19 ديسمبر، 2024 3:34 م

كريستينا ريفيرا”.. مشروعها الروائي اتخذ طابع توثيق تاريخ معاصر ومحايد

كريستينا ريفيرا”.. مشروعها الروائي اتخذ طابع توثيق تاريخ معاصر ومحايد

خاص: إعداد- سماح عادل

تعتبر الكاتبة “كريستينا ريفيرا غارزا” كاتبة هامة في الأدب المكسيكي المعاصر، تُرجمت أعمالها للعديد من اللغات. وفازت بجائزة بوليتزر لعام 2024 عن فئة المذكرات أو السيرة الذاتية، عن كتابها “صيف ليليانا الذي لا يقهر :بحث أخت عن العدالة”، لتعد أول كاتبة مكسيكية تفوز بجائزة بوليتزر للأدب، وفق جامعة كولومبيا.

أشادت لجنة الاختيار برواية “ريفيرا غارزا “باعتبارها عملا واقعياً “يمزج بين المذكرات والصحافة الاستقصائية والسيرة واللمسة الشعرية التي تم دمجها معاً”، وأنه تم اختيار رواية “غارزا” من بين كتابين آخرين وصلا للنهائيات عن فئة المذكرات والسيرة الذاتية، هما “أفضل العقول: قصة الصداقة والجنون ومأساة النوايا الحسنة” ل “جوناثان روزين” و”بلد المكفوفين: في نهاية البصر” ل”أندرو ليلاند.”

رواية “صيف ليليانا الذي لا يقهر” تناولت في حياة امرأة رائعة وشجاعة، تفتقر إلى اللغة اللازمة للاعتراف بالعنف الجنسي وإرهاب الشريك الحميم وإدانتهما ومكافحتهما”. وقد وصفت الكاتبة نفسها في النص، كان الكتاب بمثابة هدية لوجود أختها على الأرض، ولكنه أيضًا تذكير لجميع النساء بأننا “سنطيح بالنظام الأبوي”.

حياتها..

ولدت “ريفيرا غارزا” في ماتاموروس، وعاشت في عدة أماكن في المكسيك ثم انتقلت إلى أمريكا في 1989وحصلت على درجة الدكتوراه في تاريخ أميركا اللاتينية من جامعة هيوستن. وتعمل أستاذة في الدراسات الإسبانية في جامعة هيوستن. وضمت “ريفيرا غارزا” إلى الكلية الوطنية، وهي الجمعية الفخرية للأكاديميين والمثقفين في المكسيك.

غالباً ما تدور أعمال “غارز” حول العنف والصدمات والذاكرة. ولديها اهتمام كذلك بالمناطق الحدودية بين المكسيك وأمريكا، والحدود التي تربط بينهما، ماديا ومعنويا وتستخدم لغة واقعية قريبة من القراء، وتقنيات مبتكرة في سرد القصص.

حصلت رواياتها الست السابقة وثلاث مجموعات من القصص القصيرة وخمسة كتب شعرية وعملان واقعيان على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة روجر كايوا لأدب أميركا اللاتينية في عام 2013 وجائزة آنا سيغيرز في عام . 2005 كما حازت الدكتوراه الفخرية من جامعة هيوستن.

تعتبر صوتاً قوياً ومهماً في الأدب المكسيكي، وستبقي أعمالها لسنوات عديدة خاصة أن العديد منها تدرس في المناهج الجامعية الأميركية والمكسيكية.

العظمة..

في مقالة عنها بعنوان (“العَظْمَة” رواية معاصرة بنسيج متناقض.. المكسيكية كريستينا ريفيرا جارسا تبشر بكتابة روائية جديدة) كتب “محمد الحمامصي”: “في الرواية المعاصرة لم تعد أسس الحكي من زمان ومكان وشخصيات وأحداث ثابتة أو نسقية خبرية، تسعى إلى التأسيس لحكاية ما، بل تغير ذلك إلى النصوص التي تسعى إلى إثارة قضية ما وتساؤل مفتوح ومتجدد، لذا تفتح الرواية المعاصرة أكثر من واجهة لأجل تحفيز التساؤل والبحث والتفكير بدل التلقي السطحي.

تحتل الكاتبة المكسيكية كريستينا ريفيرا مكانة رفيعة في أدب أميركا اللاتينية والولايات المتحدة الأميركية، لتفرّد مشروعها الأدبي والرؤية الرحبة التي تتسم بها نصوصها المصاغة في نسيج يسطع فيه التاريخ والتأريخ والفلسفة والحرفة الأدبية والأسلوبية الرفيعة بين عناصر أخرى، هكذا تصف أستاذ اللغة الإسبانية وآدابها بكلية آداب القاهرة عبير عبد الحافظ الكاتبة المكسيكية في مقدمة ترجمتها لرواية “العَظْمَة.. عُرف إليون”.

وتعتبر أن هذه الرواية جديرة بامتداح كاتبتها، كونها فريدة في تقنية بنائها الفني ورؤيتها الجمالية، حيث تجاوزت ما عرف بتيار الواقعية السحرية إلى خلق تيار جديد يتمتع بالجاذبية في الكتابة والقدرة على التشويق على الرغم من الغموض والالتباس الذي يلف الأحداث والشخصيات، لذا فإن القارئ لا يملك إلا مواصلة القراءة وهي قراءة ممتعة لفك شفرات المراوغة والإمساك بعناصر الرواية”.

النص المستغلق..

وتضيف المقالة: “وتشير المترجمة إلى أن الرؤية الملغزة المتعمدة للكاتبة المكسيكية في الرواية تكسب الخطاب طابعا عابرا للحدود والهوية والجنس، غير أن الحدود هنا رمزية، وهي حدود بين الواقع والخيال، بين الرجل والمرأة بشأن الهوية والجنس والميول، وبناء على هذه السمات، وصف أدب كريستينا ريفيرا كـ”أدب النص المستغلق” وهو ما أجمع عليه عدد غير قليل من النقاد، وعمدت في مشروعها الروائي إلى التلاعب بشخوص العمل، ولم تلتزم بالنمطية في شبكة الشخوص التي انقسمت على النحو التالي: البطل ـ الرواية، المواطن، أمبارو دابيلا: الهوية المزدوجة، الناشط السياسي: الحراك المجتمعي، مدير المستشفى: السلطة، شخوص فرعية العامة.

وترى أنه على الرغم من قلة عدد الأفراد في المشهد الروائي، فإن شبكة العلاقات تتعقد بشكل كبير، نتيجة للتشكيك المستمر في ماهية الأشخاص، وتستعيض عن مثلث الشخوص التقليدي فتجعله كالهرم المقلوب، ليجعل الرجل بين امرأتين هو في الواقع ثلاث سيدات، ذلك أن هوية البطل ملتبسة، كما أن شخصية أمبارو دابيلا تنشطر في شخصيتين، بالمثل، فإن المعلومات التي تصل عن البطل أنه طبيب أربعيني نمطي في بلد الأرجح أنها المكسيك، يحيا حياة نمطية في مستشفى حكومي علاجي للحالات الحرجة، ولا يعرف هل هو رجل أم امرأة، إذ أنه يتعامل بصفته المذكرة في حين أن بعضا ممن حوله يخاطبونه بصفة مؤنثة، وعلى رأسهم الكاتبة الحقيقة “أمبارو دابيلا” حتى أنه يضطر لممارسة الجنس الجماعي مع اثنتين من الممرضات ليتحقق من هويته الجنسية والذاتية”.

وتختم المقالة: “وترى المترجمة أنه من خلال القراءة التفكيكية للرواية يتضح أن المشروع الروائي للكاتبة المكسيكية انطبع بطابع توثيق تاريخ معاصر ومحايد، به مسحة من الذاتية المراوغة تسعى لخلق رؤية جديدة في الشكل والمضمون الروائي في السنوات الأولى للقرن الحادي والعشرين. لقد حاولت الروائية خلق نسيج مناقض لسمات الكتابة النمطية ليست النسوية وحسب، بل فعل الكتابة الروائية بشكل عام في أميركا اللاتينية وغيرها إذا ما أخذ عنصر العولمة في الاعتبار ومرونة عبور النصوص في الوقت الحالي من مكان إلى آخر، واجتهدت حثيثا في أن تقدم رواية مربكة للقارئ تتحداه فيها، نصا مفتوحا لزمرة من التأويلات، ومحاكا بإستراتيجية وتقنية سردية متينة تشف عن هندسة في خلفية البنية المتخيلة لهيكل الرواية وللنظرة الفلسفية للأشياء والأزمنة والأماكن والهوية إن وجدت”.

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة