19 ديسمبر، 2024 12:07 ص

متى ينضم العراق بكامل عضويته لمنظمة التجارة العالمية ؟!

متى ينضم العراق بكامل عضويته لمنظمة التجارة العالمية ؟!

هذا السؤال ربما يتردد لدى من يعلم بعدم انضمام العراق بكامل عضويته لمنظمة التجارة العالمية لحد اليوم ، كما انه يبرهن للآخرين بأننا لم نكمل متطلبات حصول العضوية الكاملة في هذه المنظمة رغم الثقل الاقتصادي الذي يشكله بلدنا في المستويين الإقليمي والعالمي ،ومنظمة التجارة العالمية (WTO) هي منظمة حكومية دولية تنظموتسهل التجارة الدولية بين الأمم ، و بدأت المنظمة عملياتها بصورةرسمية في 1( كانون الثاني عام 1995 ) وفقًا لاتفاقية مراكش ، وبذلكحلت محل اتفاقية GAAT التي أبرمت في عام 1948 ، وتعد منظمة التجارة العالمية أكبر منظمة اقتصادية دولية في العالم فهي تضم 164 دولة من الأعضاء وتمثل ما يزيد عن 98% من التجارة العالمية والناتجالمحلي التجاري العالمي ، وتسهل المنظمة عمليات التجارة في السلعوالخدمات والملكية الفكرية بين البلدان المشاركة من خلال توفير إطارللتفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية التي تهدف عادة إلى خفض أوإلغاء الرسوم الجمركية وحصص التوريد والحواجز التجارية الأخرى ،وقد قدم العراق طلبه  للانضمام إلى   هذه المنظمة عام 2004 من خلال اللجنة الوطنية للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والتي تضم 39 عضوا من مختلف تشكيلات الدولة وقطاعاته ذات العلاقة بالموضوع  ، وتم قبول طلبه وأصبح عضوا بصفة ( مراقب ) ولم يستطيع خلال ال20 عام الماضية إكمال متطلبات اكتساب العضوية الكاملة منذ تقديمه الطلب ولحد اليوم لعدة أسباب ، أبرزها تباين مستويات اهتمامالحكومات بالموضوع والتغير بالمواقع والمناصب التي لها علاقةبرعاية الانضمام ، وقد تم أحياء هذا الموضوع منذ أربع سنوات ، ففي شهر مايس 2024 تم تفعيل العمل لإكمال شروط و متطلبات الانضمام وانعقد الاجتماع الثالث بهذا الخصوص . ويبدو إن الحكومة الحالية تولي اهتمامها لموضوع الانضمام رغم تساؤلات البعض عن جدوى ذلك ، باعتبار إن العراق ليس مصدرا كبيرا لكي يستفاد من تسهيلات تلك المنظمة وربما تنصب مصلحة الانضمام لمنفعة من يتولى التصدير للعراق الذي يعتمد إلى حد كبير على الاستيراد لسد احتياجات السكان ؟ .

ورغم تلك التساؤلات فهناك من يؤيد موضوع  جدوى الانضمام ، أولالأنها منظمة عالمية وتضم اغلب دول العالم ووجودنا فيها ضروري للعديد من الاعتبارات ، وثانيا إنها لا تقدم تسهيلات للآخرين بدون قيود وإنما على وفق مبادئ يلتزم بها الأعضاء ، وثالثا إن الانضمام لايخص الحاضر فحسب وإنما بنظرة مستقبلية حين تتحقق الأهدافالاقتصادية التي نسعى لتحقيقها اليوم وغدا ، ورابعها إن الوجود في المنظمة يوفر الحافز للفعاليات الاقتصادية المنتجة للسلع والخدمات والأفكار لولوج الأسواق العالمية والاستفادة من الامتيازات التي تقدمها المنظمة بهذا الخصوص ، وضمن مساعي الحكومة في توفير البيئة الاقتصادية المناسبة للاستفادة من مزايا الانضمام لهذه المنظمة ، ولتعزيز سلاسل القيمة الزراعية والأغذية الزراعية وتحسين السياسة التجارية في العراق ( SAAVI ) ، فقد انطلقت منصة الجودة من اجل التجارة في العراق  يوم الخميس الماضي ( 26 أيلول 2024 ) وتم إطلاقالمنصة من خلال التعاون بين دائرة العلاقات الاقتصادية الخارجية في وزارة التجارة ومركز التجارة الدولية ICT (International Trade Centre)‏ ، وهي وكالة للتعاون التقني لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارةوالتنمية ومنظمة التجارة العالمية تأسس عام 1964 ، ومن مهام المركزتمكين التجارة المحلية في إنجاح أعمال التصدير الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية عن طريق توفير الشركاء واقتراح حلول لتنميةالتجارة مع القطاع الخاص ومؤسسات دعم التجارة وصانعيالسياسات ، وقد ركزت المنصة على تشجيع  تصدير التمور العراقية من خلال التعريف بالفرص والتعريف بمتطلبات الجودة التي تجعل من التمور سلعة مقبولة للتصدير لمختلف البلدان ، وتم التركيز على الأسواق في تركيا نظرا لنجاح صادرات التمور العراق في ولوج الأسواق التركية من خلال تصدير ما يقارب 600 ألف طن سنويا .

