟!
استغرابه دليل جهله بالسياسة وأفكارها، فهل ينتظر ان يشرح له الوزير الإيراني منطلقات موقفه، ام عليه هو ان يتعلّم قواعد الفهم والتحليل؟
ولكي تكون الصورة واضحة لديه؛ لا بدّ من إفهامه أنّ حل الدولة الواحدة يقوم وفق قواعد التاريخ والجذور، فعندما يتم إخراج الوافدين الذي ساهموا بالتغيير الديموغرافي في فلسطين من قرارات اختيار نوع الحكم في تلك الدولة، لن تكون امامنا سوى فلسطين المتضمنة لشعب متنوع ينطق اللغة العربية!