مهنة المحاماة من المهن المهمَّة جدًا في حياتنا المعاصرة نسبةً لتشعُّب واختلاف الظروف المحيطة بنا، وبما أن من يمارسها بشر وأناس عاديون تكون فرضية تعرضها للاستغلال السيئ واردة بل موجودة ومعيشة، ففي الآونة الأخيرة ظهرت الكثير من الإفرازات من محامين مزورين وراشين وفاسدين ومستغلين لمواقعهم ومتنصلين عن زملائهم عند تعرضهم لأي ظلم او مكروه، وهذا أيضًا لا ينفي وجود الكثير منهم يتعاملون بأخلاق وشرف المهنة، كما يوجد أيضًا محامون في قمة الطموح وحققوا الكثير من الشهرة وإثبات مهارات وإجادة كبيرة لهذه المهنة الطموح حق مكفول للجميع ولكن!
واؤكد ان مقالتي هذه غير موجهة لهم وكلي احترام لكل محامي وطني مهني. وأني في هذه المقالة، لن أرتدي أمامكم القفّازات (يعني الكفوف)، ولن أرتديَ ثوبَ الواعظ، بل ثوبي الحقيقي، روب المحاماة لأقولْ:
لا توجد مهنةٌ دونَ أدب، بل يوجدُ مهنيونَ دونَ أخلاق.
لا مهنةْ على الارض، مجرَدَةٌ من الأخْلاقياتْ، خاليةٌ من الادبياتْ، فكيف إذا كانت مهنةً رسوليةً كالمحاماة، أمُّ المهنِ الحرة.
ثلاثةْ تحكُم مهنةَ المحاماة: الحقيقةْ، والحريةْ والكتابةْ.وثلاثةْ نلتزمُ بها:
((الالتزامُ بالأشف، وهذه هي الشفافية)) ((والالتزامُ بالأدق، وهذه هي الدقة)) ((والالتزامُ بالأحق، وهذا هو الحق))
والمحاماةُ سجلٌ عدلي، فهي ليست مكاناً للراحة، أو مستودعاً للمنفيين، ومهنتُنا ليستْ مادةً للتسويقِ أو للدعايةِ والاعلانْ، فالمحاماة ليست محلاً يَجْذُبُكَ اليه بإعلاناته وتنزيلاتِه، وليستْ واجهةً أو VITRINE تَعْرِضُ حُليَّها ومجوهراتِها، فجوهرُ المحاماةِ رصانتُها ورقيُها، علوُها وسموُها، وهذا ما عبرّتْ عنه نصوص قانون المحاماة العراقي النافذ بمنعِهِا المحامي من السعيِ لاكتسابِ الزبائنْ بوسائلِ الدعاية، أو باستخدامِ الوسطاءِ أو السماسرة، او استخدام الوسائل غير المشروعة لشهرته ولأجل كسب دعوى.
والمحاماةُ خطابٌ راقٍ، والتزامُ جانبِ الاعتدالْ في مخاطبةِ الزملاءِ والمحكمة، وحقُ الدفاعِ المكرّسِ في الدستور و قانونِ المحاماة النافذ.
مهنةُ المحاماةِ مهنةٌ كريمة، وينص قانون المحاماة النافذ على المدافعةِ عن اشخاصٍ مجاناً، وهذه ميزةٌ خاصة بنقابةِ المحامين، فالمتقاضي المُعْوَز ضيفٌ كريمْ يَحُلُّ على نقابةِ المحامين التي عليها حسنُ ضيافتِه وتكريمِه واعانتِه دون مقابل، وفي تجوالٍ على قواعد السلوك المهني لعام 1987 نجدها نظامِ متكامل لآداب مهنةِ المحاماةِ ومناقبِ المحامين ومكمِّل لقانونِ المحاماة منظم عمل المهنة، وهذا النظامَ ركز وعالجَ علاقةَ المحامي مع زملائه وبدقة وعلى أساسِ المناصرة والصدقِ والثقةِ والاحترام، ورسم اطر صارمة لعلاقةَ المحامي مع المحامي الزميلْ على أساسِ أدبِ المخاطبة كتابةً أو شفاهةً، وحظّرَ الذمَّ والتجريحْ. فالمحامون أمامَ القوس، متنافسون لا متخاصمون، منحازون كلٌّ لموكلِه، ثائرون دفاعاً عن وكالتِهم، لكنّهم في النهاية مسافرون في مركبٍ واحدْ هو مركبُ القانون، ومتجهون الى مرفأٍ واحد هو مرفأُ العدالةِ والحق والاخوة.
في مخالفة الواجب المهني
ان الحفاظَ على سمعةِ المهنة وكرامتِها واجبٌ مقدس لدى المحامي، وأيُّ تهاونٍ يعرّضُهُ للمساءلةِ التأديبية والقضائية.
واثناء عملي في المحكمة المركزية لأكثر من ست سنوات كرئيس غرفة في المحكمة الجنائية المركزية كانت تجربة مليئة بالسلبيات والممارسات التي كانت تصدر من كثير من المحامين والمحاميات وبطريقة اساءت لمهنة المحاماة وجعلتها في نظر الناس مهنة الاحتيال والنصب؛ وهذا يعد كارثة ادت الى الأضرار بقطاع واسع من المحامين المهنيين الذين يعملون وفق نصوص قانون المحاماة والذين عكسوا صورة ناصعة لمهنة المحاماة، ومن الصور التي كانت تمارس وخاصة من المحاميات هو الرشوة وبطرق شيطانية لم يسطر التاريخ مثلها وهناك طرق غير اخلاقية لا اريد الخوض فيها لكنها كانت علامة دالة لبعض المحاميات، وهناك طرق هابطة، هي استعمالِ المحامي زبائنَه المسجونين لكسب زبائنَ آخرين في السجن مقابلَ وعدٍ بخفضِ الاتعابِ لمن يقومُ منهم بهذا المسعى، اضافة الى استخدام بعض المحققين والضباط لأجل الفوز بالتوكل عن ذلك المعتقل ومن خلال عزائم وصفقات مريبة تتم اكثرها في المكاتب والاماكن العامة ويصرف فيها من مال المعتقلين، لأجل كسب الدعوى والمؤسف ان بعض المحاميات يمارسن هذا الدور وبطريقة مخزية، مخزية لها كامرأة ومحامية ومخزية لها كزوجة، لكن صوت الدولار عالي وفوق المحددات والقيود الاخلاقية والاجتماعية، ومنهم من ولج العمل السياسي وعندما قرات ما مكتوب من شعارات وجدت ان هذه الشعارات لأجل كسب الاصوات بعيدا عن السجل المهني المليء بالكذب والنصب والاحتيال والضحك على الذقون؛ واني اسال اذا كان المحامي والمحامية غير امين على حقوق موكله كيف له ان يرشح لمجلس النواب ويدعي انه الاصلح ويطلب انتخابه، ان الامانة واحدة ان كانت على حقوق المعتقل او حقوق الشعب، بل وجدت ان كثير من المحامين والمحاميات المرشحين من كانوا سباقين بالتنصل عن رئيس غرفتهم عندما تعرض الى اتهامات باطلة معروفة للجميع، بل وجدتهم من اكثر المحامين ايغالا بالإيذاء لي وبطريقة رخيصة، فالسؤال الذي يرد:
كيف لهؤلاء المحامين والمحاميات ان يكونوا شجعان بالمطالبة بالحقوق والحريات وهم اول من تنصل عن رئيس غرفتهم، ان الموقف واحد لكن الشجاعة مختلفة وتحتاج الى اناس شرفاء؛ والشجاعة والتصدي للسلبيات واحدة وليس لها مكان او معطيات، لكن هناك اختيارات تتم وفق تحقق المصالح؛ فهل هؤلاء سيكونون امناء على المثل والقيم الوطنية، ان تلك الاعمال؛ اولا تشكلُ إخلالاً بواجباتِ المهنةِ العامة وثانيا تحُطُّ من كرامتِه وكرامةِ المهنة.
ان مهنةَ المحاماةِ في العراق لا تزالُ دونَ الاعتبارِ المطلوبْ لجهةِ دورِها وأهميتِها، لا ربطَ ولا ارتباطَ بين المحاماةِ والسياسة، فالمحاماةُ لم تكنْ يوماً ولن تكونَ تحتَ وصايةِ السياسة وأهلِها، بل ان بَيتَ المحامي هو صرحٌ للقضايا الوطنية، تتكسرُ عند أبوابِه الحساباتُ السياسية.
