23 نوفمبر، 2024 4:25 ص
Search
Close this search box.

هل العراق علبة كبريت ؟!

هل العراق علبة كبريت ؟!

قبل يومين نشر لي موضوع بعنوان:(إلى متى ترفعُ عشائرُنا العراقية راياتِ الاحتلال العثماني ؟!)

وما أن نشر هذا الموضوع وإذا بانطلاق صوت كركوكي من أبناء الشعب العراقي التركماني القومية يتهجم بأسخف الألفاظ ، وكأني قد طالبت من العراقيين محو عبارة(الله أكبر) عن العلم العراقي ، أو كأني طالبت بمحو(النسر العربي) عن رئاسة الجمهورية العراقية !!!؟

هذا العراقي التركماني ؛ كما يبدو لي مما علق وكتب أنه ليس عراقياً ، لكن؛ تركي .. عثماني !!!

فما طالبت به من أبناء أمّتي ووطني العراق .. العشائر الكريمة ، هو إنزال (العلم الأحمر ذو الهلال والنجم الأبيضين)، ولم أطالب بإنزال (العلم الوطني العراقي)، وهو حق مشروع ، وتعبير إيجابي عن حرية الرأي التي يمارسها المواطن العراقي بعد إسقاط جمهورية الخوف الصدّامية ، ويشرّفني أن أدعو لهكذا حملة وطنية شريفة ، وأنا حفيد جدي الشيخ حسن الدخيلي الحجامي الذي أنزل العلم البريطاني عن مبنى قائمقامية قلعة سكر بلواء المنتفك ورفع علم العراق دون سابقة في ثورة العشرين الخالدة .

الكل يعرف بأن العراق رزح تحت نير الحكم العثماني للفترة (1534م ــ 1918م) وهي مدة ناهزت الأربعة قرون .. بمعنى أحكمت سيطرتها على عشرة أجيال من أجيال العراق خاصة ً ، وهي مدة ليست بالهيّنة على تحقيق ديماغوجية تركية عثمانية على هذا التوالي والتعاقب من أجيال الوطن ، بحيث أفرزت تأثيرها مرّتين .. مرّة ً ؛ عندما سلبت الإنسان العربي إرادته في تحقيق ذاته ،ومرّةً أخرى؛ عندما أشعرت المواطن العراقي أنه ليس مواطناً عراقياً ، بدليل ما يلازمه حتى يومنا هذا في شهادة الجنسية العراقية .. (تبعية عثمانية) ، بمعنى أن السلطان العثماني طبع إرادته على وثيقة التجنس العراقي أيضاً ، لا بما تركه من آثاره التي تلازم عشائرنا العراقية بغفلة وعدم إنتباه حسب ، وهي العشائر العربية الوطنية التي حاربت الإحتلال البريطاني ، وقارعت الديكتاتوريات ووقفت بحزم وثبات أمام وجوهها الكالحة عبر معارك تاريخنا الوطني الظافرة .

كم من الحكومات تعاقبت على العراق ، وهي تقرأ وتكتب في سجلاتها الرسمية ؛ هذا (تبعية عثمانية) ، وذلك (تبعية إيرانية) ، الذي ينتمي إلى التبعية الإيرانية سُفـِّرَ قبل طلوع الشمس ، أما الذي ينتمي إلى التبعية التركية فلازال يمرح ويلعب تحت الأضواء الكاشفة ، ولم يكفه هذا اللعب والمرح ، بل راح يحارب وينادد من يطالب العراقيين من أبناء عشائرنا الباسلة أن تنزل بقايا رموز الإحتلال العثماني عن رؤوس أبنائها الكرام ، وأن يرفعوا فوق رؤوسهم علم العراق العزيز .

لا أقول عموماً ؛ فمن أبناء القومية التركية مواطنون بامتياز .. مازالوا ينضحون وينزفون دماً عراقياً .. حالهم حال العراقيين من أبناء القومية الفارسية والكردية ووالأيزيدية والآثورية وغيرهم ــ هذا ظاهراً ـ ولا يعرف ما في السرائر غير الله تعالى ، لأنه الأقرب من حبل الوريد !!!

من هنا ؛ لابد لي أن أعيب على كل عراقي ينتمي إلى تراب هذا الوطن ، أو انتمى بمحض إرادته .. أجيالاً .. أجيالا ؛ أن لا يجعل موقفه مناوئاً من الموقف العراقي الصرف .. فهو عراقي المنشأ .. عراقي

المولد .. عراقي المأتى .. عراقي المصير ، وما يخالف هكذا شعور ، لا يعني إلا البعد عن الوطنية الشريفة .

ثم ؛ ما معنى أن يقول إنسان (أنا عراقي) وفي داخله يخبئ أفعوان العض واللسع واللدغ للعراقية التي كان قد أعلن انتماءه إليها .. ما معنى أن يكون الإنسان عراقي التنعم ، لكنه عثماني أو تركماني أو كردي أو فارسي أو آري أو أذري أو بلوجستي أو أرميني التناغم !!!؟

أليس الأجدر والأجدى بالإنسان الذي يتنعم ويعيش ويتلاقح ويتكاثر ويقتات ويلبس ويعيش ويموت على تربة وادي الرافدين أن يكون (عراقياً) أولاً وأخيرا !!!؟

والحالة هذه؛ فمن تناقضات الشخصية العراقية ، هذا التناقض المقيت ، ترى المواطن مواطناً عراقياً ، لكنه يخفي بين تلافيف عقله وولائه ذاتاً غير ذاته الظاهرة ، ما يجعله إنساناً مريضاً بالتشخيص السيكولوجي للطب النفسي ، فهو عراقي المظهر تركي الجوهر .. عراقي المظهر فارسي الجوهر .. عراقي المظهر أرميني الجوهر .. وهو عراقي المظهر كردي الجوهر .. وهكذا …!!!

ألا يعني هذا واقعاً ؛ إنَّ العراق علبة كبريت ، مالم يغسل دواخله من الإنتماءات التي تبعده عن وطنه العراق !!!؟ حقاً ؛ ((إنّ الفتنة نائمة ، لعن الله من يوقظها)) !!!

ولا أعني بهذا وجوب وإلزام العراقي أن يتنصل عن قوميته التي منها أتى ، ولكن ؛ يجب أن يكون العراق هو القومية الأسمى والأعلى والأرقى ، ومن ثم القوميات التي منها ينحدر العراقي !

عندما نؤسس إلى ثقافة (الوطن) .. ثقافة الوطنية الشريفة ؛ نحن بهذا نؤسس إلى (وحدة وطنية) تؤهلنا جميعاً لأن نؤسس دستوراً (عراقياً ـ عراقياً) ينضوي تحت لوائه العراقيون كافة .. عرب .. كرد .. تركمان .. أرمن … والله من وراء القصد ؛؛؛

أحدث المقالات

أحدث المقالات