19 ديسمبر، 2024 12:45 م

رواية “الباص” في مكتبة تنمية المعادي

رواية “الباص” في مكتبة تنمية المعادي

كتابات.. القاهرة

أقيمت ندوة رواية الباص في مكتبة تنمية المعادي،بالقاهرة. ناقشها الناقد د.هيثم الحاج علي. أستاذ مساعد الأدب العربي الحديث والنقد بكلية الآداب جامعة حلوان. قدمها الإعلامية سماح عبد العزيز بحضور الروائي والشاعر صالح الغازي. مساء الجمعة ٢٦ يوليو 2024 .

وتحدث د. هيثم الحاج على: تعتبر رواية الباص لصالح الغازي حالة تمثيل مهمة لنمط السارد الزائر الذي يحاول أن يرصد العالم من خارجه دون التورط فيه وذلك لأنه لا يعتبر نفسه جزءا من هذا العالم. وهو الأمر الذي يمكن النظر إليه من خلال مجموعة من السمات التي تحكم شخصية البطل هنا من حيث التقوقع على الذات الذي يظهر من خلال انعزاله اختياريا عن المجتمع من خلال استخدامه لسماعات التليفون شبه الدائم لسماع الموسيقى مثلا، ثم الترقب والتوجس حيث يبدو البطل على مدار الرواية يصنع المساحة الآمنة بينه وبين باقي الشخصيات الذين بدأ في تصنيفهم من حيث إمكانية إيقاع الأذى به وبحيث لم يصنع علاقة إنسانية سوى مع ابن صديقه القديم، الطفل الذي يبادله الشعور بالوحدة والاهتمام بألعاب الوجبات المفرحة.

من هنا سيبدو الاهتمام برصد التفاصيل الصغيرة في حياته والمقارنة الدائمة بين المجتمع الجديد والمجتمعات التي عاش فيها البطل من قبل كلها عناصر تتسق مع عدم وجود حبكة قصصية من النوع التقليدي حيث تشبه الرواية فكرة اليوميات إلى حد بعيد، وهو الأمر الذي يتضافر مع فكرة محاولة عدم الاندماج في المجتمع الجديد، أو التورط فيه، ومعاملة هذا المجتمع بوصفه حالة عابرة في حياته، هي حالة أشبه بما يحدث في الباص من حيث هو وسيلة غير خاصة يستقلها الراكب لبعض الوقت ولا يشعر أبدا بامتلاكه لها، ويتعامل مع الراكبين فيه وغن تكرروا من خلال معرفة عابرة لا يمكن أن تمتد لأكثر من ذلك.

من هنا جاءت تقنيات الرواية ولغتها في صورة محايدة كأنها تتوازى مع تلك الرغبة الشديدة في الرصد الخارجي غير المنحاز لا إلى العالم ولا إلى الشخصيات وهو ما نجحت الرواية في نقل حالته إلى القارئ. .. والجدير بالذكر أن رواية الباص في قائمة أفضل 18 روايةعربية ، ومرشحة ل‎جائزة كتارا للرواية العربية الدورة العاشرة. وتحدث كاتب الرواية صالح الغازي أن التركيز من البداية عن حالة المغترب في دولة خليجية لا يساعده أحد فيحاول التعرف بنفسه على كل شئ ومدة الرواية تقريبا شهر ..هذا الشهر الأول المجهد والمتعب والقاسي.

وكتبت الرواية بلغة بسيطة تناسب الحالة و تطرق أسماع القارئ العادي. وتحدثت القاصة ( د. رحاب ابراهيم )أن الرواية فيها التشبث بالنفس ليستطع ان ير العالم بزاويته.. والرواية تحتوى على رصد مواقف انسانيه عاليه جدا مثلا عند تواصل الغريب مع الاسرة بالفيديو عبر الماسنجر او حادثة جلوريا التي توفي زوجها في حادث في الفلبين واضطرت للعودة وترك العمل والاستغناء عن مصدر الدخل لترعى ابناها الصغيرة ..هناك رصد عير كلمات قليلة لكن يبين حياة كاملة ..وطول الرواية هناك لمسات انسانية.