ان كثير من محامي المحكمة المركزية يضع امام عينيه هدف واحد؛ ان يحصل على أتعاب عالية من خلال اتفاقات غامضة وايجاد تفرعات في الدعوى كاذبة والمبالغة بإيجاد الصعوبات والمعوقات وهي غير حقيقية اضافة الى وضع اطر لدفع الرشوة ما انزل الله بها من سلطان كلها لأجل المتاجرة ببؤس المعتقلين والحصول على مبلغ عالي من الاتعاب، ونسي ان تحديدَ بدلِ الاتعاب للمحامي مسألةٌ يتقاسمُها الضميرُ أولاً، والقانونُ ثانياً، فبدلُ الأتعابِ حقٌ للمحامي، ويُحَّددُ باتفاقٍ بين المحامي وموكلِه. وبغيابِ اتفاقيةِ الأتعاب، تخضعُ المعاييرُ القانونية للفصلِ في النزاعْ لقاعدةِ النسبية، استناداً الى أهميةِ القضية، والوقتِ الذي استغرقته، والجهودِ التي قام بها المحامي، وحالةِ الموكل المادية، وقد شاهدت اتفاقات تخص الاتعاب مليئة بالكذب والنفاق وهدفها الضحك على المعتقلين وذويهم وهناك اتفاقات مؤلمة والمها عندما يكون المحامي بطلها وبطريقة تضعه تحت عنوان (محتال دولي).
نحن المحامين نعيشُ في بيت واحد، ونقرأ في كتاب واحد، نتجاورُ ونتحاورُ كلَّ لحظة، وبالتالي تحكُمنا آدابُ التواصلِ والتعاملِ والتفاعلْ، لكني وجدت في تصرفات وممارسات محامي المحكمة الجنائية المركزية تستدعي التوقف عندها وبطريقة تحتاج الى موازنات كبيرة لان هناك محامين كنت اعتبرهم مهنيين لكني وجدتهم من اوائل المتنصلين والمنافقين، ومنهم من كانت لي معهم مواقف متصدية لانتهاكات وقعت عليهم وهم كثر، ومنهم من صدرت بحقهم اوامر قبض لأسباب عديدة منها، ادعائهم اعطاء رشوة لضباط، واتذكر منها احد المحامين الذين اليوم اصبحوا من اصحاب المواقف المخزية، حيث صدر بحقه امر قبض وكنت يومها خارج المحكمة واتصل بي لغرض الحضور لأنه خارج المحكمة ولا يستطيع الدخول خوفا من القاء القبض عليه وتركت عملي وتوجهت الى المحكمة وراجعت القاضي المختص الذي قدر مسالة مراجعتي له والغى امر القبض، اجده الان اول الانهزاميين واستوقفتني حالته لأنه كان في بداية الامر يتصل ويتابع لكنه فجأة استرجع ثوبه القديم ويبدوا انه كان يمارس دور الممثل، ومحاميات كنت واقفا بجانبهن وتحملت الضرر الكثير بسببهن وقد صدرت عليهن عدة مذكرات قبض وحاولت ونجحت بإلغاء هذه المذكرات ومنهن من كانت هناك سيديات من القوات الامريكية تدينها ادانة واضحة، وايضا عملت على تفادي هذه المذكرات ومنهن من كنت داعما لهن وعندما اتهمت كانت في الصدارة باتخاذ المواقف المخزية، واللطيفة قد صدرت بحقهن اوامر قبض واغلقت مكاتبهن بسبب اتهامهن بالوشاية على معتقلين ومنهن من صدرت عليهن اوامر قبض بسبب تزويرهن لكتب رسمية وتقارير طبية وايضا عملنا على تفادي هذه المذكرات وغيرها الكثير الكثير وهناك محامين مزورين، قد زورو كتب رسمية ووكالات وغيرها، وهناك محامين من ينسبون لأنفسهم مناصب علمية وهم خريجوا جامعات وهمية ليس لها وجود الا في احدى الدول الغربية، بل ان بعض المحامين نصب نفسه ممثل عن هذه الجامعات وهو يعلم انها جامعات مشكوك فيها، ومنهم من يسرق كتب من كتاب اخرين وينسبها له، حيث وجدت هؤلاء المحامين اول من تنصل عني ولم يتخذ أي موقف لنصرتي ومنهم من تجنس بجنسيات اجنبية وكان يأتي يجلس بجانبي ويهتف بالوطنية والحقوق ويبين لي انه معي قالبا وقلبا، لكن تبين لي بعد اتهامي، انه بطل التنصل وانه اثبت انه هزيل الموقف وهزيل الاخلاق، ولا اريد هنا ان اؤكد اني استهدفت وظلمت من قبل بعض المحامين والمحاميات وبطريقة معروفة للجميع، قضاة ومحامين ومحققين ومعاونين قضائيين واجهزة امنية، ولا اريد الخوض فيه، لجهة هناك مقالة قادمة سأشرح فيها كل شيء، منها ما اتعرض له من هجوم كاسح على ايميلي الالكتروني وصفحتي بالفيس بوك واختتمت اخيرا على خطي على الفايبر.
