23 ديسمبر، 2024 7:34 م

المالكي….ليس دونكيشوت العراق

المالكي….ليس دونكيشوت العراق

كتب ميغيل سيرفينتس قصة تعتبر من روائع الأدب العالمي على مر العصور، تدور أحداثها حول شخصية مزارع تصور نفسه فارس مقدام يدافع عن الشعب فيجوب اسبانيا لنصرة الضعفاء، مصطحبا معه مزارع بسيط العقل ” بانزا”  أعطاه وعودا بمنحه الذهب والمجوهرات، تارة ساحبا سيفه ضد جيش الأعداء والذي هو بالحقيقة مجموعة من الخراف التي كانت ترعى، وتارة اخرى يهاجم العمالقة الذين بعثهم الساحر، والحقيقة أنه كان يهاجم طاحونة الهواء، وصاحب الطاحونة أراد أن ينقذ طاحونته لأنها رزقه، فهاجمه بطل الرواية معتبرا اياه الساحر الشرير، وكان ينتظر لقاء الأميرة التي هي حب حياته (الخيالية) وقضى عمره ينتظرها…..
فهل تريدنا يا دولة الرئيس أن نعيش في خيالك؟ خيال ال “لا” دولة العراقية المسلوبة ، خيال الديمقراطية، تلك الغالية التي دفع ثمن نجاحها العراق من دماء ابناءه بقرار من المرجعية ألزمت به الأمم المتحدة بتطبيقه والذي أسقط المشروع الأميركي الذي كان مختلف تماما، لقد عملت هذه الحكومة بطريقة دون كوشيتية حيث تصور المالكي نفسه منقذ العراق وجميع الاخرون الذين وقفوا معه لايصاله لمنصبه شرط مشاركتهم اياه ادارة وطننا الجريح كأعداء له ويريدون استرجاع هذا الكرسي، الكرسي المقيت الذي هو أمانة من الشعب لمدة محدودة من الزمن ومشروطة بالنجاح، ولكن الفارس المقدام  وضع خطته كي يبقى هذا الكرسي له شخصيا ولحزبه الذي أختزله بشخصه، والاخرون من أفراد حزبه ومستشاريه أصبحوا بخدمته وخدمة مشروعه الاستيلائي على كل شئ المتفرد بكل شئ من باب “بعد ماننطيها” واعدا اياهم مثل ” بانزا”  ولكن ليس بالذهب والمجوهرات بل بالتعيينات والعمولات فتحول هؤلاء الى “عرضه حالجية” يأخذون عمولة على كل عقد تجاري، تعيين، زمالة، معاملة بالدولة، سفر…الخ، محولين الدولة العراقية الى “سوق هرج”  فنشروا الفساد وحولوا العراق الى أفسد الدول في العالم، ولكي لايحاسب “دولته” كان لابد من تحويل البرلمان العراقي الى مجموعة من المصالح المرتبطة بدائرة الفساد العليا أي تحت امرة رئاسة الوزراء، فانتهى البرلمان وتحولوا بدورهم الى “عرضة حالجية” وأصبح أخذ العمولات “الكومشنات” فن لا يفهمه الا من باع ضميره ونكث الوعد وكذب على العراقين، الذين أصلا لم ينتخبوه ، بل وصلوا الى البرلمان لان أصوات سيدهم ومالكهم هي التي أوصلتهم لهذا المنصب، وصوتوا هؤلاء بغالبية مطلقة على رواتبهم ومستحقاتهم بدون أي خوف من الله وبضمير ميت، تاركين الشعب حبيس الوطن “المغتصب” من قبل هؤلاء وغير مكترثين بالمرجعية.
