هو قيمة وقامة دبلوماسية رفيعة يشهد له الجميع في جامعة الدول العربية وكل العواصم التي خدم فيها بأنه دبلوماسي من طراز رفيع ، لكنه أيضاً مفكر ومثقف سياسي بارع ساهم بقوة في التعبير عن صورة الشعب العراقي العظيم صاحب الحضارة والسمو الإنساني الذي جعل من العراق مع مصر المنهل الذي تستقي منه الأمتين العربية والإسلامية ينابيع الثقافة والفكر والتقدم.
إنه المفكر والمثقف والدبلوماسي وصاحب الرؤية الإنسانية السفير قيس العزاوي المندوب الدائم للعراق في جامعة الدول العربية ، فهو منذ وصوله لمصر لم يقتصر دوره في عمله الدبلوماسي فقط ، لكن إستطاع أن يخلق حالة من التوافق الفكري والثقافي بين جميع الدول العربية حتى التي بينها خلافات سياسية كبيرة ، فالصالون الثقافي الذي أسسه السفير قيس العزاوي بالقاهرة إستطاع أن يجمع كل السفراء العرب ، ويكون الصالون فرصة عظيمة لتبادل الآراء بين سفراء دول لهم مواقف سياسية متباينة تجاه قضايا عربية وإقليمية كثيرة.
وعلاقة السفير قيس العزاوي بمصر قديمة عندما جاء لمصر طالباً في جامعة عين شمس ثم حصل على الماجستير من جامعة الأزهر الشريف ، وكان أستاذه الدكتور عبدالحليم محمود، لذلك عندما عاد لها كمندوب دائم لبلاده في الجامعة العربية حرص على تعميق العلاقات بين بلاده ومصر من خلال التواصل مع جميع أطياف الشعب المصري والشخصيات المرموقة التي تشارك في الصالون الثقافي العربي.
وبجانب رؤيته المبدعة كمثقف مهموم بقضايا بلاده وأمته العربية والإسلامية يعتقد السفير قيس العزاوي أن إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من الفوضى التي يمر بها الوطن العربي الذي يحاول الإرهاب الأسود هدم مؤسسات الدول العربية ، لكي يصب ذلك في النهاية لخدمة المصالح الإسرائيلية ، ودائماً ما يؤكد السفير قيس العزاوي على أن من يدعمون الإرهاب الآن سوف يكتوون به في يوم من الأيام ، ولذلك يرى أن مصر والعراق يعانيان من إرهاب أسود عابر للحدود ، وفي نفس الوقت فإن مصر والعراق لهما نفس الآمال في تجاوز مرحلة الإرهاب والوصول الى مرحلة المحطة الأخيرة من الإستقرار والإزدهار الذي يعود بالخير على كل مواطن عربي ، لأن المنظمات الإرهابية ومن يقف معها على يقين كامل أن عودة مصر والعراق سوف تغير موازين المنطقة ، لأنه لو إستقر العراق بما يمتلكه من كوادر علمية ونفط وماء وبُعد حضاري يمكن أن يعود للمجموعة العربية والإقليمية بنحو أقوى كثير مما هو عليه ، ولو عادت مصر لدورها الإقليمي والعربي والدولي ستضعف قوى أخرى.
ومن شدة حب السفير قيس العزاوي لمصر أنه إنخرط في البكاء عندما وقعت تفجيرات مديرية أمن القاهرة لأن هذا التفجير الجبان طال متحف الفنون الإسلامية والذي يمثل ذاكرة الشعوب العربية والإسلامية وليس فقط التأريخ الإسلامي لمصر .
إن الإدراك الواعي للسفير قيس العزاوي لقيمة الثقافة في تحقيق التقارب بين الشعوب وتجنب الخلافات السياسية كان منهجه خلال سنوات طويلة سواء من خلال عمله في باريس أو القاهرة ، وقد أثبتت هذه الرؤية الثاقبة أن العالم العربي في أشد الحاجة إليها ، ومع مساعي الدول العربية لعقد قمة عربية ثقافية على غرار القمم السياسية والإقتصادية والإجتماعية فإنني أقترح أن يكون السفير قيس العزاوي هو الأمين العام للقمة الثقافية العربية الأولى ومنسقها العام ليس فقط تكريماً لجهوده الطويلة والمخلصة في خدمة الثقافة العربية بل لأنه إستطاع أن يخلق محور يلتف حوله العرب بعد خلافاتهم الطويلة والدائمة في السياسة ، كما أتمنى على الوزير والصديق هوشيار زيباري أن يمدد فترة بقاء السفير قيس العزاوي في مصر لأننا ما أحوجنا اليوم لأمثال السفير قيس العزاوي الذي تقطر كلماته حباً وعشقاً لمصر والمصريين.
جريدة السياسة المصرية