ارتبطت مهنة المحاماة في أذهان الكثير من الناس بصورة المحامي في الأفلام والمسلسلات العربية فهو الشخص «الفهلوي» الذي يستطيع أن يقلب الحق إلى باطل والباطل إلى حق، ويستطيع أن يكسب القضية لصالح موكلة بجميع الطرق ولو كانت ملتوية بالخداع والمناورة وبعيداً عن الاعتبارات والقيم الدينية والأخلاقية استناداً إلى قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، وهذا الامر ينطبق على كثير من محاميات ومحامي المحكمة الجنائية المركزية، حيث يظهرون للمتهم وذويه انه؛ سوف ينقذ موكله ويخلصه من التهمة المنسوبة إليه كمن يخرج الشعرة من العجين كما يقال وانه سيقدم رشوة كاذبة في اغلبها، أن واجب المحامي يقتضيه أن يسمو بنفسه عن كل إغراء قد يدفعه إلى محاولة الحصول على كسب أكبر عن طريق إطالة أمد النزاع، كما أن هذا الواجب يملي عليه أيضاً أن يبذل كل الجهود الممكنة لإقناع موكله، وأن يكون على قدر المستطاع قاضياً وإن لم يجلس على منصة القضاء وليس المقصود من ذلك اطفاء حماسته إذا كانت قضيته عادلة فإذا لم يستطع الوصول إلى صلح عادل فعليه أن يشنها حرباً عادلة ولتكن عنيفة لا هوادة فيها إن أراد ولكن يجب على كل حال أن تكون بأسلحة نظيفة، لكن الاسلحة النظيفة لا تستخدم من كثير من محامي ومحاميات المحكمة المركزية الا القليل مع الاسف الشديد.
يجب على المحامي احترام زملائه المحامين وإعطاء زملائه السابقين في ممارسة المهنة التقدير والاحترام اللازم وتوقيرهم في كل مكان وزمان وليس فقط في قاعات المحكمة، وهذا ليس له وجود في ممارسات كثير من محاميات ومحامي المحكمة المركزية وبطريقة تكاد تكون مؤلمة.
مهنة المحاماة.. بين طموح الذات وأخلاقيات شرف المهنة
مهنة المحاماة فيها الطموح حق مكفول للجميع نظرًا للوسيلة التي أحدثت ذلك، فهنالك وسائل مشروعة ونظيفة تتماشى مع أخلاقيات مهنة المحاماة تتمثل في الدراسة والتطبيق المثالي أمام المحاكم وعدم الالتفاف حول الثغرات في القانون، ومن حق كل محامٍ أن يكون ناجحًا ومشهورًا وسمعته نظيفة ينصر المظلومين ويحقق العدالة، لكني وجدت ان كثير من محامي ومحاميا المحكمة الجنائية المركزية يمارسون كل الوسائل غير المشروعة لأجل كسب الدعوى وبعدها الحصول على الدولار .
ويدخل في نطاق أمانة المحامي تجاه مهنته وفنه كذلك حسن معاملته مع زملائه المحامين والتخلص في علاقاته معهم من أي كبر أو غرور أو حقد وهذا يتطلب الالتزام بالمبدأ الإسلامي المعروف الذي يحث على أن يوقر الصغير الكبير وأن يرحم الكبير الصغير مهما تعارضت المصالح أو اَختلفت الآراء حيث يجب أن يراعي جميع المحامين أيضاً مبدأ “أن الخلاف في الرأي لا ينبغي أن يفسد للود قضية”. لكني وجدت في ممارسات بعض محامي ومحاميات المحكمة الجنائية المركزية ممارسات تفصح عن طائفية مقيتة وارتباطات مع جماعات مسلحة ارهابية وبعضها يجعل من المحامي المخالف في الراي مشروع للقتل.
فلابد إذن من وضع الأمور في نصابها الصحيح قدر الإمكان ولأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح.
شجاعة المحامي في إبداء الرأي والثقة بالنفس.
