العقل العراقي،عقل اجتثاثي يتلذذ بعقوبة الاقصاء والاستئثار وفرض الهيمنة، لايقتنع بتعدد الاراء واختلافها،ولابتباين المواقف ولايمكن له ان يشتغل بلا ماكنة الاقصاء، لايعد ذلك تجنيا ولاتشهيرا بالشخصية العراقية، لان التأريخ يورد شواهدا عديدة تلخص مدى انتشار الفايروز الاقصائي في الذات العراقية سواء كانت ذات حاكمة أم محكومة، الحقيقة الواضحة أن الدكتاتورية لاتولد الا في البيئات الاقصائية التي تهمش بعضها الاخر.
بدأت ملامح الاجتثاث في العراق منذ ايام حمورابي الذي يعد اول من اغرق مدينتن وهي ماري ومالجوم اذ اوصى اتباعه ” بناء على مشيئة كل من أنو وإنليل قام حمورابي بتخريب اسوار ماري واسوار مالجوم” وقتل الامام الحسين وعائلته وصحبة في كربلاء ،واجتثاث الانماط في البصرة على يد الحجاج واجتثاث الزنادقة على يد ابو جعفر المنصورواجتثاث البرامكة على يد هارون الرشيد واجتثاث الزط في عهد الخليفة المعتصم وصولاً إلى التاريخ الحديث الذي كان الاجثتاث والاقصاء وابعاد الاخر المختلف علامة بارزة وساطعة فيه .
ومنذ ذلك الحين بدأت عملية الاجتثاث بشكل واسع وتمركزت في عقلية الذهن العراقي وتحولت إلى طبيعة وسلوك موروث لايقبل الانزياح حتى يومنا هذا ، فالاحزاب الحالية التي تدعي انها تنتهج نهجاً ديمقراطيا لم تنزع ثوب الثأرية المفرطة.
أن البيئات الاقصائية تخلق قواعدا ذليلة تصفق في كل مكان وتحسن هز الرؤس وقول (نعم – لبيك – وبروح بلدم- كلا كلا لمن يعارضك،والكلمات الاخرى التي تنتحت الدكتاتورية نحتاً )
في العراق، الذي نحلم أن يكون ديمقراطيا تنظيرا وعملاً – ليس فقط بالانتخابات – تمتهن القواعد الشعبية وقياداتها في الخط الاول دورا مهماً في تقديس ذوات الزعامة والسعي لتعصيمها .
كل الدول تتفق جماهير احزابها على قضايا رئيسة، الا في العراق الاقصائي، فلم يعد الحزب الذي يحكم هو الذي يقصي، بل ان الحزب المعارض يمارس ذات الدور عبر إلغاء كل انجاز أو التكتيم عليه لمنع تحوله إلى رصيد شعبي للجهة النافذة في الحكم على حساب المواطن وهو نوع جديد يمن الاقصاء والتهميش ينبغي الوقوف امامه طويلاً .
لاتنفع الديمقراطية ولا ممارستها ولاتقليدها والانظام سانت ليغو ولا اي شيء اخر، مالم يُلغى الفكر الاقصائي فكر تهميش آلاخر، وثقافة صناعة الزعماء ومسح اكتفاهم ، نريد ديمقراطية حقيقية لا شكلية …تذكروا أن الاقصاء لايبني بلدا ً .