18 ديسمبر، 2024 8:11 م

لوعة الفراق (3).. مشاعره مضطربة من اليأس إلى العجز إلى القلق

لوعة الفراق (3).. مشاعره مضطربة من اليأس إلى العجز إلى القلق

خاص: إعداد- سماح عادل

عندما يصاب قلب إنسان ما بفراق، تصبح مشاعره مضطربة وتتحول من اليأس إلى العجز إلى القلق، أعنف التجارب على القلب تزول في نهاية الأمر يقول خبراء الصحة العقلية حتى يحدث ذلك أفضل علاج لجراح القلب في الإلهاء والحديث مع الأصدقاء.

الانفصال عن الشريك..

الإخصائي النفسي الألماني “ميشائيل شيلبيرغ” المقيم في مدينة هامبورغ،  يوضح أن الأمر يستغرق ستة أشهر على الأقل للتغلب على أزمة الانفصال عن الشريك. أثناء تلك الفترة يمر خلالها الإنسان بمشاعر مختلفة من أسى وشك في النفس وقلق، بل وكراهية. هذه المشاعر تستهلكه تماما، والسؤال الذي يدور في ذهنه هو: لماذا؟

بعض الشركاء لا يقدرون على قضاء الوقت بعد الفراق فيشعرون برغبة في الانتحار، كثير من الناس ينكمشون على أنفسهم، فهو يرى أن حياته دون محبوبه لم يعد لها معنى. تقول “كريستا روث-“ساكنهايم” الإخصائية النفسية إن “المشاعر التي يعاني منها الإنسان نتيجة الانفصال هي نفسها التي يشعر بها عندما يموت شخص ما، لذا فمن الطبيعي للغاية أن يبكي”.

تقول “دوريس فولف” الطبيبة النفسية أن الشخص المصاب بالفراق يشعر بالأسى لنفسه، وهذا الشعور بمثابة المرحلة الثانية من مراحل “لوعة الحب”، أما المرحلة الأولى، يعيش فيها الشريك إحساسا بالرفض أو الإنكار. وفي المرحلة الثانية يقل الإحساس بالأمل ويسيطر اليأس. لكن عندما يملكه إحساس الغضب والثورة فذلك مؤشر جيد على أن المرحلة العصيبة في طريقها للانتهاء وأن مرحلة جديدة من حياته بتوجه مختلف سوف تبدأ.

الإصغاء جيداً..

وتوضح “فولف” أن “كل شخص يمر بمرحلة ما من حياته بأزمة عاطفية”. وتؤثر الظروف المحيطة بالفرد على طول فترة هذه الأزمة وحدتها، عندما ينم سلوك الشريك السابق عن أمل في عودة الطرفين لبعضهما البعض، فقد تتحسن الأحوال على المدى القصير. لكن وقع الأزمة يكون أشد على المدى الطويل.

وتبين رئيسة رابطة أطباء النفس في ألمانيا “روث ساكنهايم”  أن “الأمر يزداد صعوبة عندما يكرس الشخص نفسه تماماً للطرف الثاني وتقل اتصالاته بالآخرين”، يشعر هؤلاء الأشخاص بأن الانفصال دمر حياتهم تماما. لكن الأشخاص الذين يعيشون في دائرة اجتماعية نشطة يكون حالهم أفضل بكثير”.

وجود الأصدقاء مهم جداً لمن يعاني من انتكاسة عاطفية، وتنصح الخبيرة الألمانية أصدقاء المنفصلين حديثاً بأن “يصغوا السمع  ويعدوا الشاي ويضعوا علبة من المناديل الورقية على مقربة”. ويضيف “شيلبيرغ” أن اصطحاب الصديق جريح القلب لأحد دور السينما أو المسرح من الحيل الجيدة التي تفيد في إلهائه عن ألمه.

وبالنسبة للأشخاص الذين يريدون أن يتغلبوا على جراحهم العاطفية وحدهم دون مساعدة، فإن عليهم أن يولوا اهتمامهم لأمر ما، كالرياضة، أو الاشتراك في دورة تدريبية أو برنامج تطوعي. تلك الخيارات دائماً ما يكون لها مردود أفضل من الانزواء على أريكة و”البكاء على الأطلال”.

