متابعي أمور السياسية والشخصيات المؤثرة في تلك الامور يتذكرون ان الرئيس الجنوب الافريقى الراحل (نيلسون مانديلا) قضى سبعة وعشرين سنة في سجون نظام الفصل العنصري الذي كان يحكم هناك من قبل الاقلية البيضاء ‘ وتعرض مانديلا في السجن لانواع من التعذيب الجسدي والنفسي من قبل احد ظباط الامن للنظام العنصري ..
مرت سنوات إلى أن وصل (دي كليرك) الى رئاسة جنوب افريقيا والذي بادر بطرح برنامج التغيير والتوجه الى مشاركة الاكثرية السوداء وهم السكان الاصليين في البلد ‘ وكان أحد اهم الخطوات بهذا الاتجاه إطلاق سراح مانديلا ‘ وبعد المباحثات سمح لحزب المؤتمر الوطني بالمشاركة في الانتخابات ‘ ورشح الحزب زعيمه مانديلا للرئاسة وفاز بالاكثرية المطلقة واصبح اول رئيس من اهل البلد الاصليين يصل الى كرسي الحكم ‘ وكانت أول خطوة أتخذت من قبله وكذلك حزبه ‘ طرح برنامج المصالحة الوطنية ومنع أي توجه بإتجاه الانتقام من الاقلية البيضاء التي حكمت لعشرات من السنين البلد بطريقة عنصرية شرسة قلت نظيرها في القرن العشرين .
سمع مانديلا وهو رئيس الدولة أنه وبعد ايام ان الظابط الذي كان يشرف بنفسه على تعذيبة ايام كان في السجن يقيم حفلاً بمناسبة عيد ميلاده ‘ ففاجئ مانديلا الظابط وأسرته ليلة الاحتفال بعيد ميلاده بزيارته لبيتة ومعه باقة من الورد …. فكانت هذه المبادرة إشاره من الرئيس لجميع اهل جنوب افريقيا أن البلد يتم بنائه من قبل الجميع وعلى الجميع أن يتصالحوا من أجل ذلك !
هذا في جنوب افريقيا ‘ ولكن في بعض الاماكن نرى ‘ أن البعض ‘ لايصل ألى موقع المسؤول الاول في ذلك المكان ‘ بل فقط يحصل على فرصة لاستلام نوع من المسؤولية عن حياة الاخرين ‘ تراه في اول يوم يجلس في موقعه يتفرغ للتفكير عن أسم وعنوان أى طفل مشاكس في منطقته او من ايام المدرسة وقام بمشاكسته وأدى ألى نوع من الاذى له ويخطط .. وبدقة للبحث عن طريقة لانتقام منه ….!! وجود هكذا نماذج في بعض الاماكن من هذه المنطقة ليس غريباً لاننا نرى حالنا ! ولكن الغريب أن هذا النموذج عندما يواجه الناس يتحدث وبأعلى صوته عن : بناء مجتمع مدنى وقبول الاخر وحرية الاختيار …. فهل أحدنا بحاجه إلى السؤال : لماذا لايستقر حالنا ؟؟