23 ديسمبر، 2024 11:44 ص

“الرسالة” الإيرانية تكشف أسرار .. رسائل زيارة استراتيجية !

“الرسالة” الإيرانية تكشف أسرار .. رسائل زيارة استراتيجية !

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

بعض الإجراءات والأفعال، قد تحدث للإنسان أو للمسؤول مرة وتكون بمثابة المنعطف. تضحية كبيرة، أو الاستقالة، أو الوصول في الوقت المناسب، أو حتى السفر.

في عصرنا، تتسارع وتيرة التطورات السياسية والأمنية في العالم، بحيث لم يُعد ممكنًا الفصل بين الميدان والدبلوماسية.

بمعنى أن الدبلوماسي يجب أن يكون رجل ميدان في الوقت نفسه، وأن يستفيد رجل الميدان من سلاح الدبلوماسية. وربما لو كان المرحوم (مدرس) حيًا بيننا اليوم، لاعتبار العلاقة بين الميدان والدبلوماسية لا تقبل الانفصال والتفكيك كما العلاقة بين الدين والسياسية. والدبلوماسية الآن جزء من الميدان، والميدان نوعًا من الدبلوماسية.

الملاحظات السابقة؛ مقدمة ضرورية قبيل الخوض في تفصيل أهداف ومنُجزات زيارة رئيس البرلمان المحترم الأخيرة إلى “لبنان”. بحسب التحليل الذي أعده “محسن پيرهادي”؛ ونشرته صحيفة (الرسالة) الإيرانية.

“قاليباف” في بيروت..

ويقود الدكتور “محمد باقر قاليباف”؛ حاليًا دفة سن القوانين والرقابة في “الجمهورية الإيرانية”، لكن حضوره في “بيروت” التي مزقتها الحرب، ولقاء المسؤولين في هذا البلد، والتجول بين بقايا المباني التي دمرها الكيان الصهيوني في ظرف (48) ساعة، والتفاصيل التي سترد، وهو أمرٍ يتجاوز الميدان.

حظيت زيارة “قاليباف” بثناء كل التيارات بل ومنافسيه ومنتقديه السياسيين، في الأوساط الإعلامية والسياسية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وهذا الثناء الموحد مؤشر على عظمة هذا العمل ومستوى تكامله. وقد بلغ مجتمعنا مستوى من النضج السياسي والاجتماعي؛ بحيث توحد المصالح الوطنية جميع آحاد المجتمع وتكون محورًا للوحدة.

الملاحظة الآخرى أن مفهوم دعم المظلوم، تحول إلى دالة مركزية على مفهوم الأمن القومي بالنسبة لكل النشطاء السياسيين في “إيران”، وكل شخص يحمل هذا العمل، يحظى بمدح وثناء الجميع؛ تمامًا كما فعلت خطبة المرشد من توحيد جميع مكونات المجتمع التعددي في “إيران”.

رسائل إيرانية من قلب جبهات القتال..

وجود “قاليباف” في “بيروت”، هو من قبيل التأمين. وقد ازداد وضوح هذه المسألة بعد “جمعة النصر” بإمامة المرشد. وزيارة مسؤول إيراني رفيع المستوى إلى دول في حالة حرب، أوضح للصديق والعدو أن أبسط اعتداء عليه أو برنامج هذه الزيارة، هو بمثابة خطأ آخر للعدو.

لقد تجول “قاليباف”؛ بقدمٍ راسخة، في شوارع “بيروت”، بينما تمثل سماء هذا البلد فناء تنزه للمقاتلات والمُسّيرات الإسرائيلية. وهذا أهم رسائل هذه الزيارة.

الرسالة الثانية للشعب اللبناني ومقاتلي (حزب الله) الشجعان. وفي الصور المتداولة فقد جاء كل سكان البيوت المدمرة للترحيب برئيس “البرلمان الإيراني”، وهذا يعني أنهم استقبلوا الرسالة التي تقول إن “الجمهورية الإيرانية” تدعم “لبنان” حتى النهاية، ولن تتراجع عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للحظة.

وحتى لو اتسم بعض القادة في الحكومة والجيش اللبناني بالسلبية، فإن “إيران” لن تُقصّر في دعم الشعب اللبناني باعتباره جوهرة خاتم المقاومة.

الرسالة الأخرى؛ خاصة بالحكومة والمسؤولين اللبنانيين. إذ إن زيارة رئيس البرلمان في ظل هذه الأوضاع، سوف تُزيد من عِزة قادة تيارات وفصائل “المقاومة اللبنانية” على النضال ضد كيان الاحتلال.

الرسالة الأخرى موجهة إلى كل أضلاع (محور المقاومة) في “فلسطين واليمن وسورية والعراق” وغيرها، تُفيّد بأن “الجمهورية الإيرانية”؛ حليف جدير بالثقة والشراكة الأبدية. إن دعم تيار المقاومة في “إيران” ليس: “تكتيكي” يمُكن أن يتغير، وإنما هو جزء من عقيدتنا وإيماننا واستراتيجيتنا وسياساتنا التي لا تقبل الانفصال.

آخر هذه الرسائل، موجه إلى قادة الكيان المحتل وأنصاره. لقد كان “لبنان” في الماضي مستعمرة فرنسية، وما تزال “فرنسا” تعتبر نفسها صاحبة حق ومكانة في “لبنان”.

لذلك سافر؛ سواءً خلال الفترة الأخيرة أو بعد تفجير “بيروت” الكبير، الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء إلى “لبنان” بإيماءة سلام تام لدعم “إسرائيل”، ولكن بموقف متعاطف مع “بيروت”. إلا أن نوعية زيارة الدكتور “قاليباف”؛ إلى “بيروت” تتجاوز المعايير الدبلوماسية، وهي غير تقليدية نسبيًا.

فقد قاد الطائرة بنفسه، وبث الفريق المصاحب صوره متعمدًا. وتجول في منطقة من “بيروت” وقد كانت معرضة للقصف في أي لحظة.

في السياق ذاته، حمل “قاليباف” رسالة مقام المرشد؛ وهذا يعني رفض الشعب الإيراني النظرة الاستعمارية لشعوب المنطقة، والاعتقاد في انتهاء عصر الزيارات غير المجدية بإيماءات القوة العظمى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة