في ظهيرة يوم امس الأربعاء , نقلتْ وترجمتْ ونشرتْ بعض القنوات الفضائية العربية البارزة ! < اللواتي ما من دواعٍ لذكر أسمائها > , يثّتْ خبراً محدداً ” او غير مُفصّلاً ” في الشريط الإخباري ” Subtitle ” وليس في نشراتها الإخبارية , كانَ مفادهُ ونَصّهُ : ( القيادة العسكرية الإسرائيلية تُفَعّل الفرقة المدرعة المركزية ) ! وكان لابدّ للكثير من المرء أن يتسائل عن الدوافع وراء نشر مثل هذا الخبر .؟ ومَنْ ذا الذي قال أنّ هذه الفرقة كانت في استراحةٍ او اجازةٍ طويلة الأمد , وجيشهم يخوض المعارك الشرسة خوضاً منذ نحو عام وفي مناطقٍ مختلفة من القُطّاع .! , هذا الخبر كانت تتخلله شوائبٌ موضوعية وغريبة في علم الإعلام .!
ضمن هذا المسلسل ” الإسرائيلي ” الذي لا هو درامي ولا كوميدي , فبعد نحوِ 8 ساعاتٍ من نشر ذلك الخبر , عادت تلكُنّ الفضائيات لتنقل وتترجم عن المصادر الإسرائيلية ما نَصّه : < الفرقة المدرعة 36 الأسرائيلية دخلت اراضي الجنوب اللبناني > , ومن خلال التمحيص والتحرّي الإعلامي إتّضح انها ذات الفرقة المركزية التي جرى تفعيلها .! , من الملاحظ ايضاً أنّ القيادة الصهيونية لم تُشر ولم تذكر المسافة او العمق الذي توّغلت فيه هذه الفرقة , مع أخذٍ بالإعتبار أنهم اعلنوا نهار الثلاثاء الفائت , أنّ قوات النخبة ” الكوماندوس – المشاة ” تمكّنوا من الدخول الى مسافة 500 متر غير مربع في الجنوب اللبناني < وما اسهل من ذكر الأرقام > وهؤلاء الكوماندوس تسهل عليهم الحركة والتخفّي على العكس من الدبابات .! , وحيث لا جيشٌ نظامي يواجه الجند اليهود , وما يواجهوه هو اقرب الى حرب العصابات ولكن بتطورٍ لم تسبقه سابقة في الحروب … على مدى الأسابيع والأيام القلائل الماضية , لم تستطع المقاتلات الأسرائيلية ولا الأقمار الصناعية , ولا حتى التصوير الجوي من كشف المواقع القتالية للمقاومين من حزب الله ولحدّ الآن , بل تطوّر الأمر الى وصول صواريخهم الى تل ابيب ومدن اخرى وقواعد عسكرية في العمق .. اراضي الجنوب اللبناني ملآى بالأحراش وكثافة الأشجارمع تنوّعٍ في تضاريس الأرض من مرتفعاتٍ ووديان ” واشرنا لبعض ذلك في مقالتنا الأخيرة ” , لكنّ ما يفاجئ ويدهش الجنود الأسرائيليين ويجعلهم في تيه , فهو شبكة الأنفاق المتنوعة الأتجاهات ( المختلفة عمّا في قطّاع غزة تقنياً ومن حيث الإنشاءات وطبيعة التحصينات ) , وما تكبّدوه من خسائرٍ في الأرواح لحد الآن والمعركة في بدايتها .. الصعاب والعقبات اللائي يواجهها الجيش الأسرائيلي في زحفه الشديد البطء في اراضي الجنوب اللبناني , فتتمحور من اكثر من زاويةٍ , أنْ حتى ضبّاط الرصد الأسرائيليين لا يتمكنون من إعطاء احداثياتٍ دقيقةٍ اونحوها الى مرابض مدفعيتهم في الخلف , وذلك لإفتقاد وانعدام الرؤية حتى من المسافات القريبة التي تعيقها طبيعة الأرض .!
وقطعاً وبتاتاً لا ندّعي ولا نزعم أنّ المقاومين اللبنانيين في الجنوب سينتصرون على الجيش الأسرائيلي .! , لكنّما في حسابات المعركة تجريدياً تؤخذ نسبة الخسائر العالية في الأرواح والآليات والمعدات العسكرية , وحتى في التكاليف والمتطلبات الأخرى .
العنصر الأبرز والأخطر في كلّ ذلك وسواه , أنّ الجندي الأسرائيلي المهاجم الذي يتقدّم ! , فصدرهُ مكشوفٌ أمام الخصم , بينما المُدافع مختبئ في تحصيناته الدفاعية ويُسدّد اطلاقاته المتنوعة وبأرتياحٍ وشبه أمان , وهذه من بديهيات واولويات دروس المعارك القابلة للتطوير التقتي – الحربي … نتنياهو ورّطَ جيشه منذ نحو عام في معاركٍ شرسة , ولعلّ الأكثر من ذلك هو ما يتسبب به من خسائرٍ ماديّة واقتصادية ومعنوية لجنود الإحتياط , الذين ما انفكّ في استدعائهم للقتال وما يترتّب على القتال , وما قدينعكس على ادامة نتنياهو للحرب وتوسيع رقعتها .!