18 ديسمبر، 2024 8:09 م

البنك الدولي والنمو المشوه للاقتصاد العراقي

البنك الدولي والنمو المشوه للاقتصاد العراقي

اعلن البنك الدولي في شهر يونيو من هذا العام وحسب وكالة يقين أن نسبة النمو للاقتصاد العراقي لعام 2024 ستكون 3 % ، وبعدها صحح في شهر يوليو من ذات العام ، توقعاته جاعلا نسبة النمو وفقا( لعراق اوبزيرڤر) 6،3 % ، لنفس العام ، مشيرا إلى أن هذا النمو ليس نموا ذاتيا أو مخططا ، إنما هو نموا عابرا مرتبطا بمتغييرات خارجية أهمها ارتفاع الطلب العالمي على النفط ، وارتفاع أسعاره ومن ثم لا يمكن الاعتماد عليه في خلق الآثار الإيجابية بين القطاعات المختلفة ، وبرغم الاختلاف المثير للدهشة في مسألة توقعات البنك ، وبرغم ملاحظاته ، فإن النمو الحقيقي للاقتصاد العراقي غائبا غيابا مخططا له ، ما دام ، هو اقتصاد فقاعة لانه اقتصاد ريعي ويعتمد أساسا في دورته على رواتب وأجور العاملين في الدولة أو بعض الأجور المتقلبة في القطاع الخاص المتعثر في الانجازات الاقتصادية المحققة لقيمة العمل الإنتاجي ، فالقطاع العام الحكومي الضخم والمنتج للخيرات معطل بخطط مدروسة ربما باملاءات أمريكية أو معوقات أمريكية المقامة على معاداة القطاع العام ، يقابله استيراد مفتوح بلا قيود لمختلف البضائع والخدمات التي تعتمد التحويل الخارجي المستنزف للعملة الصعبة ،
أن النمو الحقيقي يعتمد على الإنتاج ، انتاج الحاجات بمختلف استعمالاتها واستهلاكها ، وهذا الإنتاج يعد أساس القيمة ، والقيمة هي معيار الاقتصاد الناجح ، اقتصاد المعامل لا اقتصاد الاستيراد والمولات ، من هذا يتضح كما استقر رأي البنك الدولي أن النمو لعام 2024 هو نموا عابرا يقاس بالمدخولات جراء مبيعات النفط ، التي كما يراها ستكون عالية وفقا للطلب العالمي ، والاسعار مرتفعة وفقا لأسعار السوق ، والتي عادة ما تكون متذبذبة جراء تذبذب العلاقات الدولية ، بين سلام حرج وحروب قائمة ( كحرب اوكرانيا وحرب غزة وحرب السودان وحرب اليمن وغيرها من الحروب المهددة للاستقرار الدولي) أو متوقعة كحرب تايوان أو حروب بحر الصين الجنوبي . أو حروب الماء المتوقعة على صعيد العلاقات بين الدول.
أن توقعات البنك الدولي رغم ميلها لأن تكون توقعات عالم غير مستقر إلا أنه شخص العلة في الاقتصاد العراقي كونه اقتصادا مشوها لا يعتمد على التخطيط ، وانما هو اقتصاد نسب النمو فيه عابرة وفقا لعبور اسعار النفط حدود العقل والمنطق . وان ما يحتاج إليه الاقتصاد العراقي ، هو التخلي التدريجي عن سياسة الباب المفتوح في بيع العملة والباب المخلوع في الاستيراد ، والعمل الجدي على فتح باب الإنتاج ووفقا لما يلي .
ا….المرحلة الأولى .
اولا …..إلغاء مزاد العملة والعودة إلى التطبيق المتشدد للدورة المستندية في الاستيراد . بدأ من الطلب على السلعة ورد المجهز ، ورصانة البنك المراسل وصولا إلى فتح الاعتماد ، وأشعار وصول السلعة ، وان يتم حصر فتح الاعتماد بالمصارف الحكومية وبعض المصارف الأهلية الرصينة في هذه المرحلة .
ثانيا ….القضاء على فوضى الاستيراد ، من خلال قيام وزارة التجارة بإصدار قائمة وفقا للأهمية النسبية لهذه السلعة أو تلك ، ويتم إعطاء الأولوية للسلع الأساسية والضرورية والإنتاجية والكمالية وشبه الكمالية واخيرا السلع الترفيهية . وبموجب إجازة استيراد ضامنة صحة الاستيراد والتحويل ومقترنة بغرامات مؤلمة .
