هل ستكون الوحدة الشيعية قبل الوحدة العربية؟
بعد ان تغافلت المؤسسة الرسمية في العراق على مدى السنتين الماضيتين عن مشاركة مليشيات عراقية في الحرب الدائرة في سوريا جنبا الى جنب مع النظام السوري ها هو المالكي رئيس وزراء العراق يعترف ضمنيا في لقاء مع البي بي سي العربية بمشاركة العراق في الحرب الدائرة في سوريا حيث صرح ب ( ان الواجب الوطني والديني والإنساني يتحتم علينا محاربة القاعدة داخل سوريا ) . ان تصريح المالكي هذا له مدلولات اعم واشمل من مجرد كونه اعترافا بمشاركة مليشيات عراقية في هذه الحرب فهو يفتح باب الاحتمالات على مصراعيه لتدخل عراقي مباشر في الاحداث السورية قد يصل لحد التدخل العسكري الحقيقي فيها .
ليس مهما في هذا الموضوع كيفية التدخل المباشر ولا عمقه بقدر اهمية ان اي توغل عراقي داخل الحدود السورية حتى وان كان لبضع امتار لمقاتلة المعارضة السورية المسلحة سيفتح الطريق امام نشوء معادلات سياسية وجغرافية جديدة في المنطقة . فمشروع الاتحاد بين سوريا والعراق بدأ يراود الساسة العراقيين منذ نشوب الثورة السورية وبدا اعتصامات المدن السنية في العراق .. وقد طرح هذا المشروع علانية وعلى شاشات الفضائيات السيد احمد الجلبي الذي دعا لاتحاد سنة العراق مع سنة سوريا مقابل اتحاد شيعة العراق مع شيعة سوريا في ترتيب جديد للحدود الدولية الحالية وتغيرها من حدود عمودية الى حدود افقية بين الدولتين . ويبدو ان المالكي يفكر الان في تبني هذه الفكرة ولكن بتوجه سلبي مغاير تماما لما طرحه السيد احمد الجلبي في حينه .
فالمعروف عن المالكي انه ابن الازمات يقتات عليها كما يقتات الطحلب على المراتع الرطبة , وكل ما يعنيه هو التوافق الثنائي الامريكي الايراني على خطوات ترسخ حكمه وتوجه الظروف الى الحالة الطائفية الذي يتبناها في المنطقة , وعلى هذا فان تصريح المالكي الاخير يندرج ضمن النقاط التالية : –
1- دعوة المالكي هذه ترتكز( كما يدعي ) على وجود مجموعات تقاتل جيش الدولتين في حرب عصابات تضعف مقومات القوة لديهما وتشتت الجهد المبذول من قبلهما للتصدي لهذه المجاميع .
2- محاربة المالكي لهذه المجموعات تندرج ضمن رؤيته المذهبية في الدفاع عن الطائفة الشيعية في المنطقة وهو بهذا التصريح يسارع في جر المنطقة لهذا الصراع .
3- دخول الجيش العراقي في معمعة الصراع هذا يوحد ساحة الدولتين لمجابهة المجاميع المسلحة هذه وتوحد جهودهما العسكرية واللوجستية في الوقت الذي تبقى فيه هذه المجاميع بنفس التوجهات والخطط التي تتبناها مما يشكل حالة ايجابية للأنظمة في الدولتين .
4- هذا التدخل يعطي مبررا لجيش المالكي ليس لمحاربة المجاميع المسلحة التي يتهمها بالإرهاب مثل داعش وجبهة النصرة فقط بل ايضا محاربة الجيش الحر السوري الذي يعتبر عماد الثورة السورية الحقيقي .
5- وجود دعم عسكري عراقي مباشر للنظام السوري يعطي دفعا جديدا لبشار الاسد لمقاومة ثورة الشعب السوري ويعطيه المجال لإعادة تنظيم اوراقه سياسيا وعسكريا في المنطقة .
6- فتح الساحة السورية على الساحة العراقية يعطي المبادرة لأنظمة البلدين للتعامل مع تطورات الوضع السوري بما يتلاءم وتوجهاتهما السياسية والمذهبية بشكل اكثر مرونة مما هو عليه الان .
7- ان دخول جيش المالكي المباشر في الازمة السورية يعني ربط انظمة تتبنى توجها طائفيا موحدا مع بعضهما البعض بدءا من ايران مرورا بالعراق وسوريا وصولا الى حزب الله في لبنان مما يجعل التفكير في التصدي لتوجهات هذه الاطراف شيئا اقرب للمستحيل في ظل التشرذم الذي تعيشه الدول ( السنية ) في الطرف الاخر .
8- فتح ساحة الدولتين على بعضهما البعض يعتبر عاملا مساعدا للتصدي لأسوء الاحتمالات , فالمشروع الذي طرحه احمد الجلبي سابقا يمكن تنفيذه بسهولة فيما اذا احس النظامان بأنهما ايلان للسقوط وذلك بإعلان وحدة مستندة على العامل المذهبي بينهما بدلا من العامل القومي الذي ميز اتحاد الدولتين السورية والعراقية في نهايات سبعينات القرن الماضي والذي ال الى الفشل لأسباب خارجية وإقليمية .
ان مشروع ا لمالكي هذا لن يلقى معارضة امريكية حقيقية كونه امتدادا لما يدعيه المالكي حربا اقليمية على ارهاب يهدد مصالح امريكا وحليفتها اسرائيل في المنطقة , إلا ان هذا المشروع سوف يأخذ ابعادا اخرى فيما لو وجد بالمقابل مشروعا اخر تتبناه الدول المؤيدة لثورة الشعب السوري سواء الدول العربية او تركيا , ويبقى السؤال هنا هل ستكون الوحدة ( الشيعية ) بين العراق وسوريا وإيران قبل الوحدة العربية التي كانت تنادي بها الشعوب العربية منذ عقود ؟