ويجمع الخبراء على أن أسلوب التعامل مع ألم الانفصال مهم في تقليل مدة الألم وحدته، الانفصال بهدوء يقلل الشعور بالألم مقارنة بأولئك الذين ينفصلون بعد معركة. وينصح “ميشائيل شيلبيرغ”  الشركاء المنفصلين بأن يتأملوا في تصوراتهم حول الحب، إذ ربما يسأل أحدهم نفسه إذا ما كان يحب شريكه الذي انفصل عنه بصدق أم أن الأمر مجرد “حب امتلاك”. حينها سيتضح ما إذا كانت العلاقة حباً حقيقياً أم لا، وفي هذه الحالة سيتمنى كل طرف للآخر السعادة.

ويختتم الأخصائي النفسي الألماني إنه “غالباً ما يكون حب الاستئثار والأنانية الباعث الحقيقي وراء لوعة الفراق وألمه، من يدرك ذلك يملك زمام أمره ثانية بسرعة”.

الحب واضطراب الشخصية الحدية..

الشخصية الحدية لديها مشاكل جوهرية في العلاقات العاطفية، يكون الشخص مسكون بحالة تعلق شديد وغرام لاحدود  له، ثم بعد خطأ بسيط من الطرف الآخر أو ربما تقصير مفترض تتحول مشاعره إلى ثورة غضب وتعبير عن الكراهية، ليس لديه اعتدال في ردات الفعل ولا تقدير مناسب للخطأ والعطاء، بل يمتاز بالمبالغة والتطرف وهي سمة شخصيته في كل ما يخص المشاعر، والمصاب بهذا الاضطراب يكون مستميتا لإرضاء الطرف الآخر ليس حبا به بل خوفا من الهجر بشكل كبير، فيفسر شريكه هذا الإرضاء أنه حب والتزام في العلاقة، حتى  ينصدم بتصرفات تثبت أن هذا التعلق مرضي وغير مرتبط بالضرورة بالحب.

بالإضافة إلى حاجة المصابين باضطراب الشخصية الحدية إلى التطمين بشكل دائم والتأكيد على مشاعر الحب اتجاههم مما يشعر الطرف الآخر بالضجر والضيق أحيانا.

الحب والوسواس القهري..

أما الذين يسعون للمثالية ومنهم المصابون باضطراب الوسواس القهري والشخصية الوسواسية فيتشككون بشأن علاقاتهم وتدور في أذهانهم أسئلة كثيرة مثل:

هل شريكي هو الشخص المناسب أم هناك من قد يسعدني أكثر؟هل أنا جيد بما يكفي لشريكي/ شريكتي؟ لا أشعر برغبة جنسية الآن نحو شريكي، هل هناك خطأ ما في علاقتنا؟ هل أنا حقا أحب شريكي أم أنني معجبة به فقط؟ لقد رأيت امرأة في العمل ووجدتها جذابة. هل هذا يعني أنني لست مخلصا بدرجة كافية لشريكتي؟ ماذا لو كنت في العلاقة الخاطئة وأنا لم أشعر بالحب أساسا تجاه هذا الشخص؟ أنا لا أفكر بشريكي طوال الوقت، هل هذا يعني أني لا أحبه حقا؟

وقد “يوسوس” صاحب هذه الشخصية أيضا بمثل هذه الأسئلة التشكيكية أيضا فيما يتعلق بمشاعر الشخص الآخر تجاهه. وهناك من يستعدون للزواج ويفكرون قبيل الزواج بقلق شديد ينتابهم بسبب هذا التشكك.

ضلالات الحب..

