22 ديسمبر، 2024 3:10 م

مقامة القراءة الثانية

مقامة القراءة الثانية

يقولون ثمة متعة واحدة تفوق قراءة تحفة أدبية , وهي قراءتها مرة ثانية , ترى كم مرة ياصديقي المندلاوي الجميل أعدت قراءة مبدعتك الشامية ؟

يقول ابراهيم البهرزي : (( إن ْ يكن للطائر الجوّاب في الارض مَآبا أو تَكُن ْ حوصلة الطير لهُمل القمح ِ قبرا , فلقد دُبِّر في عز النهار ْللفلسطيني ِّ أمرا  :  أن يغذ َّ السير َطولَ الدهر ِفي لُج ِّ الغبارْ , فإذا ما بلغ َ الدار َرأى الباب َ سرابا)) , قرأت مرة لكاتب نسيته :  (( كنتُ أسير في أحد شوارع مدينة بريمن مع الهولندية هاخر بيتيرس وهي شاعرة شابة حقق ديوانها الأول أعلى المبيعات , ألتفتت إلي قائلة : أحسدك لكونك من بلد ضاج بالمشاكل , هناك الكثير الذي يمكن أن تكتب عنه , في بلد مثل هولندة لا يكاد يوجد ما يستحق الكتابة عنه )) .

 

إلى الوهم الكبير الذي نعيشه ويغمرني بالأسى : هل للحزن منفى ووطن ؟ ولماذا للحزن أوجه عدّة لم أعد كيف أميزها ؟ لماذا لم تعتقني ؟ فقط صدى الآه الدفين يجيب بالقول للحزن مرافئ ومنافي , وللسواد قافية واحدة , فهلا تدلني كيف ننجو بنا, من نايٍ يذرف دمعتنا على أعتاب المواجيد الظامئة ؟

لكلِّ رأْسٍ هُمومُهُ وأوْهامُهُ و لكلِّ سنةٍ بياضُهَا والسّوادُ , أبوح لها وتهمس لي , يا أنت دلني على جرحك المركون في غيهب الحزن دعني أقطر فيه قطرا سما أو مطرا , نويت أن أحمل أثم الجراحاتصمتا أو جهرا , ولا أحد يسمع نحيب الأرض إلا الموتى والغافلون يدهمهم الموت في كل حين سرا , لا تقُلْ لي ألّا قُدرة لديكَ على تحمّلِ العذاب , فالبكاءُ والعويلُ في كلّ مكان , والدّموع أنهار تنبع من قلب السّماء ,والفرات بحرٌ من الدّماء , تعالَ مُدَّ يدَكَ فكلّ الحكايات بدَأَت بكلامِ نبيٍّ مع شجرة النّار والنّار بقرةٌ ملَكيّةٌ حريٌّ بكَ أنْ تَمْتَطي معي صهوتَهَالتَرْفَعَكَ إلى الأعْلى أكثَرَ فأكثَر , والنّارُ تحيا في قلبكَ وفي السّماء , فلا تخشاها , تارات تعلو فتتألّقُ في الفردوس ,وتارات تهبط فتَسْتَعِرُ في الجحيم , كامنة فيكَ كالحقد والانتقام. 

 
من عللنا التي لم تخطر على بال أحد منكم , ان أنفاسنا , في تلك البلاد , محسوبة علينا لدرجة احتباس الشهيق واختناق الزفير , والسؤال , كيف سيكتب عنا التأريخ ؟ فللتاريخ زوايا مختلفة ودرجات , منها الابراج والمنارات والشرفات الشاهقة , ومنها المزابل والمجارير, أعلل النفس بشعر لشكسبير يقول : (( ستمضي قُدمًا في وجه الموت , ووجه العدوان ماحيًا الذكريات , وسيجدُ مديحُك مكانًا لهُ , حتى في عيون الأجيال الآتية , التي سوف تسكن هذا العالم قبل رحيلها المحتوم , وإلى يوم القيامة حين تُبعث من جديد , ستظلُ في هذه الأبيات تحيا , وفي أعين العشاق تبيت )) .

 

 

يتفاعل عريان من قبره مع مبدعتك , ويعبر عن لواعج  أنفس مغادري قراها ومدنها قائلا:

 

بير وعشر گامات وبنصه عربيد

اتشلبى بس ما الوح .. وآنه بفرد أيد.

 

محّد عملها وياي عملة رفيجي

شرّبني سم عربيد وآنه على ريجي

 

ندري اليموت بليل الصبح ينشال

ميت بقالي سنين .. محد حچه وگال.