ثالثا….وفقا لسلم أولوية الحاجات تعمل الدولة في هذه المرحلة على فتح معاملها باوسع نطاق للانتاج ولكل ما هو مطلوب استيراده . بدأ من الصناعات الثقيلة مرورا بالصناعات التحويلية والغذائية والعسكرية والدوائية وصولا إلى الصناعات الكمالية والترفيهية وحسب الأهمية النسبية لكل سلعة وفقا لقائمة وزارة التجارة .
رابعا…فسح المجال وبجدية مطلقة للقطاع الخاص للدخول في الإنتاج الزراعي والصناعي بكل تفاصيله ، وتقديم التسهيلات المالية والعقارية والضريبية له كي يكون رديفا ومنافسا للقطاع العام وصولا للاحسن والاسلم في اختيار المنتوج.
خامسا…..الضبط الجدي للحدود والمنافذ الجمركية بما يؤمن عدم دخول السلع المنافسة وفقا لحماية تجارية مشددة في هذه المرحلة.
سادسا….أي إجراء تراه الدولة مناسبا للنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد وتحويله من اقتصاد الرواتب والأجور إلى اقتصاد انتاج الخيرات طبقا لنظرية العمل أساس القيمة ، والان لا تعرف قيمة البلدان إلا بمنتجاتها ، كما كانت علامة (made in england) لتكن سياستنا غدا علامة (made in lraq) وهذا أمر يسير . مادامت الأموال متوفرة والخطط علمية معبرة ، واغلب الخامات متوفرة.
ب….المرحلة التالية.
بغد إلغاء مزاد العملة يتم اتخاذ الإجراءات التالية .
اولا….تصفير العملة والأخذ بمبدأ الدينار الواحد واجزاء هذا الدينار من العملة المعدنية أسوة بجميع دول العالم .
ثانيا….جعل سعر الدينار الواحد دولارا واحدا .
ثالثا….يتم استبدال العملة القديمة ، عن طريق شراء كل 1،250دينار قديم بدينار واحد جديد . ستكون هذه المعادلة قد زادت من قدرة المواطن الشرائية ما يعادل 250 دينارا قديما ، وتعمل هذه المعادلة على تقليل المتداول من العملة في السوق بنسبة الخمس ، ويصبح التداول بالمليارات ، لا بالتريليونات . وتقل الكتلة النقدية في التداول اليومي .
رابعا ….أن الأخذ بمعادلة الدينار بالدولار سيجنب البلاد معضلة عدم استقرار العملة الوطنية ، ويمنع حالة الركض اللاهث وراء الدولار ، ويعمل على منع التهريب من جهة ويرفع من قيمة العملة الوطنية من جهة أخرى ،
خامسا…..أن للعراق القدرة في تحقيق هذا المقترح من خلال الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي ، ومن خلال الإيرادات الجارية لمبيعات النفط وخاصة في الفترة القليلة القادمة وفقا لتوقعات البنك الدولي بشأن زيادة الطلب وارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
سادسا….يمكن المباشرة بتطبيق مقترح تصفير العملة اعتبارا من عام 2027 ، بعد أن يكون البنك المركزي قد أنجز طبع العملة الورقية الجديدة وملحقاتها العملة المعدنية .
أن مغادرة العراق حالة الاقتصاد الريعي المعطلة للطاقات إلى حالة الاقتصاد الإنتاجي ، وبالذات الاقتصاد الصناعي والزراعي ، وأن هذه المغادرة ستكون قد وضعت البلاد على سكة العمل المنتج الذي تكثر فيه الخيرات وتتراجع عنده مشكلات الفقر والبطالة وتعطيل الطاقات. وتبعد العراق عن البنك الدولي وكل تلك التوقعات…..