18 ديسمبر، 2024 8:41 م

إحتلالٌ عسكريٌ تركيٌ بموافقةِ عراقية..!

إحتلالٌ عسكريٌ تركيٌ بموافقةِ عراقية..!

 مايجري في دهوك وأقضيتها ونواحيها وقراها، من إنتشار عسكري مكثّف للجيش التركي، هو إحتلال وغزو لأراضي العراق بإمتياز، بغض النظر عن ما تقوله الحكومة التركية وتبرّره ،أنه لملاحقة حزب العمال الكرستاني التركي (البككا) والقضاء عليه،لأنه يهدّد الأمن القومي التركي والعراقي معاً،وهوتبريرمنطقي للوهلة الأولى،جاء بموافقة عراقية، وأتفاقية أمنية عراقية –تركية،منذ أكثر من ثلاثين سنة، وما زالت سارية المفعول،ولكن ما هو غير منطقي،أن تصل الدبابات التركية والجيوش ،الى حدود مدينة دهوك وداخل أقضيتها ونواحيها وقراها، وتنصب سيطرات تفتيش،وتقيم قواعد عسكرية على بعد كيلومترات من دهوك ، هو أمر مستغرب ومدان، واجهه إستنكار ورفض عراقي حكومي وشعبي،في بغداد وأربيل، مما حدا ببغداد إرسال مستشار الامن القومي قاسم الاعرجي الى اربيل ، للتباحث ومناقشة الغزوالتركي، والإتفاق على طريقة ،ملواجهة هذا الغزو وتوحيد الكلمة بشأن هذا الغزو، وإيجاد حل سياسي بإخراج الجيش التركي وإعادته الى الحدود، دون اللجوء الى المواجهة العسكرية،ولكن هل توافق أنقرة على إسحاب جيشها الى الحدود الدولية ،بين العراق وتركيا،دون ضمانات والتزام عراقي،إيقاف تهديدات وعمليات حزب البككا للاراضي التركية، إنطلاقاً من الأراضي العراقية،الذي تصنّفه حزب البككا حكومة بغداد بأنه(غير مرغوب به) ، ولاتصنفه (إرهابياً) كما تصنفه واشنطن واوروبا وتركيا ،لا بل هناك جهات في الحكومة العراقية ، تدعمه وتموّله ومتحالفة معه،ومنها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني،وله مقرات في السليمانية وغيرها،وله حشد شعبي ايزيدي(يبكا)،ينتسب للحشد الشعبي العراقي،وهم من ابناء سنجار، ولكن ولاؤهم كله للبككا، وماجرى في حادثة الأربع نساء العربيات،وإهانة للجيش العراقي في سنجار، يؤكد هذا،وهو الذي منع تطبيق إتفاقية سنجار التي أشرفت عليها الامم المتحدة ووقعتها بغداد واربيل، ومازالت حبراً على ورق،بمعنى أن حزب العمال الكرستاني التركي، مدعوم إيرانياً ،ومن جهات متنفذة مسلحة عراقية، لاتخضع لقرارات حكومة السوداني،ولايستطيع السوداني أن يناقش تواجد البككا وإخراجهم من العراق، لسببين هما، دعم إيران والفصائل وحزب الاتحاد الوطني برئاسة بافل طالباني(حليفهم في الإطار)، والسبب الثاني ،أن حزب العمال البككا قوة عسكرية هائلة ، تتمترس في الجبال والكهوف وأنفاق سنجار، لايمكن للجيش العراقي، مواجهته وإخراجه وطرده خارج الحدود، كما تريد انقرة، لهذا تدخلت أنقرة عسكريا بنفسها بعد أن عجز العراق إيقاف البككا عند حدها، ونزع سلاحها وتحييدها عن مهاجمة الأراضي التركية، وتهديدها الأمن القومي التركي، وهنا مصدر تبرير دخول الجيش التركي للأراضي العراقية،فما العمل وماهي سبل إخراجه من الأراضي العراقية،هل تنجح الطرق الدبلوماسية ،هل تنجح جامعة الدول العربية، والامم المتحدة ومجلس الامن،من إخراج الجيش التركي من العراق،ومن يضمن توقف البككا من القيام بعمليات داخل تركيا،وهل هدف أنقرة في غزو الاراضي العراقية هو القضاء على البككا، أم هناك مشروع تركي، لأعادة مجد الإمبراطورية العثمانية في العراق،بالإستحواذ على الموصل وكركوك ، كما تصرّح دائما، وتثأر لإتفاقية أنقرة – بريطانيا لعام 1926، حينما صوّت أهل الموصل بكلمة (لا)، للبقاء تحت مظلة الدولة العثمانية،والتي تنتهي المعاهدة بعد سنة ،تماماً كما يحصل في توغلها وتوسعها في شمال سوريا ،لنفس الأهداف الجيوسياسية، هذه الاسئلة التي يطرحها الشارع العراقي ويتخوّف منها،وبقراءة سياسية منطقية ، نقول مايجري في دهوك هو غزو لا تبرير له ،سوى ضعف حكومة بغداد، وفشلها في معالجة أسباب ومسببات الغزو التركي وتبريراته وحججه ،وعلى بغداد تفويت الفرصة على البككا وانقرة، بإتخاذ قرارات مصيرية جريئة لإيقاف وإفشال الغزو، وأهدافه العسكرية والسياسية ، مهما كانت،ولاتعطي الفرصة  لتركيا والبككا ،أن تسمح لهما تصفية حساباتهما على أرض العراق، وعليها وعلى الجيش العراقي،(إن كان) جاداً في معالجة الأزمة، أن يواجهها بشجاعة ، بعد نفاذ الحلول السياسية،وتقديم تعهدات مكتوبة ،وباشراف أممي ودولي، بنزع سلاح البككا أو إعلان إلتزامه التام ،بعدم تهديد الأمن القومي التركي ،وعدم القيام بعمليات عسكرية داخل أراضي تركيا، وأن تتعهد بغداد بتحييّد البككا، وغلق مقراتها ومعسكراتها، تماماً كما فعلت أربيل مع المعارضة الإيرانية وأحزابها بيجاك والكوملة وغيرها، حتى تضمن أنقرة حدودها وأمنها على الحدود مع العراق، وهذا حق طبيعي يخضع لقانون الامم المتحدة ،وبغير ذلك على بغداد مواجهة وإخراج الجيش التركي بالقوة العسكرية الى الحدود الدولية،هناك حلّان لاثالث لهما، إما إيقاف اعمال البككا العسكرية ضد تركيا، وإما مواجهة الجيش التركي، أما إبقاء البككا تتوسع بالمحافظات العراقية، بدعم وإسناد وتمويل وتسليح من جهات عراقية وإقليمية، فهذا يكفي لانقرة مبرراً دولياً،أن تلاحق حزب البككا في كل أراضي العراق،تحت غطاء القانون الدولي،ونعتقد أن خطر حزب العمال الكردستاني التركي،هو أخطر على العراق وأمنه ومستقبله من الجيش التركي، إذ ان الجيش التركي يمكن إخراجه، حال (تحييد ) سلاح البككا وغلق مقراته العسكرية  داخل العراق،وتوقف عملياته داخل تركيا وعدم تهديده أمنها القومي،ولكن البككا وهي تلقى دعماً داخلياً ،تشكّل الخطر الأكبر على مستقبل العراق، ومشروعها القومي اقامة دولة انفصالية في العراق وسوريا وايران،وتوغلها في محافظات العراق،وإقامتها قواعد عسكرية وأنفاقاً وكهوفاً دائمية في جبال قنديل وسنجار وسيدي كان والسليمانية وغيرها، وصولاً الى مخمور وأطراف الموصل ، يجعل من طردها من العراق أمراً صعباً جداً، بل مستحيلاً، وضرباً من الخيال، حقيقة حكومة السوداني في مأزق وورطة، أمام حليّن أحلاهما أمرُّ من الآخر،وهي أمام مفترق طرق، والوقت ليس في صالحها أبداً لوجود تغييرات جيوسياسية في الشرق الاوسط بعد حرب غزة وتوسعة الحرب بلبنان والعراق وسوريا واليمن، خاصة وهي طامسة بأزمات مستعصية ،ومشاكل مع أربيل ومع خصوم الإطار الشيعي نفسه، والصراعات والنفوذ بين أمريكا وإيران،ونفوذهما وسطوتهما على الحكومة العراقية،أعتقد أن تداعيات دخول الجيش التركي ،ستطال أراضِ أخرى ،وتتوسع عملياته في دهوك وأطراف الموصل، وربما سيلتف حول سنجار بمعارك مفصلية، ويفرض نفوذه في مناطق الموصل، لاسيما وله قواعد ومريدين وأصدقاء يدعمونه وهم حاضنته،وسيتحول الى معضلة عراقية مستعصية ، لاحلّ لها الاّ بالبتر،في وقت تعاني بغداد من الشلل السياسي، والفساد السياسي، والصراع السياسي والطائفي القاتل،نعم بغداد أوقعت نفسها في حفرة عميقة،لاتخرج منها، بالسماح لحزب العمال البككا وعدم غلق معسكراته ومقراته، التوغل والبقاء في سنجار والسماح له بالسيطرة على سنجار ونواحيها وقراها ، حتى إستمكن وصار من المستحيل على بغداد طرده منها،لهذا نقول أن غزو وإحتلال الجيش التركي، لأراضي العراق في دهوك ،جاء بسبب تواطؤ بغداد مع البككا ،ودعمها له بطريقة مباشرة او غير مباشرة،وعدم حسم موضوعها مع أنقرة ، فجاء الغزو التركي رغما عنها وبموافقتها،الحلُّ فالآن ي بغداد، وليس في أنقرة او أربيل، فلا تنتظرأن يأتيها من واشنطن أو طهران …!!!