وهذا مروراً وابتداءً بعاشوراء وانتهاءً بمن حذا حذوها
-كما هو المعروف والسائد يكتب التأريخ من انتصر بحد السيوف بجيشه الجرار ،ثم سيتلاعب بالشواهد ليحصد القصة بكاملها ويخيَّم على المشهد إعلامياً وسياسياً وثقافياً فقط لانه كان الاقوى عنوة بمن كان الطريدة الخاسرة له!
-لكن المعادلة في كربلاء قد تغيرت كلياً، لان جيش يزيد الجرار قد تهيأ له الانتصار اللحظي في المعركة وقد فرح بذلك واخذته نشوة الانتصار باحلام الابهة والتعالي والتلهف للحصول على الذهب ، فارتكبوا ابشع جريمة في تأريخ الانسانية
*لقد قتلوا الامام الحسين( ع) سبط نبيهم ومن معه من اخوته واصحابه ومثَّلوا بهم وسبوا عياله وحرقوا خيامه ‘ لكن المشيئة كانت فوق التصور الذي خُطط له وهو محو ذكرى ال بيت رسول الله( ص) من الوجود بعد سلب حقهم الشرعي الالهي بالحكم ،فهذه التضحية وهذا الايثار اللذين قُدما في طف كربلاء لم يستطع ان يغطي عليهما اعلام يزيد وجيشه الهائل ذا العدة والعدد
– فمجرد ان وقعت الواقعة وانتهت اغرورقت السماءُ بالدم ،تغير كل شيء قد انتصر الدمُ على السيف،بدءاً من التيه والعقاب ما نالهما جيش يزيد الى الاعلام الهاشمي الذي قلبَ المحور متمثلاً بالسيدة زينب (ع) والامام زين العابدين (ع) في محضر يزيد وتلك الكلمة المأثورة من خطبة السيدة زينب ع ( فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا) وفي كلِ آنٍ وزمان معلنةً عن انتصار دعوى اصلاح القيم والفكر والاخلاق وبث روح الانسانية والتراحم في الامة على الظلم والجهل والخضوع والفساد …
وبهذا تركت لنا معركة الطف ومنذ اكثر من ١٣٨٥ سنة رسائل عظيمة جمة من قادتها العظماء تحثنا السير على خطاها ابد الدهر مستلهمين من عظمتها الاستمرار ببث خطى عجلة الحياة الى ماهو افضل لانها لم تكن ثورة زمانٍ واحد بل تعددت الازمان في ذكراها ….
-ففي وقتنا الحاضر نحتاج وبشدة لربط اواصر الحياة المعاصرة بمخرجات هذه الثورة فهي من تعيدنا بإحيائها كل عامٍ الى جادة الصواب ،بعد ان تأخذنا الدنيا برياحها المتلاطمة واشرعتها المتكسرة وطرقها الملتوية الى الضياع!
اذ نعاني كثيراً اليوم من ركن القيم الاساسية على رفوف متربة لايلتفت اليها الا قبيل الصدفة ، فمثلاً لو اردنا ان نتطرق الى الجوانب الاخلاقية في المجتمع من ادناها الى اعلاها سنشاهد ردمها بعرض الحائط والاشارة اليها ستعتبر من المثالية الخارقة لقوانين الطبيعة !
لذا ونحن في رحاب هذا الشهر الحرام الذي انتهك حرمته اراذل القوم،نعيش ذكراه ترتد الى مسامعنا نداءات الطف ماترك الامام الحسين (ع) خلفه في هذه المعركة من قيم رصينة اجتماعية وسياسية وانسانية وتربوية بحت ،تدعونا للتفكر والنظر والتأمل ملياً واخذ كل جانب وربطه بجوانب حياتنا التي تفتقر كثيراً للالتزام بها ، اذ تُستذكر تعاليمها في هذه الايام ثم ينسى عند انتهائها كثيراً منها!! والغاية هي التمسك بها في وقتٍ وحين ….
-لكن على خلاف ذلك اعتاد كثير من المجتمع على رؤية المحذورات والاخطاء المنافية للاخلاق والدين بانها لاشيء يذكر وان الاغلب الاعم يسير وفق هذا النحو ، والمعترض يُرى بانه يدَّعي المثالية متناسين ان ديمومة المجتمعات برقي اخلاقها والمحافظة عليها لاالحياد عنها !.
وعليه فان من مبادئ التمسك بثورة الامام الحسين( ع) والوقوف على اثارها والمضي قدماً على لب النهج القويم لهذه الثورة بمعنى (الاصلاح )واول البدأ بذلك هو تهذيب النفس واصلاح الذات، حتى يتسنى لنا الولوج في المجتمع بفكر واعٍ يسعى لاصلاحه لا لإلقاء الملامة والتأفف والاتكالية والسير وفق اسلوب القطيع بلا تمييز …