في بعض الاضطرابات التي يعاني المصابون بها من ضلالات وأوهام، قد يصاب المريض بضلالات رومانسية بحيث يهيأ له أن شخصا آخر يحبه ويرسل له بعض الإيحاءات برغبته في الارتباط به أو حتى يسعى نحو علاقة جنسية معه وكل ذلك بطريقة سرية، كأن تعتقد إحداهن أن المذيع أو لاعب الفوتبول يظهر من أجلها وأنه يبتسم لها وينظر إليها بإعجاب أو أن أستاذ الجامعة يقصدها هي بالذات بنكاته وضحكاته. هذه التهيؤات تصيب النساء بنسبة أكبر من الرجال. ترتفع نسبة هذه الضلالات في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة والتي سهلت الوصول إلى ومراقبة ومطاردة المشاهير الذين لم يكن الوصول لهم سهلا في السابق. إن الحب في حالتنا هذه هو محض خيال.

الحب والنرجسية..

يتسم النرجسي بالشعور بالاستحقاق، والافتقار إلى التعاطف، والميل إلى استغلال الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية، وتلك سمات تتعارض مع الحب. قد يبين النرجسيون لشرائكهم الحب بطرق ساحرة، لكن ذلك يكون مشروطًا، حيث تتوقف عروض الحب على ما يمكن للشريك منحه له في المقابل. النرجسيون يتعاملون مع الشريك على أساس التهديد بالهجر سواء جسديا أو عاطفيا إن لم يتم تلبية احتياجاته. بسرعة يشعر الشخص الذي يقع في حب النرجسي بالتعاسة وتبدأ محاولات الفرار منه، بينما يحاول النرجسي إحكام قبضته على ذلك الشريك الذي يغذي نرجسيته.

الحب والفصام..

المصاب بالفصام قادر على الشعور بالحب، لكنه أقل قدرة على إظهاره والتعبير عنه. المشكلة تكمن في إيمانهم  أنه لا يمكن لأحد أن يحبهم، كما أنهم غير قادرين على التعرف على الاحتياجات العاطفية للشريك والاستجابة لها وقد يعانون من التبلد العاطفي في بعض الأحيان. قد لا يميل المصاب بالفصام  إلى إنشاء علاقات اجتماعية، بسبب الصعوبة في التعبير عن مشاعرهم، وعندما يحاولون عمل علاقات اجتماعية فإنه لا يحدث بعفوية مما يصعب على الآخرين تفهم مشاعرهم وتقبلها.

كما قد يتصف بعض الفصاميون بانعدام الرغبة الجنسية، فيغيب الحافز لعمل علاقات حب وزواج. من الضروري مساعدة هؤلاء المصابين حتى لا ينقطع الحب.

وللتعامل بشكل سوي مع أصحاب تلك الاضطرابات يجب إظهار التعاطف والإقرار بمشروعية مشاعر هم حتى وإن لم نتفق معهم فيها، والاعتراف بما يشعرون به مما يمنحهم الحرية في قبول هذا الشعور وتجاوزه، كما يمكن بث الأمل في أكثر لحظاتهم يأسًا.

لابد من معرفة أعراض الاضطراب الذي يعاني منه الشريك وعدم أخذ الأمر على محمل شخصي. ومقاومة فكرة أن تطلب منه “أن يبذل جهدا أكبر ليحسن من مشاعره”، لأن الأعراض ليس من السهل التحكم بها من قبل المريض، بل أن المشاعر تكون خارج دائرة سيطرته.السعي نحو أنواع مختلفة من العلاج، من الممكن أن تتحسن العلاقات والمشاعر بوجود العلاج المناسب والصبر حتى تظهر النتائج.

بناء شبكة دعم حول نفسك والشريك المريض، حيث يمكن للأشخاص المصابين بأمراض نفسية أن يستفيدوا كثيرًا من معرفة أنهم ليسوا وحدهم يعانون مع صراعاتهم اليومية، وتقلباتهم وانتكاساتهم؛ يمكن أن يمنحهم وجود نظام دعم صحي إمكانية الوصول إلى طرق جديدة للتأقلم.

تساعد شبكة الدعم أيضا على الصمود مع المريض الذي تحبه.تذكر أن أولئك المرضى هم الأشخاص الذين نحبهم، حتى وإن تغيروا لبعض الوقت، وهم بحاجة إلى أن نعبر لهم عن ذلك عندما لا يرون ذلك بوضوح، يساعدكم ذلك في الحفاظ على الأمل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة