نقل عن أبي سعيد الخراز أنه قيل: بماذا عرفت ربك؟ قال: بجمعه بين الأضداد، وقرأ قوله: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. فسبحان من جمع الاضداد في العراق لتكون سبيلا للبحث عن الهوية والذات. في العراق لكي تبقى عليك ان تنصت وان تبقي ذهنك صافيا هذا كل شيء كي لاتكون مجنونا وكي تبقى حيا لتحقق السلام داخلك وداخل عقلك المضطرب في زمن القلق وضجيج الهذيان ان عليك ان تتاقلم مع نفسك رغم عجز عن تصعيد وتيرة التكييف في عصر التقلبات المتسارعة للاحداث ورغم كل ما تفعل لكي تكون قريبا تبقى المسافة بينك وبين نفسك وبين وبين الغير بعيدة جدا حتى في الهروب من خلال محاولات التنقل تبقى مشكلة انعدام التوازن والاستقرارؤ ازمتك المستديمة. في العراق انت في العدم ثمة علامات بعيدة تحاول ان تجعلها نجما قطيبا تستدل بها على طريق الا انك تجده في النظام سديما اسود ثقبا يبلعك قبل ان تستيقظ من افيون الامل ومن اجل ان لايطير الدخان تستبدل حلم الانتصار بخوف الخطر المجهول القادم العظيم كي تبقى يقظا قبل ان ياكلك الذئب ان اصابتك الغفوة وتحلم هنا او هناك لافرق لا تدري ما الذي يمكن لك ان تواجهه من جديد وكيف يبدو الوجود اذا عرفت حقيقة الامر كله ومال الاحداث وتحاول ان تفعل المزيد لتعرف ما الذي قد حدث الا انك تكتشف انه لاخيار لك وان لست عاجزا فقط عن اتخاذ القرار بل ان تفعل شيئا اي شيء في سبيل ان تعرف حقيقة الامر كله ومع ذلك تستمر تحاول رغم الفشل لتعيش اسطورة رائد الفضاء السوفياتي يوري ألكسيافيتش غاغارين عندما سافر داخل مركبة كبيرة حاشرا نفسه في مقصورة صغيرة للقيادة ينظر من خلال نافذتها للكوكب الازرق ليرى الكوكب الذي يعيش فيه لاول مرة كالعراقي الذي رغم انه في وطن كبير يحشر نفسه مع 6 اطفال وامراته في غرفة 3مx3م لينظر من خلالهم الى العراق ومثل غاغارين تكون تائه في لحظة استكشاف تبدو انها لن تنتهي لتسمع دقات ساعة غريبة تدق من حولك تبحث عنها لكي تسكتها فلا تجدها تجعلك مضطربا تحاول ايقافها لكن تستمرفي معاناتك وفي تحطيمك وفي دفعك الى الجنون لانه الصوت الوحيد الذي يرفض ان يختفي ومن اجل ان لاتتحطم تقرر انه لاسبيل للنجاة الا ان تعشق هذا الصوت وما ان تغمض عينك عن الحقيقة وتعيش خيالك حتى تجد ان الصوت قد اختفى واختفى معه الحب لكن غاغارين سمع الموسيقى من عدادات كابينة القيادة وطار في الفضاء بسعادة ام انت فلم تبحر لا في فضاء ولا في ماء بل غرقت في بحر احزانك وتستمر تبحث عن عمل تافه تقنع نفسك بان الحال سيتغير واننه لاعيب في العمل رغم احتقار الناس لك وضالة اجرك وتندم لانك لم تكل دراستك ولم تحصل على وظيفة حكومية منذ امد بعيد لكنك من الحكمة ترى انه لابد ان تقرأ وتحاول السفر دون جدوى لتعود بعد مدة من سفرك حين لايكون السفرحلا وتدرك خاتمة المطاف انك كنت تخضغ دوما لاختبار سخيف تسبب في فقدان التحكم في مصيرك وجعلك عبدا لارادة غيرك وتود دوما الذهاب لكن لاتعرف الى اين؟ ولاتعلم ماذا هناك لكنك تود الذهاب ومرة تلو اخرى تكرر اخطائك مرة قررت ان تذهب للتعرف على الاخر الغير الخارج بعد ان خرجت كما في قصة اهل الكهف عند افلاطون كي ترى ما هو خارج الكهف لتعود كي تخبر من ينتظر في الكهف كي تحدثه عن ما رايت حتى تتفاجأ بان من في الكهف يريد قتلك يكذبونك يقول بان ما تقول محال وكذب محض يضربونك بشدة وتكون منبوذا لانهم لم يكونوا على استعداد لمعرفة ما هو خارج الكهف وهم امام فكرة مغادرة الكهف في حالة رعب شديد لذا فانهم يفضلون ظلام الكهف وهو امر لايمنعك احيانا رغم خطر القتل من ان تقول بدوران الارض وبان الارض ليست مركزا للكون فاراد البعض حرقك في محاكم التفتيش لانهم ما زالوا يؤمنون بانهم مركز الكون وبانهم الالهة وغيرهم العبيد-فتقرران تبقى وحدك وتطلب من غيرك الرحيل كي تنسى ما فعلوه بك.