في كلمته التي ألقاها من خلال شاشات التلفزيون، بُعيد إنتهاء التصويت العام لإنتخابات مجلس النواب لعام 2014، ظهر السيد عمار الحكيم، رئيس المجلس الإسلامي العراقي؛ كعادته مبتسما واثقا من الفوز في الإنتخابات، هذا الفوز الذي يعني الكثير له، ولست أقصد بالفوز لكتلته؛ فهو قطعا لم يناد يوما للإنتصار لكتلة المواطن، بالقدر الذي ينادي للفوز للعراق الواحد الموحد، وفي كلمته عرج عمار الحكيم على التحالف الوطني، حيث قال فيها ((سنبدأ من الآن باعادة تشكيل التحالف الوطني.. وتحويله الى مؤسسة قوية متكاملة وموحدة)).
كلمة تحمل معاني كثيرة بين طياتها، وحتى أنه يمكن لأي شخص أن يؤلها ويحملها على معاني كثيرة، فمرة يمكن أن تكون دعوة لإعادة الإصطفاف الطائفي، وأخرى دعوة لأن يكون التحالف مرجع لمكونات التحالف الوطني، وغيرها من المعاني والتأويلات.
لا يمكن لأي عاقل سمع كلام عمار الحكيم قبل هذا اليوم، يمكن أن يتصور بأن هذا الشاب الذي يعتم بالعمامة السوداء؛ والتي ترمز الى أنه ينحدر بنسبه الى الرسول الأكرم، يمكن أن ينحدر بكلامه الى هذا المنحدر الخطير، وهو بالضد مما نسمع من أحاديثه؛ سواء في الملتقيات الثقافية، في مقر المجلس الأعلى، أو خلال لقاءات صحافية، أو بلقاءه لقادة البلد ورجالته والمسؤولين العرب والأجانب، فهو دائما ما يؤكد على الوحدة الوطنية، وإحتواء الآخرين، وتحقيق مطالبهم بما يتفق مع الدستور الذي صّوت عليه جميع العراقيين، وضرورة الخروج من حالة الطائفية المقيتة، والتي لم تجر على البلد سوى الدمار والنكوص الى الوراء.
فإذ لم تكن دعوته هي الى إصطفاف طائفي جديد، وكانت دعوة لأن يكون التحالف الوطني؛ كمؤسسة جامعة لكل مكونات البيت الشيعي، فما هو الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه هذه المؤسسة؟ سؤال الإجابة عليه برسم قادة التحالف الوطني، ومع هذا فإننا نرى ضرورة أن تكون هذه المؤسسة؛ إذا قيض لها أن ترى النور، أن تتحدد مهامها في كيفية علاقتها مع مكوناتها أولا، ثم علاقتها مع السلطتين التنفيذية والتشريعية ثانيا، بعدها علاقتها مع بقيو مكونات الطيف العراقي البديع.
تحضرني هنا الدعوة التي وجهها أحد القياديين، قبل أيام من بدء التصويت العام لإنتخابات مجلس النواب، عندما وجه كلامه الى الإخوة في المكون السني؛ عندما قال لهم بأنهم يجب أن تشاهدوا الإخوة الكورد؛ كيف أنهم فيما بينهم لديهم مشاكل، لكن عندما يأتون الى مجلس النواب، فهم يأتون متحدين وكلمة واحدة، فلماذا لا تكونوا مثلهم، دعوا خلافاتكم فيما بينكم داخل وسطكم؛ لكنكم في بيت الشعب لديكم مشاكل العراق ومشاكل الناس الذين تمثلونهم.
إن الحقوق بين الناس متبادلة ومتكافئة، فلا تجري لأحد دون الآخر؛ ولا تجري على أحد دون غيره. وإن الحقوق لا تقام إلا بالتعاون والمساعدة، وأن لا يرى البعض نفسه فوق أن يعين أو يعان في ذلك.
هكذا يمكن أن تفهم دعوة عمار الحكيم، فأنها دعوة لأن تكون مشاكل الأحزاب؛ داخل مؤسسة التحالف الوطني، ولا يجب أن تخرج عن هذا النطاق، لأن همنا أكبر من مشكلة هذا الحزب مع ذاك التيار، مشكلتنا الحقيقية هي كيف نواجه هذا الإرهاب الأعمى؟ الذي يفت في نسيج هذا البلد، مشكلتنا مع التدخلات من قبل دول الجوار الإقليمي؛ والتي لا تريد لهذا البلد الخير والرفاه، وما دمنا متفرقين فلن تقوم لهذا البلد قائمة، مشكلتنا في إقتصادنا المتهاوي؛ فبعد أن كنا نصدر الكثير من السلع والخدمات للعديد من دول الجوار والعالم، بتنا نستورد من هذه الدول حتى الثوم!.