وقد سبق إطلاق المنصة بيومين ( 24 و25 أيلول 2024 ) عقد ورشة عمل بهذا الخصوص برعاية ICT ووزارة التجارة ، وشارك بأعمالها منتجي ومصدري التمور من القطاعات والفعاليات المحلية من القطاعين المختلط والخاص وممثلين عن الاتحادات والجمعيات ذات الصلة بإنتاج وتصدير التمور ، وتمت إدارة أعمال الورشة من قبل دائرة العلاقات الاقتصادية الخارجية بوزارة التجارة ، حيث عرض معاون مدير عام الدائرة ومسئولي الأقسام فيها أهمية الورشة و المراحل التي أنجزت للانضمام لمنظمة التجارة العالمية و إشكال الدعم الذي يمكن إنيقدم للمنتجين والمصدرين ، كما أسهم خبراء محليين في مجال الجودة باغناء الورشة بالعديد من الطروحات ، وقدم خبراء ICT جوانب تفصيلية مهمة ومفيدة جدا في إفادة المصدرين في سهولة الوصول للأسواق العالمية من خلال الالتزام بمعايير الجودة وكل ما يتعلق بالقبول من قبل المستوردين ، وتخللت الورشة نقاشات مستفيضة لما طرحه خبراء الوكالة بمداخلات المنتجين والمصدرين ، إذ عرضوا فيها ما يحتاجوه من دعم وتسهيلات لبلوغ معايير الجودة العالمية لإحداث الفاعلية في زيادة حجم الإنتاج والتصدير ، معتبرين إن نجاح العراق في الدخول بالأسواق العالمية سيفتح آفاقا واسعة لتصدير الفائض من المنتجات المحلية سواء السلع او الخدمات او الأفكار ، وقد أعرب خبراء المركز عن استعدادهم لتقديم كل الدعم والمساعدة للمصدرين العراقيين من خلال التواصل عبر المنصة التي تم إطلاقها ، كما ابدوا استعدادهم لتطوير المنصة وفقا للتطور المتوقع والحاصل في التصدير بإنشاء روابط مع تتطرق لمعايير تتبعها الدول المستهدفة للتصدير ، كما اظهروا استعدادهم  ومن خلال التواصل في المنصة للإجابة عن أية استفسارات والمساعدة في تقديم مقترحات الحلول للصعوبات ، ووعدوا بمواكبة الحاجة لتطوير المنصة للمساعدة في الدخول للأسواق العالمية عدا الأسواق التركية متى وجدت الحاجة لذلك سواء فيما يخص التمور او غيرها من المنتجات ، ورافق انعقاد الورشة إقامة معارض للتمور عرض فيها المنتجون والمصدرون الأنواع الفاخرة القابلة للتصدير كما قامت التجارة ووكالة ICT بعرض مطبوعاتهما الإرشادية والإيضاحية للمشاركين .

ومن وجهة النظر الموضوعية ، فان عقد مثل هذه الورش لأصحاب العلاقة الحقيقيين وما يتصل بها من منصات تعد خطوة مهمة لتعريف وتشجيع المصدرين وتخليصهم عن المستغلين والمحبطين والمعلومات المضللة ، وان نجاحها هو من ثمرات جهود التجارة بهذا الخصوص من خلال إشراك الفعاليات ذات العلاقة او من خلال التنسيق والتعاون مع المنظمات والمراكز العالمية ، وان هذه الجهود تعتبر إضافة نوعية في سبيل بلوغ هدف انضمام العراق بكامل العضوية لمنظمة التجارة العالمية لا من اجل ( الكشخة والنفخة ) وإنما لمعالجة اعتلال الاقتصاد العراقي من خلال دعم ميزان المدفوعات او من حيث زيادة الناتج المحلي وتوفير الصادرات المقبولة في الأسواق العالمية ، وعودة إلىالسؤال الذي طرح في مقدمة هذه المقال ، فان بلدنا إن بذل جهود مستمرة وغير متقطعة وأبدى عناية في الاستفادة من كفاءات كوادره المحلية التي لها خبرات متراكمة بموضوع ومتطلبات الانضمام ،  فربما تتحقق تلك الأمنية لتحويلها من الحلم إلى الواقع لنكون أعضاء دائمين في WTO حالنا حال  ( جيبوتي ، البحرين وساحل العاج ، بنغلاديش ) الذين انضموا عام 1995 او ( اليمن ) التي انضمت عام 2014 ، وذلك بحاجة إلى تواصل وتضافر وتكامل الجهود لانجاز ذلك ربما     في عام 2030 حيث لا نزال من ضمن الدول أل 23 بصفة مراقب رغم الشروع بمحاولاتنا في 30 أيلول 2004 !! .