وتحدث د. ايهاب النجدي أستاذ الادب قائلا “الباص” مغامرة سردية جديدة، وشائقة في الحقيقة، عندما يشرع كاتب مقيم أو وافد إلى بلد خليجي في كتابة رواية، ويكون فضاؤها المكاني هو البلد نفسه الذي يقيم فيه، فإن أسئلة كثيرة تحاصر هذا العمل، وظنون أيضا، لكن أن يتلقاها القراء من المواطنين والمقيمين راضين مرضيين، كما هي الحال مع “الباص”، فهي إذن مغامرة أدبية ناجحة وتستحق التقدير…

المغامرة حاضرة أيضًا بقدر معتبر في الموضوع أو زاوية المعالجة، وفي الأداء السردي، فمن خلال الرواية نكتشف عالمين متقاطعين: العالم الداخلي للمغترب/ الوافد/ المقيم بوصفه نموذجًا متحقّقًا. والعالم الخارجي الذي يحيط بهذا المقيم كما يحيط السوار بالمعصم، مكانًا وبشرًا وتفاعلاً مستمرا بین ثقافات عديدة وجنسيات شتى.

ويضيف د.(النجدي) الوطن حاضر في الرواية، والحنين مستبدٌ به الشخصية الرئيسة، يتوسل إلى ذلك بتقنية الاستدعاء تارة، أو بالقطع المتوازي (المونتاج) تارة أخرى، تحضر المحلة المدينة الصناعية الصغيرة وذكرياتها، وبرج الساعة المعروف وأثره في الناس، أسماء الشوارع المصرية في قلب الكويت: شارع القاهرة، شارع عبد المنعم رياض…

وتناولت الإعلامية سماح عبد العزيز في حديثها ان الشعر مدخلا للشاعر والروائي صالح الغازي ، للتعبير عن الذات والعالم الخارجي ، ، دخل عالم الرواية بخطى ثابته وأصدر روايته ” الباص ” ، واختيار الكاتب إلى الباص ، اختيار له فلسفته ، الباص حيز محدود المكان وأيضا غير ثابت ومتحرك ودائما الروايات التي تحدث داخل حيز كما ” بين السماء والارض ” لنجيب محفوظ ، تتحمل بالرموز، وبتعدد الشخصيات التي يكون الاختلاف سمتها أكثر من الاتفاق، فما بالنا حين يكون الباص يحمل جنسيات من كل دول العالم، أي يحمل لغات مختلفة وسلوكيات وأراء وديانات وملامح أيضا مختلفة.

وتضيف (سماح) رواية ” الباص” توثق يوميات بطل الرواية ” أحمد صابر ” الذي انتقل للعمل في شركة اتصالات في الكويت، وعمل البطل في الاتصالات، استفاد منه الكاتب، في تركيزه في متن الرواية ، على الهواتف في يد رواد الباص، فتحول الهاتف إلى رغبة التواصل مع الخارج والهروب والتخفي من الواقع ، ورمزا للحنين ، واستجلاب الوطن البعيد ، وتأكيدا للغربة، وكشفا لطموح المغترب، وصنع حالة من التعاطف بين غرباء يجمعهم حيز واحد، رغم كل الاختلافات الانسانية بينهم تعاطف الغرباء تمثل في اقتراب البطل من ” نورما الفلبينية “. لكن المشاعر لم تمنعه من التورط في التجسس على الأخرين، هذا التجسس رغم أنه جرم ، لكنه يمكن أن يفهم على أنه نوعا من الهروب من الوحدة، والتغلغل في الآخرين.

وطرح د.(سيد ضيف الله) استاذ الأدب سؤال عن ما المقصود بضرورة تمثيل أدب الغربة وما المقصود أن الانترنت اصبح خرافة؟ وكان رد الغازي أن في الخليج يوجد ملايين المصريين ولهم خصوصية ولم يعكس تجاربهم الأدب. بينما هناك صورة نمطية يتم تداولها باستمرار. أما خرافة الانترنت ترجع ان الملاحم القديمة اعتمدت على صراع الخير والشر والوجود بين البشر والجن والمخلوقات الأخرى بينما العصر الحالي الصراع مع الانترنت كمؤثر في الحياة والعلاقات فالبطل قام بالتجسس على من حوله عبر الانترنت والمغترب يتابع احوال اسرته واصحابه عبر الانترنت.

وتحدث (بلال علام) عن اختلاف المدن في احتوائها للمغترب فمثلا هو شعر بالارتياح في مدن بينما هناك مدن غير مريحة وتحدث عن تجربته في الهجرة. وعبر الروائي صالح الغازي عن إمتنانه للحضور و لمساندة أسرته. وقدم الشكر لمكتبة تنمية والناشر الأستاذ خالد لطفي وفريق العمل وكان من أبرز الحضور النائبة في مجلس النواب المصري سهام مصطفى كمال. المترجمة ايزابيل كمال والمترجم اسامة جاد والمترجمة حنان السيد منير والدكتور سيد ضيف الله استاذ الأدب.والكاتبة هجرة الصاوي. ونخبة من المهتمين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة