خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
تحتدم حاليًا سوق المناظرات الانتخابية ومناقشات الخبراء حول انتخابات الرئاسة الإيرانية، كما يقوم المرشحون بعرض برامجهم الانتخابية في المجالات المختلفة؛ إذ من المقرر أن يتوافد المواطنون على صناديق الاقتراع يوم الجمعة، واختيار الرئيس الرابع عشر للجمهورية الإيرانية. بحسّب تقرير “مهدي حسن زاده”؛ المنشور بصحيفة (خراسان) الإيرانية.
في غضون ذلك، وبغض النظر عن الاستقطاب الانتخابي ووضوح ماهية المرشحين الأساسيين، فالسؤال الرئيس بخصوص الانتخابات: ما هي النقطة التي تمُّيز بين المرشحين ؟
البعد السلبي مازال يغلب على البعد الإيجابي..
ونظرة على المناقشات الانتخابية على مدار الأسبوعين الأخيرين، يتضح أن البُعد السّلبي مازال يغلب على البُعد الإيجابي فيما يخض هذا الموضوع. فالمرشحون يريدون البقاء بمنأى عن الانطباعات السلبية، مع الحفاظ على الانطباعات السلبية عن المنافسين.
فالمرشحون عند تقديم أنفسهم وبرامجهم يقولون ما ليسوا عليهم وما لن يُصبحوا عليه، بدلًا من أن يقولوا ما هم وماذا يريدون. ورُغم ما ينطوي عليه هذا التوجه السّلبي من قوة وضعف، لا يمكن الحديث عن مقدار موحد للتوجه السّلبي وانعدام التوجه الإيجابي للمرشحين، والسؤال: لماذا ينحو عالم السياسية والفضاء الانتخابي في بلادنا إلى هذا الاتجاه ؟
الفجوة بين النخبة والسياسيين..
ربما أمكن أن نعزو المسألة إلى الفجوة بين النخبة والسياسيين؛ فحتى النخبة التي دخلت مجال العمل السياسي، تلوث بعضها بالسلوكيات الشعوبية أو السياسة بنبرة عنيفة.
وهذه الفجوة تدخل من منفذ انعدام الحوار الجاد والحقيقي بخصوص القضايا الأساسية في الدولة، والطبيعي عند الشعور بالحوادث أن ننحو باتجاه الحوار الصريح للنخب التي تمتلك رؤى متفاوتة.
على سبيل المثال، بعد الاحتجاجات التي أدت إلى فوضى العام 2022م، اتجهت مؤسسة “الإذاعة والتليفزيون”؛ التي كانت تُعاني أوضاعًا خاصة خلال السنوات الأخيرة، ووجود نوع من الوحدة في الفريق الإداري بل ومقدمي البرامج التليفزيونية، نحت باتجاه إجراء حوارات حقيقية بين الأطياف المختلفة للنخبة في موضوعات ثقافية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية متباينة.
وقد تحولت هذه الحوارات بعد عرضها على الشاشة إلى محل نقاش للأوساط الفكرية والإعلامية بسبب انفتاح الرؤية فيما يخص توجيه الدعوات للضيوف الذين كانوا يتبنون أحيانًا ميول سياسية وثقافية متشددة. مع هذا فلم يستمر هذا التواجه.
الكلمة العليا للضغوط والنقاشات الهامشية..
هذا الفراغ وتورط النخب في مناقشات سياسية وثقافية والغفلة عن فتح أجواء تضارب الآراء وما طرحه المرشد قبل سنوات عن مفهوم مقاعد التفكير الحر، كان سببًا في أن الكلمة الأولى في صفوف الناخبين ليست للرؤى والأفكار؛ وإنما للضغوط والنقاشات الهامشية بشأن الأفراد، وفي ضوء هذه الأوضاع ترتفع مكانة الشائعات والتشّويه أكثر من الأفكار والبرامج.
والمتوقع للتخلص من هذا التوجه، أن نشهد على شاشات “الإذاعة والتليفزيون”؛ بل وكل وسائل الإعلام الأخرى، فتح أجواء تضارب الآراء، والنقاشات الجادة بين الرؤى المختلفة حول كيفية إدارة الدولة، والنقاشات الانتقادية في المجالات المختلفة.
في ظل هكذا أجواء سوف يتمكن أرباب الفكر من دخول ساحات النقاشات والحوارات، وتهميش البارعون في الحرب النفسية والمخربين، ومن ثم تغلب على الساحة السياسية النقاشات الإيجابية على التصريحات السلبية والتخريبية.