22 ديسمبر، 2024 3:41 م

الواقع الريفي العراقي والتجديد من النسيان

الواقع الريفي العراقي والتجديد من النسيان

تنقسم دول العالم كافه من حيث الواقع السكاني الى واقعين الواقع الاول هو واقع المدينة والذي تكون فيه حياة العصرنة والصناعات وتتواجد فيه الطرقات المعبدة والمصانع والمعامل الكبيرة اضافه الى الجامعات والمعاهد الحكومية وكذلك الاسواق الكبيرة العامة التي تتوفر فيها كل احتياجات السكان لتلك المدن وتكون عادة تلك المدن كبيرة من حيث عدد السكان ومن حيث بناء المنازل وتتوفر فيها كل الخدمات البلدية اللازمة…….
اما الواقع الثاني فهو واقع الريف الذي تجد فيه الاراضي الواسعة المعدة للزراعة وتربية الحيوانات وتجد فيه وحدات ادارية صغيرة كالقرى والنواحي التي تكون عدد البيوت فيها محدودة وربما تجد احيانا ان سكان القرية من عشيرة واحدة وينتمون الى شخص واحد….
كان ابناء الريف في السابق يقومون بزراعة المحاصيل الزراعية في اراضيهم الزراعية والتي تعتبر الغذاء الرئيسي لهم اضافة الى مايحصلون عليه من مشتقات الالبان التي يحصلون عليها من خلال تربيتهم للمواشي كالأغنام والابقار والجاموس ويقومون ببيع الفائض من كل هذه المحاصيل والمنتجات الغذائية في الاسواق العامة في المدن…
وربما مع مرور الوقت تطورت الامور واختلفت الموازين المعيشية واصبحت الريف بل ان قسم من الوحدات الادارية وخاصة النواحي قد وصلت الى حد نظام المدينة بسبب الكثافة السكانية الموجودة في العراق وكذلك بسبب وصول العصرنة التكنولوجية الى ابعد نقطة موجودة في القرى والارياف ومع هذه العصرنة الحديثة فقد اختفت الكثير من العادات والتقاليد التي كانت موجودو قبل عقدين او ثلاثة من الزمن لان الجميع اليوم مشغول بعالم الالكترونيات وعالم الحاسوب والموبايل بعد ان وصلت ثورة الانترنت بكل مفرداتها الى ابناء الريف اسوة بأبناء المدينة…. ولكن الملفت للنظر والمفرح جدا ان اغلب ابناء الريف اليوم قد وصلت لديهم حالة التشبع من وسائل التكنولوجيا الحديثة واصبحوا يبحثون عن البدائل واصبحت لديهم روح الحنان الى ماضي اباءهم واجدادهم فتجد اليوم اغلب المنشورات والمواضيع على مواقع التواصل الاجتماعي سواء في الفيس بوك وغيره من المواقع الإلكترونيّة تتكلم عن العادات والتقاليد التي كان يعيشها الاجداد وعن الطرق البدائية وعن دور الطين وعن الحصاد وطرقة القديمة وادواته البسيطة كالمنجل وغيرها انتقالا الى البيدر والجرجر ومذراة الخشب وكيف كانت تستطيع العائلة جمع قوتها من محاصيلها الزراعية ثم تقوم ببيع الفائض منه لشراء اللوازم الأساسية ومتطلبات الحياة الضرورية لان الحياة كانت تصبح شبه معدومة خاصة في فصل الشتاء في القرى والارياف وذلك لصعوبة التنقل بين الناس…..
اليوم نفرح كثيرا عندما نرى ونحضر احد المناقشات لطلبة الشهادات العليا وتكون موضوع الاطروحة عن الريف العراقي وعن الادوات القديمة التي كان يستخدمها اجدادنا وابائنا الفلاحين وكذلك عن حياة تلك القرية الطينية التي كانت شبه معزولة عن العالم الخارجي وعن حياة وتقاليد تلك العائلة والألفة والمحبة التي كانت موجوده بينهم والتي ربما ضعفت بعض الشيء في وقتنا الحاضر…
نعم لقد كان للريف دوره المحدود في انتاج المحاصيل الزراعية فقط بعيدا عن العالم الوظيفي الاداري ولكن ابناء الريف اليوم اصبح لهم الدور الواسع وخاصة ان اغلبهم يتنافسون على مقاعد الدراسة اسوة بابن المدينة وكذلك اصبح القطاع التجاري نشط جدا لوجود الاسواق الكبيرة هناك اضافه الى الطرق المعبدة وحتى في مجال القطاع الزراعي فقد اصبحت الوسائل التكنولوجية الحديثة من المكائن لها الدور البارز في عمليه الزراعة وعمليه حصاد المنتوج كالمرشات الزراعية والحاصدات ومكائن الحراثة الاخرى…..
ان الحفاظ على التراث الريفي يعني بحد ذاته هو الحفاظ على الأصالة وعلى التاريخ والحضارة بكل مفرداتها لان اي بلد لم يكن لديه ماضي فان حاضره سوف يبقى ضعيف جدا وربما يكون مستقبله مبهم..
نشجع دوما الشباب الواعي الذين ما زالوا متمسكين بماضي اهاليهم حتى وان كان ذلك عبر مشاركاتهم البسيطة بكتابه بعض الاسطر ونشرها للعالم على مواقع التواصل الاجتماعي لفائدة الجميع منها…