في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا حصاناً خشبياً ضخماً، ملأوا داخله بالمقاتلين، ثم تركوه عند باب المدينة.. وفي الصباح تطلّع أهالي طروادة إلى الحصان فقالوا لأنفسهم، إن الالهة رضيت عنا أخيراً، فأرسلت لنا هذه الهدية , كما أتذكر الإلياذة في أكثر من مرة ، وفي كل مرة أعيد أجد نفسي إزاء حكاية أخرى للجهل الذي يحيط بنا جميعاً، ولعل الدرس الذي أراد أن يقدمه لنا هوميروس هو : من السهل أن تقع في الفخ ولكن من الصعب أن تخرج منه ..ويعلمنا أن أكثر الرذائل المستعصية على التقويم هي من قبيل جهل الذي يتوهم بأنه يعرف كل شيء، ومن ثم يدعي لنفسه الحق في خداع الآخرين , ويخبرنا المؤرخ إدورد غيبسون بأن الإمبراطوريات تسقط عندما يستبيح المسؤول لنفسه عمل كل شيء باسم القانون، وأيضاً عندما يستبيح لنفسه خداع الناس تحت شعارات براقة .. تسقط الدول حين يفتح المسؤول والسياسي أبواب التنكيل والتهميش والإقصاء ، ويغلق نوافذ التسامح والمحبة والعفو، وتعمر البلدان حين يؤمن مسؤوليها بأن الحرية حق، والأمان حق، وحب الحياة حق, وفي روايته “الخراب” التي صدرت ترجمتها العربية قبل أعوام يروي لنا الكاتب رونان بنيت، حكاية المدينة التي يصمم قادتها على تقسيمها إلى نصفين .. وعليك أن تقرر أنت مع من تقف ، لا مكان لاثنين متفقين على رأي، لابد من الاختلاف كي يعيش القادة بأمان .. لابد من أن ينشط الناس في مراقبة بعضهم البعض في الطرقات والحدائق وأماكن العمل .. أي كلمة لاترضي الكبار تثير حفيظة الناس ضد قائلها وتستدعي ملاحقة صاحبها والتحقيق معه .. الكل أعداء لأنهم ليسوا من طائفتي ، والكل متآمرون لأنهم يريدون لي الاستمرار في الجلوس على أنفاس البلدة.. الجميع أعداء ومتآمرون ولا يسمح لك بمغادرة أرض الخوف، مواطن خائف ومذعور أفضل عندهم من أولئك المغامرين بجرأتهم والمبادرين بانفتاحهم، الخائفون يسهل اقتيادهم وتدجينهم، يسهل غمر عقولهم بسيناريوهات المؤامرات التي لا يظهر لها دليل ولا برهان، يسهل إقناعهم بالخطر الذي يتهدد الناس حتى في بيوتهم .
أيها السادة يامن عدتم من جديد إلى قاعة البرلمان العراقي ، عليكم أن تقرأوا الإلياذة العراقية جيداً وإياكم الظن من أن الديموقراطية تعني الزهو والانتصار لمجرد حصول البعض منكم على الأكثرية. لأن الديمقراطية الحقيقة وليست الديمقراطية العراقية هدفها الاول أن يكون كل سياسي ضامناً لمصالح جميع الناس، وليس لمصالح حزبه او طائفته فقط
قرأنا كثيرا ان الاطار يعتزم حسم منصب رئيس مجلس النواب خلال الأيام المقبلة، فيما يشير الى أن أي مرشح يتم الاتفاق عليه من قبل القوى السنية سيتم تمريره من قبلهم, وقالوا ايضا ان قادة الإطار يلوحون بـ”الأغلبية التعددية” لحسم منصب رئيس البرلمان, وان الإطار» يئس من خلافات السُنة وسيدعو لجلسة اختيار رئيس البرلمان «دون اتفاق»,, وتجري حرب انشقاقات بلا توقف، داخل المنظومة السياسية السُنية,
ومنذ أن انشق خميس الخنجر (رئيس تحالف السيادة) عن حليفه الحلبوسي في آذار الماضي، تكون فريقين كبيرين بشأن قضية رئيس البرلمان، أحدهم يدعم سالم العيساوي، والآخر محمود المشهداني.لكن تطورا حدث مؤخرا ، بحسب المصادر السُنية، في أن الخنجر وزياد الجنابي (رئيس كتلة مبادرة)، وهو آخر المنشقين عن الحلبوسي، اختلفوا مع الفريق المعارض لزعيم تحالف تقدم ,الفريق المعارض يتكون من مجموعة مثنى السامرائي (رئيس تحالف عزم)، واحمد الجبوري (ابو مازن)، وآخرين.وبحسب المصادر السُنية، فأن النائب سالم العيساوي، الذي يفترض أنه مرشح الفريق المعارض للحلبوسي، لرئاسة البرلمان، لم تعد حظوظه بالحصول على المنصب كما كانت قبل أسابيع.
وكان الخنجر قد عرض مبادرة مطلع تموز الحالي، لحل ازمة رئيس البرلمان، تضمنت اعطاء مناصب إضافية إلى الحلبوسي لكنه يرفض تلك الحلول، ويصر على تعديل النظام الداخلي للبرلمان لإضافة مرشحين آخرين للمنصب، وهو مايرفضه الفريق الشيعي ، لم «ييأس زعيم الحزب الديمقراطي من الحلول» حيث يتهم مسعود البرازاني «الإطار» بانه وراء الإطاحة بالحلبوسي من البداية لحسابات انتخابية مع بعض الشركاء السُنة، حيث ابعد رئيس البرلمان قبل الانتخابات المحلية الأخيرة بوقت قصير.كما يُتهم التحالف الشيعي، بأنه لايرى ضرورة الاستعجال بحسم اختيار رئيس البرلمان، ما دام محسن المندلاوي، القيادي في الإطار التنسيقي، يدير المجلس بالوكالة منذ ذلك الوقت.
وتمكن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني من لم شمل القوى السنية لاول مرة منذ عامين، فيما رفض الحلبوسي “مناصب اضافية” مقابل التخلي عن منصب رئيس البرلمان. وعقد بارزاني اثناء زيارته الاخيرة الى بغداد، اكثر من لقاء مع الاحزاب السنية الرئيسية، واستمع الى كل وجهات النظر، بحسب مصدر حضر تلك اللقاءات، اعلن مقربون من زعيم الحزب الديمقراطي عن نية الاخير توحيد الموقف السُني من قضية رئيس البرلمان.
رسائل بارزاني “اصلاحيه وبنفس الوقت خطيره جدا لانها تحذر من بقاء التناحر والانقسام والفساد مالي وعدم والتدخلات الاقليمية”، مشيرا الى ان زعيم الحزب الديمقراطي تعمد زيارة كل شخصية سياسية بشكل منفرد “ومنح كل شخص رسالة خاصه به , وتم منح القيادات السنية مهلة زمنية محددة لإنهاء الصراع على المناصب وهذا الامر متروك لهم هل يستطيعون انهاء الخلافات خلال هذه الفترة خصوصا وان هناك مخاطر تحيط بالعراق
منذ أن تم استبعاد محمد الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب العراقي , وإذا ما كان منصب رئاسة المجلس من نصيب المكون السني حسب العرف المعمول به في سياق نظام المحاصصة فإن حسم ذلك الأمر لم يُترك للكتل والأحزاب التي تحتكر تمثيل المكون، فهي لا تمتلك القدرة على الدفاع عن حقها في ما يُسمي بـ”الاستحقاق الدستوري , كل المرشحين الذين تقدمت بهم الكتل والأحزاب “السنية” لنيل المنصب لم يوافق عليها ممثلو تحالف الإطار التنسيقي وهو الكتلة الأكثر ثقلا في البرلمان. وبالرغم من أن رئاسة مجلس النواب لا تقدم ولا تؤخر في مسألة إقرار القوانين التي تفرضها الكتلة الأكبر ,بل هناك مَن ينظر بحساسية مبالغ فيها إلى نوع الشخص الذي يحتل ذلك المنصب وتوجهاته التي يجب أن تكون متطابقة بشكل كليّ مع السياسات التي يفرضها التحالف “الاطاري” والمعروف بنزعته الطائفية التي أغرقت العراق بالعديد من الكوارث والمآسي،
والعراقيون يعرفون برلمان العراق، كما حكومته، يعمل في ظل هيمنة تحالف هو عبارة عن مجموعة الأحزاب والميليشيات الموالية لاطراف خارجية, وهو ما يعني أن السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية خاضعة بشكل أو بآخر لقرارات اقليمية ودولية , حقيقة مرة وهنا تغيب السيادة العراقية تماما