18 ديسمبر، 2024 7:58 ص

الاستراتيجية السياسية للحكومات العراقية بين التهديد الفارغ وسياسة عدم الاستقرار في القرار

الاستراتيجية السياسية للحكومات العراقية بين التهديد الفارغ وسياسة عدم الاستقرار في القرار

يبدو ان سياسات كل الحكومات المتعاقبة على العراق تختلف كليا ما بين حكومة واخرى ومآبين نظام سياسي وآخر وانها مازالت تترنح بين المفهوم القومي او المفهوم الديني او الطائفي فلكل حكومة حكمت العراق لغة خاصة وبيان تكتبه مختلف كليا عما سبقه ولايوجد خطوط ثابتة لسياسات طويلة فالجميع يهمهم ارضاء مشاعر الشارع العراقي في لحظة حدوث اي طارئ دولي ولايعنيهم المستقبل السياسي للبلد باي شيء سواء كان بناء علاقة مستقبلية دولية او اقامة مصالح اقتصادية بعيدة المدى.. ومازال هذا الشعب الغني بثرواته الطبيعية يعيش على الفتات بسبب حماس الهتافات الفارغة التي اصبحت اقرب الى السب والشتم في ساعة مواجهة المواقف الدولية ومايجري حولنا من احداث ساخنة…..
ان العراق وبسياسته التي انتهجتها كل الحكومات المتعاقبة على السلطة فيه منذ استقلاله سيبقى ذلك الناعق الذي يثور بحماسه ثم يتردد فجأة ليبكي على اطلال ما فعلته ايادي حكامه بسياساتها الخاطئة…
ويبقى السؤال الاصم الابكم متى سوف نرى استراتيجية صحيحة للسياسة العراقية بعيدا عن التشنج القومي والمذهبي ومتى يحكم العراق حكومة مستقلة بآرائها تستطيع ادارة الدولة بلغة العقل ومفهوم بناء العلاقات على اساس تحقيق الافضل للشعب اسوة بالدول التي عانت من ويلات الحروب ثم استطاعت بناء سياسة ثابتة وباستقلالية تامة مع كل بلدان العالم الاخرى مثل اليابان وغيرها من الدول التي تطورت بعلومها وتكنولوجيتها بعدما حررت عقولها من مفهوم العداء التاريخي والانتقام الدائم..
ان الدولة التي مازالت يحكمها المذهب والعشيرة وتجامل في اعلان سياستها ومنهجها الحكومي لا يمكن لها ان تعتبر نفسها دولة ذات سيادة او تستطيع اثبات شأنها في مفهوم القرار الدولي فلكل هفوة في السياسة آثار تترتب عليها فواتير دفع بعيدة المدى وعلى الحاكم الصحيح ان يتجنب تكرار هكذا هفوات واخطاء مستقبلية ولكن يبدو ان شهوة السلطة في العراق لها وجهة نظر مختلفة غايتها ارضاء مشاعر الناس في المجتمع من اجل الحفاظ على كرسي السلطة لفترة اطول..
اننا كنا نتأمل ان يكون هناك سياسة للحكومة العراقية ثابته من ناحية القرار السياسي والعلاقات الاقتصادية مع كل دول العالم وتحقيق استقرار دائمي للعملة العراقية وبناء صناعة وطنية تستطيع الوصول إلى كل اسواق العالم بعلامتها التجارية خاصة ان النظام السياسي في العراق بعد العام 2003 قد اختلف بمفهوم ادارة الدولة عما كان في السابق فحصانة العراق لدى بعض الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الامريكية تؤهله لاتخاذ قرارات مصيرية مهمة يتبعها سياسة ثابتة لبناء دولة مدنية متحررة بعيدا عن مفهوم التشنج والعواطف ودغدغة المشاعر على اساس الانتماء الطائفي او القومي….
فهل سوف يبقى هكذا يترنح الجمل العراقي بين رمال الصحراء وعلى يمينه آبار النفط وعلى الجانب الآخر ارض خضراء على ضفاف نهري دجلة والفرات.. ومتى سوف يظهر ذلك الفارس المنقذ للسياسة العراقية والذي يستطيع بقوة العقل والمنطق بناء دولة حضارية بعيدا عن مفهوم القوة بالسيف والدبابة وبعيدا عن التعصب القبلي..
(( قُلْ فانتظروا إِنِّى مَعَكُم مِّنَ ٱلْمُنتَظِرِينَ  ))
صدق الله العظيم