من الأهمية بمكان عن وجوب أن يكون شجاعاً وصريحاً، فيقول لصاحب الحق أنت محق وللمظلوم أنت مظلوم ولابد من معونة لرفع الظلم، كما يقول للظالم ما يوضح له ظلمه بالأسلوب الذي يتخيره ويلائم الموقف، ويكون المحامي خائناً لضميره ومغضباً لربه سبحانه وتعالى إذا لم يكن أميناً كل الأمانة في ذلك. وهو ما يقتضي من المحامي أيضاً أن يقف بجوار صاحب الحق والمظلوم بشجاعة فائقة دون أن يخشى إلا الله وحده سبحانه فذلك هو غاية مهنته وذلك هو ما يجب أن يكون قد وعاه واستوعبه عندما ارتضى أن ينتمي إلى هذه المهنة السامية، لكني وجدت ان الشجاعة معدومة لدى كثير من محامي ومحاميات المحكمة المركزية وعنوان عملهم (تحقيق مصالحهم المادية فقط وطز بالأخرين).
صحيح أن المواقف الشجاعة قد تضع المحامي الشجاع في حرج تجاه بعض السلطات أو الغير على النحو الذي قد يتطلب صبراً وجلداً وجرأة أكثر مما يتوفر غالباً للشخص العادي وهنا يترك لكل محام حرية التقدير ليوائم بين الشجاعة والإقدام من ناحية والتريث والإحجام من ناحية أخرى ولتجنب الاندفاع والتهور خصوصاً في القضايا الكبرى وذات الحساسية الخاصة التي تتطلب قدراً من اليقظة في التصرف ومن الدبلوماسية في القول. إن المحامي الشجاع هو الذي ينهض ويسارع إلى نجدة زميله الملهوف دون نسيان هناك حالات حرجة يجد المحامي نفسه فيها في مواجهة شخص ظالم أو مجحف.
فهل يرفض الدفاع عنه أم يقدم له العون بالقدر الازم والضروري وبما يلائم الموقف؟
وإذا كان هناك فرق بين الشجاعة والتهور والاندفاع فهنالك أيضاً فرق بينهما وبين فرط الثقة بالنفس والغرور. فالثقة بالنفس مطلوبة للمحامي لكي يكون شجاعاً مقداماً يبحث عن الحق ويسير في دربه حتى يصل إليه واثقاً من حسن تصرفه ومن سلامة أعماله.
على المحامين أداء واجباته المهنية بحرية ونزاهة وفقاً لمصالح موكليهم في حدود معايير وآداب المهنة؛ ولكنـنا ماذا نقول لبعض ممارسي مهنة المحاماة والطارئين عليها في زمن الاحتلال والجلاء الذين وجدوا في هذه المهنة (ارتزاقا) فلا يحددون اتعابهم بل يشترون ما متنازع عليه بأبخس ثمن دون مراعاة للضمير واخلاقيات المهنة.
والمحامي يدخل بامتحان عسير للتوفيق بين أداء واجبه في المحاماة وبين نجاته من ورطة الموقف وهنا تدخل مشكلة الشجاعة في مواجهة الخصم فقد يكون الخصم متنفذًا في المجتمع أو مشهورًا بالقدرة والكفاءة أو يحتل مكانًا مرموقًا أو حاكمًا اتسم حكمه بالظلم فكل هذه الأمور تعد تحصيل حاصل لظهور فضيلة الشجاعة في الحق لدى المحامي، الشجاعة التي لا تعرف الخوف والمساومة.
اننا ندعو نقابة المحامين وفروعها في المحافظات ان تراقب بكثب وحيادية عمل المحامين ، وتجري لهم تقييما دوريا وسنويا بدلا من تجديد الاشتراك والهوية، وان تحفظ قدسية هذه المهنة الشريفة وان تراقب الطارئين على هذه المهنة حتى لو كانوا من حملة شهادة القانون الاهلية والمسائية، وكفانا (ارتزاقا) للمهنة، وكفانا تلاعبا بمواد القانون بما يحقق المصالح الشخصية وابتزاز الأخرين ،ولنقف طويلا امام قول رسولنا الكريم (إنما أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذا سَرَقَ فيم الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وإذا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عليه الْحَدَّ وأيم اللَّهِ لو أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)
إن شجاعة الرأي ونصرة المحامين المظلومين ينبوع من ينابيع الخير والبركة وعامل من عوامل التفوق والنجاح وعنصر من عناصر القوة. وإن النفس لأمارة بالسوء فعلى المحامي أن يحاسبها الحساب العسير في كل ظرف وزمان ومكان وعليه ألا يطاوعها في التأثر بمال أو جاه أو خوف.
ونختتم مقالتنا بقول للأمام علي (ع) القائل (واللهِ لو أعطيتُ الأقاليم السبع وما تحتَ أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته)