-1-
الصراع بين الانسان والشيطان لاتهدأ له فورة …
انه صراع عنيف …
والشيطان يدفعه باتجاه ان ينال ما يُريد بعيداً عن الضوابط الشرعية والاخلاقية ، بينما يدعوه (الدين) الى التمسك بأهداب الأحكام ، والتمييز بين الحلال والحرام .
يصّور الشاعر هذه المعركة الضارية بين (القلب) و(العقل) فيقول :
مابَيْنَ قلبي وعقلي تَدُورُ أقسى المعاركْ
ولو تغلّب قلبي لكُنتُ أهونَ هالِكْ
-2-
ان الاستجابة لنداء الشيطان، تجعل القلب مُظلما، واذا ما استحال الى كتلةٍ سوداء ، هان على صاحبه ارتكاب الفظائع ….
ومن هنا ترى الغاوين المغرورين، لايُبالون بأية قيمة انسانية او أخلاقية أو دينية، ولن يوقفهم شيء عن اللهاث وراء مبتغياتهم وشهواتهم .
-3-
ولما كانت الموعظة بالقصة ، وسيلةً من الوسائل التربوية الفاعلة ، في تهذيب السلوك الانساني ، وخلق الحوافز والدوافع للاستقامة والسلامة من براثن الأفعال المشينة …. نورد هنا القصة التالية التي أوردتها بعض الكتب الأخلاقية :
حكي : ان شاباً أيام الرسول (ص) كان من المفتونين بحب الدنيا ، وممن يعمد الى اقتراف المنكر دون وازع أو رادع ، ولكنه بالرغم من ذلك السلوك المضطرب – لايحرم نفسه من الاستماع الى مواعظ الرسول (ص) ….
وذات يوم :
سمع الرسول (ص) يقول لأصحابه في موعظته :
{ من امتنع عن أكل لقمة من حرام آتاه الله اياها من حلال }
لقد نفذت هذه الموعظة الى أعماقه وهزّته هزا .
وقد تمنى ان يوفق للعمل بمقتضاها .
وفي ليلة من الليالي مَرَّ بدارٍ لم يكن من الصعب عليه اقتحامها فحدّثته بنفسه الأمارة بالسؤ ان يقتحمها ، ويسرق مافيها وهذا كان ….
اقتحم الدار فوجد فتاة جميلة نائمة في احدى حجراتها ، ولم يكن ثمة أحد سواها …
وكان في الدار من الأثاث والأموال ما يُرغب السرّاق بِنَهْبِهِ والاستحواذ عليه …
كما كان هناك طبق من الطعام الشهيّ …
وهنا وقف الشاب حائراً ماذا يصنع ؟
هل يبدأ بقضاء وَطَرِهِ مع الفتاة الجميلة ؟
أم يبادر الى أكل الطعام وهو جائع ؟
لقد رنّت في أذنيْهِ كلمةُ الرسول (ص) التي سمعها منه :
{ من امتنع عن أكل لقمة من حرام آتاه الله اياها من حلال }
فحكّم عقله ، واستطاع ان ينتصر على هواه ، وسارع الى مغادرة الدار ، دون ان يأخذ منها شيئاً، وحين خرج سمع صوت المؤذن وهو يدّوي في الفضاء :
الله أكبر
الله أكبر
فانطلق مسرعاً الى مسجد رسول الله (ص) ليصلي معه صلاة الفجر
وبعد الصلاة أقبل الرسول (ص) على المصلين يعظهم ويتلو عليهم آياتٍ من القرآن الكريم .
وهنا دنت منه (امرأة) وأسرّت اليه بكلام ، فما كان منه الاّ ان يتصفح وجوه الحاضرين ، وحين وقع نظرُه على هذا الشاب ، دعاه اليه وقال له :
أراغب أنتَ في الزواج ؟
قال :
نعم يارسول الله ، ولكن لا أملك مالاً أتزوج به ، فقال (ص) :
هذه امرأة تخبر عن نفسها ، أنها ذات مالٍ وجمال ، وهي راغبة في الزواج، وأنا اخترتك لها ، فهل أنت راضٍ بها ؟
قال :
نعم يارسول الله فِداكَ أبي وامي ، فقال لها (ص) :
هل أنت راضية به ؟
قالت :
نعم يارسول الله
فأجرى الرسول (ص) العقد الشرعي ، وبارك لهما، واخذت المرأة زوجها الى بيتها ،
ولما وصل الشاب الى بيتها تبيّن أنه البيتُ الذي اقتحمه وأراد سرقَتَه، وان المرأة التي تزوجها هي الفتاة التي كانت نائمة فيه .
ووجد طبق الطعام على حاله ، فشكر الله وقال :
صدق رسول الله (ص) حينما قال :
{ من امتنع عن أكل لقمة من حرام آتاه الله إياها من الحلال }
وليس ذلك بعجيب .
ألم يقل الله – عزّ اسمُه – في محكم كتابه العزيز :
{ ومَنْ يتقِ الله يجعلْ له مخرجا ويَرزُقْهُ من حيثُ لايحتسب }
نعم ان الله مع المتقين ، ينصرهم ويسددهم ، ويفتح لهم أبواب الرزق ويغدق عليهم البركات ، ولكن أين هم المتقون ؟
[email protected]
www.almnbeir.com