نعم، مغتصب…أخذ “دولته” بيديه، اليمنى عن طريق سيطرته على الجيش والأمن والمخابرات والدفاع والداخلية جميعها “وكالة” وأستجد “عمليات بغداد” وربطها ب “حمودي” وأرجعنا الى قبل التسعينات “خاف نكون نسينا” وكأن العراق يخلوا من رجال يستحقون الموقع، وماسكا بيسراه القضاء سواء بالتهديد والوعيد باجتثاث…أم بعمولات… فالمحكمة الاتحادية تفسر مايراه “دولته” وقضاء لا ممدوحا ولا محمودا يسلطه على منافسيه، من السياسيين أو أي شخص (همزين بعد ماكو قص اذن) يقف بطريقه بمشروع الاستيلاء على الدولة العراقية، والاستيلاء على ماكان يجب أن يكون ضمن الهيئات المستقلة كهيئة الاعلام التي تحولت الى بؤرة فساد من حيث العمولات ومجموعة من الجهلة بكل مايخص الاعلام، وأصبحوا مداحوا السلطان وذكر مناقبه والتنكيل بمن لايقول له “سيدي”، فبقى أمامه البنك المركزي والاستيلاء عليه فذهب الجلاوزة للدكتور سنان الشبيبي الذي كان رفض وضع احتياطي البنك تحت تصرف الحكومة فلفقت له التهم ظلما وعدوانا، وعين محله من…؟ رئيس النزاهة!… أي لايستطيع أحد أن يحاسبه على نزاهته….!!!
مشروع دونكيشوت كان تخليص اسبانيا من من الظلم ومحاربة الشر، ولكنه كان يتخيل الاشياء ولايراها على حقيقتها، في حين مشروع دونكيشوت العراق ليس تخليص العراق وخدمة الشعب بل أن مشروعه الوحيد هو البقاء في السلطة والاحتفاظ بالكرسي وهذا يذكرني بكلمة لأحد المفكريين العراقيين وهو سياسي معروف حين قال أن المالكي ليس دكتاتور لأن الدكتاتور لديه مشروع ويعمل كل شئ من أجل تنفيذ مشروعه (هتلر، موسليني و صدام) في حين أن المالكي مشروعه الوحيد هو البقاء في السلطة مهما كان الثمن وبأي طريقة كانت، علينا كأبناء الرافدين أن نتحد ونقف صفا واحدا ضد هذا الظلم والفساد والسرقة، ونمنع التزوير في الانتخابات، بداية يجب أن نؤسس شبكة تواصل اجتماعي نضع بها جميع تجاوزات السلطة التنفيذية للتزوير لكي نؤرشفها وندعوا الى التحقيق مع المتجاوزين، ومن ثم نراقب مع الكتل السياسية والحقوقيون والقضاة عمل المحكمة الاتحادية لكي نؤسس لثقة قد فقدت أم الحساب العسير لحق قد يسرق بفن تفسير كلمة ما في الدستور، وأن لانسمح كشعب ووراءنا المرجعية لأن نكون تحت الأحكام العرفية بحجة الارهاب وغزوا بغداد وطواحين الهواء…الخ، ونتحد جميعا شيعة وسنة وأكراد وجميع الأطياف والقوميات على دعم كتلة كبيرة متجانسة ومتحدة على خدمة العراقيين واحترام الاخر واشراكه وعدم اقصاءه، لينبثق من هذه الكتلة رئيس وزراء جديد، لا ينكث الوعد ولايستفرد بالسلطة، لايفرق الشيعة،لايهمش السنة ولايدعوا الى محاربة الكرد، ويخرج العراق من هذا الدمار المستمر منذ ثمان أعوام، ثمان سنوات سرقة من عمر هذه الدولة الفتية ديمقراطيا التي عمرها احدى عشر سنة، وحبست الديمقراطية والحرية والأمل باخر صندوق انتخابي مع حقوق الشعب المظلوم، فالانتخابات انتهت، ولكننا أمام أستحقاقنا الانتخابي، على أن لايسرق منا مرة اخرى، ولانكون حالمين ومتخيلون مثل “دونكيشوت” ولا مصدقون وبسطاء مثل “بانزا”.